المنشور

خليل زينل لـ ” الوطن “الفصل سيستمر وإن حققت البنوك أرباحاً .. أعــداد كبيرة مـن المصــرفيين علـى قـائمـة انتظار التسريح


  
 
أكد رئيس نقابة المصرفين خليل زينل وجود أعداد كبيرة من الموظفين في القطاع المصرفي على قائمة انتظار الاستغناء. وخصوصاً في البنوك الاستثمارية التقليدية .
واعتبر زينل أن البنوك تنتظر الوقت المناسب للشروع في الفصل، حتى وإن حققت أرباحاً. رافضاً تحديد نسب معينة لاختلاف أوضاع البنوك المالية .
وانتقد زينل سياسة ترشيد المؤسسات المالية التي تستهدف صغار الموظفين البحرينيين دون المساس بالأجانب وأوضح في أول حوار له بعد الأزمة المالية لـ’الوطن’، تبتكر المؤسسات طرقاً للاستغناء عن الموظفين منها الفصل، والتقاعد المبكر، وترك المناصب شاغرة، كما تعمل بعضها على تقليص الرواتب والنيل من امتيازات العاملين، نافياً في الوقت ذاته أن يكون تقلص العمل سبباً في الفصل. داعياً إلى تدوير الموظف إلى الإدارات التي يزداد العمل فيها، ومتوقعاً أن يتراجع التوظيف في القطاع 10٪ بسبب الأزمة .
وتخوف زينل من ضياع حقوق الموظفين وامتيازاتهم بسبب الاندماجات والاستحواذات. لافتاً إلى أنه لا يحق لمؤسسة حققت ربحاً حرمان الموظف من ‘ البونس’. مشيراً إلى أن للموظف المطالبة الرسمية به .
ولفت زينل إلى أن رغبة الاقتراض لدى المستهلك تراجعت بسبب الأزمة، والتبعات التي يخلفها القرض. متوقعاً استمرار التراجع 10٪ في الفترة المقبلة . 


 
حاوره – إيهاب أحمد

” الوطن ” : كيف أسست نقابة المصرفيين؟ 

  زينل :    جرت محاولات عديدة لتشكيل إطار قانوني يخدم القطاع المصرفي خصوصاً فبفترة السبعينات، حيث نشط العاملون في أحد البنوك التجارية لإنشاء نقابة للدفاع عن حقوقهم، إلا أن هذا المشروع لم يكتب له النجاح، وجرت محاولات أخرى مطلع التسعينات، ولم يصادفها النجاح أيضاً .
وكانت النواة الأولى لتأسيس جمعية العاملين في القطاع المصرفي جهة مهنية وليست نقابية تعمل تحت مظلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية -وزارة التنمية الاجتماعية حالياً- حتى صدر المرسوم الملكي رقم 33 في ,2002 وغير اسمها إلى نقابة المصرفيين. وعقد الاجتماع التأسيسي الأول في .2003 وبذلك تكون هذه هي الدورة الثالثة للنقابة – كل سنتين .


” الوطن ” : كم عدد أعضاء النقابة حالياً؟

  زينل :    المنتسبون للنقابة قرابة 500 موظف يشملون العاملين في جميع المصارف والمؤسسات الخدمية، إضافة إلى إمكانية دخول من يريد يدخل تحت مظلة مصرف البحرين المركزي، كالعاملين في مجال الصرافة، باستثناء أصحاب المناصب القيادية الذين ينتمون لجمعية المصرفيين، والعاملين في قطاع التأمين الذين ينضوون تحت  جمعية التأمين، ويشكلون10٪ من العاملين في القطاع، والبالغ عددهم قرابة 14 ألف موظف، بحسب آخر مسح لمصرف البحرين المركزي . 

النقابة تحمي حقوق العاملين   

” الوطن “: ما الفرق بين عمل النقابة وجمعية المصرفيين؟

  زينل :    نقابة المصرفيين جهة شبه إدارية تضم كل مستخدم من غير راسمي سياسات البنوك، وتهدف إلى حماية حقوق العاملين، وتطوير قدراتهم المهنية، إضافة إلى بناء جسور التواصل مع إدارات البنوك، ووزارة العمل، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، ومؤسسات المجتمع المدني، والجهات الرسمية لحفظ حقوق الموظفين .
أما جمعية المصرفيين فهي جهة مهنية تمثل رؤساء مجلس الإدارات أو من ينوب عنهم في البنوك العاملة بالمملكة، وأسست في 1979 وتضم في عضويتها 94 بنكاً، وتهتم بمصالح البنوك وبالسياسة والأنظمة المصرفية والاستثمارات، وبعض القضايا الاقتصادية ذات الصلة بالبنوك فيما يخص مصالح إدارات البنوك دون الاهتمام بحقوق الموظفين .


