المنشور

ما الذي يجري في اليمن؟

إذا كانت الحكمة يمانية، كما يقولون، فإننا نبدأ باليمن في ملفنا الأسبوعي الجديد بـ’المشهد السياسي’ تحت عنوان/عناوين مثل: ‘حصاد الأسبوع’، أو ‘نهاية الأسبوع’، أو ‘كل جمعة’، وهي مسميات لشيء واحد تتناول قضية/قضايا ساخنة، ‘إقليمية/عربية/دولية’ ينبغي التوقف عندها مطولاً، وفق دلالاتها السياسية والاجتماعية والفكرية، وما إلى ذلك من تداعيات إيجابية كانت أم سلبية تتلاقى فيها وجهات النظر المختلفة، أو تتباعد. أما عن دورنا، وما تمليه علينا أخلاق المهنة في العمل الصحافي سنسارع بالقول: إننا ‘سننقل الكفر، ولكننا لسنا بالضرورة كافرين’.
ما الذي يجري في ‘اليمن الديمقراطي الموحد؟!’.. سؤال كبير لا ندعي امتلاكنا المقدرة في ملاحقة كل شاردة وواردة في هذا البلاد، أو في اختزال الإجابة عليه، وبالمثل لو كان السؤال كالتالي: ما الذي لا يجري في اليمن؟، لكن الأكيد، أن ما يشهده اليمن السعيد الذي من المفترض أنه ‘ديمقراطي موحد’، من حراك سياسي واجتماعي وأعمال عنف ترتفع وتيرتها وتنخفض، وأخيراً ظهور أصوات عالية تطالب علناً بانفصال الجنوب عن الشمال، لم تنزل هكذا (…) من السماء قاصدة هذا البلد بذاته! وعلى رأي ليّو تولسْتوي، الكاتب الروسي العظيم في رائعته الحرب والسلم ‘النهر يفيض دائماَ وينتهي إلى مصب، فأحياناً يصب في السلام، وأحياناً يصب في الحرب!’.
بالقطع، ما يجري في اليمن، ليس وليد المصادفة العمياء؛ لأن ينقسم بين فريقين ‘واحد يضع يده على قلبه خوفا على وحدته، وآخر يهلل لقرب انفصال جنوبه عن شماله’، فاليمنيون، من دون مزايدة أحدهما على الآخر، يتحدثون بلهجته ‘نشتهي الوحدة .. ولكن!’، تماماً كما قالها نائب رئيس الجمهورية السابق علي سالم البيض قبل 15 عاماً أثناء محادثاته مع المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، أو ما جاء على لسان القيادي اليمني الشيخ ‘سنان أبو لحوم’ منذ فترة، في مقابلة مع ‘قناة الجزيرة’ بقوله ‘إن البيض لم يكن يريد الحرب أو الانفصال لكنه اضطر إليها’، وربما رصد تصريحات وشواهد عدة لهذا الفريق أو ذلك تنتهي إلى مصب ‘تعزيز الوحدة أو تفكيكها’، غير أن القضية، وهذه المخاوف على الوحدة لم تنفجر منذ أسبوع حين ظهر ‘البيض’ ليعلن تأييده وقيادته لـ’ مطالب الانفصال السلمية’ بعد عقد ونصف من الصمت المطبق منذ خروجه إلى خارج اليمن، بسبب تداعيات تلك الحرب المجنونة في صيف ,1994 وبالمثل لم تنفجر بلقاء ديني لـ ‘800 سلفي كانوا إلى وقت قريب لا يتدخلون بالسياسة، في مؤتمرٍ يصطفون فيه مع الرئيس اليمني علي صالح ضد دعاة الانفصال في الجنوب’، وإنما هذه المسألة تحتمل تساؤلات عديدة كانت تختمر داخل مدن صنعاء وعدن وحضرموت وردفان والضالع، حتى أصبحت تشغل الشارع اليمني والعربي أيضا.
نحاول في هذا الملف، تسليط الضوء على أصل المشكلة بآراء (رسمية، ومستقلة، ومعارضة) لبعض خيرة مثقفي اليمن، نشرت في أعداد سابقة العام الماضي في ‘الوقت’، وذلك من باب حرصنا الأكيد مثل بقية اليمنيين على مصلحة اليمن، وعلى وحدته، التي ينبغي أن تظل واقفة على قدميها بالحوار والحكمة اليمنيتين، وإن تخلل رؤيتهم قولاً جارحاً لهذا الطرف أو ذلك.
 
صحيفة الوقت
5 يونيو 2009