” الوطن “: ما خططكم لتقوية دور النقابة؟  

  زينل :    من الأمور على نركز عليها في خطتنا لتقوية دور النقابة القيام بزيارات رسمية لتجديد العلاقة والتعريف بالنقابة، ويشمل برنامج الزيارات القيادات السياسية، ومصرف البحرين المركزي، وبعض إدارات البنوك، لإعادة الصلة بها، ولإزالة حالة التهميش التي نعاني منها، كما إن لدينا برامج للتوعية وتثقيف الموظفين في القطاع .


” الوطن “: ما قراءتكم للأزمة المالية؟

  زينل :    تعتبر هذه الأزمة هي الأقوى عالمياً، فأزمة عام 1929 والتي استمرت حتى 1934 ساهمت في حدتها الحرب العالمية، أما هذه الأزمة فأخذت تجليات مالية واقتصادية وحقوقية واجتماعية حين ضربت قلب النظام الاقتصادي العالمي في امريكا ‘وول ستريت’ وأدت لاختفاء شركات في ساعات . 
       ونتجت هذه الأزمة هي ترسبات المفاهيم السابقة الخاطئة للعمل الخاص، الذي عمل دون ضوابط أو قيود منذ أن رسخ  النظام الرأسمالي، وترك المجال للاستثمار والمستثمرين، وبدأت الترهلات في الأسواق العالمية، لتعود الدول العظمى لتقييد حرية القطاع الخاص بتأميم بعض الشركات .


الموظف أول المستهدفين

 ” الوطن” : كيف تقيّمون معالجة المؤسسات لتبعات الأزمة؟

زينل :     طريقة تعامل المؤسسات مع الأزمة مهمة جداً كي لا تؤثر على أداء المؤسسة، ولا أعرف لماذا يصبح البند الوحيد لترشيد الإنفاق هو الرواتب والموظفون، رغم وجود أمور أخرى يمكن ترشيدها بشكل كبير، ولماذا صغار الموظفين هم  الضحايا ولا ‘ترشيق’ ولا ترشيد في أجور التنفيذيين. وينبغي أن يكون الترشيد في جميع النفقات، وآخرها بند الأجور  والرواتب بعد النظر في رواتب التنفيذيين راسمي السياسات، المسؤولين عن الأزمات، ولا نلقي باللوم على المسؤولين، فالأزمة فوق قدرات الجميع، رغم أن جزءاً منها يتحمله القائمون على البنوك، فالأزمة أضرت بمنتج واحد من منتجات  البنوك، ما يعني أنها كانت تفتقر للموازنة،وأن هذه المخاطر قديمة وكان يجب الانتباه لها، ووضع ضوابط للتعامل معها،  ثم لماذا لا تأخذ من الاحتياطي لتوفر رواتب الموظفين بدلاً من فصلهم .

” الوطن “: ما انعكاسات الأزمة على العاملين في القطاع؟

  زينل :    تسببت الأزمة في تسريح 47 شخصاً في بعض البنوك، حيث سرح بنك ادكس 19 موظفاً، فيما استغنى انفرست كورب عن 28 موظفاً منهم 13 بحرينياً .

 

” الوطن “: ماذا عن آخر مفاوضات النقابة بخصوص التسريح؟

  زينل :    نتفاوض مع بنك استثماري تقليدي يتخذ من البحرين مقراً ويريد الاستغناء عن قرابة 100 موظف في وحداته الخارجية، وهو ما أوجد قلقاً لديهم، بسبب مخاطبة المسؤولين إياهم بشكل غير رسمي .


” الوطن “: هل تتوقعون استمرار الفصل؟  

  زينل :    لم ينته مسلسل الفصل بعد، فهناك أعداد كبيرة على قائمة الانتظار، وبعض البنوك تسعى لإقالة موظفيها، إلا أنها تنتظر الوقت المناسب، لذلك نحن على صلة مع موظفي البنوك، حيث شكلنا لجاناً نقابية مصغرة في معظم البنوك تتكون من   خمسة أفراد كحد أقصى، لتكون حلقة الوصل بين إدارة النقابة والبنك .  


” الوطن “: ما النسبة المتوقعة للفصل في هذه الفترة؟

  زينل :    يصعب تحديد نسبة للفصل بسبب اختلاف أوضاع البنوك المالية، وسيستمر هذا المسلسل حتى لو حققت المؤسسات  أرباحاً في الفترة المقبلة، وستظهر هذه العمليات بوضوح متى أظهر أي بنك تعثره .


” الوطن “: أي البنوك من المتوقع أن تظهر فيها نسبة الفصل أكبر؟


  زينل :    لعل أقل البنوك حظاً من الفصل البنوك التجارية التي تتعامل مع الأفراد في حين أن النسبة الأكبر ستكون في البنوك الاستثمارية. وخصوصاً التقليدية، وأكثر الموظفين المرشحين للفصل العاملين في الوحدات الخارجية التي تتعامل مع الأسواق العالمية. ما يجعل إلغاء الوحدة أو تقليص عدد العاملين فيها أمر وارد .


” الوطن “: هل يفقد القطاع المصرفي بريقه بسبب الأزمة؟ 

  زينل :     لم يعد القطاع المصرفي بنفس القوة التي كان عليها منذ عقد، حيث قلت امتيازاته ليصبح قطاع البرمجيات والعقارات الأكثر بريقاً. وأصبحت البنوك في المرتبة الثالثة من حيث مستوى الأجور .

 



ا

لبنــوك وطــرق للتخلص من موظفيها


” الوطن “: هل هناك طرق أخرى غير الفصل المباشر لتقليص العمالة؟

  زينل :    نعم، هناك طرق أخرى للاستغناء عن العمالة فبعض البنوك تسرح موظفيها بطريقة غير مرئية ودون وجود مخالفات قانونية، وتتحايل لتخرج العامل بأقل المكاسب. ومن صور التسريح أنه عند استقالة موظف من المؤسسة التي يعمل بها لا يتم توظيف بديل .
ورصدت النقابة منذ فترة وجيزة نوعاً آخر من الفصل. حيث قامت مؤسسة مالية إسلامية بتخيير موظفيها بين خفض الراتب بنسبة وصلت إلى 40٪ أو التسريح. وتم التوافق بين المؤسسة والموظفين على تقليص الراتب .
وهناك شكل آخر للفصل هو التقاعد المبكر، وهو الأكثر استخداماً حيث تقدم حزمة من المنافع والمزايا بحيث لا تتعارض مع القانون لإغراء الموظف بالتقاعد .


” الوطن “: ما وجه اعتراضكم على التراضي بين الجهتين؟

  زينل :    نعترض على تقليص الراتب الذي يتم على مضض من الموظف، لأن أي توافق على أمر كهذا، يجب أن يتمتع فيه الطرفان بنفس القوة التفاوضية، وأن تكون المفاوضات جماعية بين أطراف الإنتاج، بوجود النقابة التي تقوم بحفظ حق العامل، كما هو معمول به في الدول الأوربية. ويجب أن تكون هذه التسوية بتراض قانوني عبر توثيق هذه الاتفاقيات، وليس من موقع القوة، وإرهاب الموظف الذي لا يستطيع أن يذهب لوزارة العمل خوفاً من عواقب الأمر. وتخشى النقابة أن ينتشر هذا الأمر ليصبح عرفاً لدى المؤسسات المالية .
ثم لماذا يكون الخيار الأول والوحيد هو تقليل رواتب الموظفين، دون النظر في المصاريف الأخرى التي يمكن أن تقلص، لذلك ينبغي أن يوجد في مثل هذه المفاوضات محللون محايدون، ينظرون في القوائم المالية للمؤسسة، ويبحثون عن الخيارات التي سيكون آخرها المساس بحقوق الموظف .

 ” الوطن “: هل تعتبرون عدم تعيين بديل للموظف نوعاً من التسريح؟  

 زينل :    ما يقال عن تقليص حجم الوظائف أمر غير صحيح، فانخفاض عدد الموظفين في إدارة ما، يرفع عددهم في أخرى، كأن يتقلص في الخزينة ويرتفع في التحصيل نتيجة التعثر في السداد .
ثم الموظف غير مسؤول عن برامج وخطط واستراتيجيات البنك التي أخطأت في تقديرات حجم الأزمة المالية، ولماذا يتحمل تبعة قرار هو غير مسؤول عنه، فمجلس الإدارة قرر توسيع قاعدة الموظفين، والموظف لم يقصر في عمله، فلماذا يكون أول الضحايا .

البحريني لقمة سائغة


” الوطن “: هل يصبح البحريني لقمة سهلة للفصل؟

  زينل :    في الحقيقة إن الواقع يجعل الاستغناء عن البحريني أمراً سهلاً مقارنة بالأجنبي، رغم أن الترتيب في الاستغناء ينبغي أن يبدأ بالأجنبي فالعربي ثم البحريني. وتحتفظ المؤسسات بالأجنبي مع أن راتبه أضعاف راتب المواطن بل قد يصل مجموع رواتب موظفين بحرينيين لراتب مسؤول أجنبي واحد .
وترجع صعوبة فصل الأجنبي (غير العربي) والأوروبي خصوصاً إلى وضعه القانوني، حيث يبرم اتفاقات في بلده تضمن له حقه حال الاستغناء عنه. إضافة إلى الدعم الذي تقدمه سفارته، كالاستشارات القانونية. أما العامل الآسيوي فيسهل الاستغناء عنه، إذ يتنازل عن حقوقه عند إغرائه ببعض الأمور. في حين أن البحريني لن تكون له قوة الموظف الأجنبي، ولن يجد من يفاوض عنه، ويدافع عن حقوقه بنفس القوة التي تدافع بها حكومة الأجنبي عنه، لذلك أدعو الجهات المسؤولة إلى تفعيل تحفظهم بعدم المساس بالأمن الوظيفي للبحريني، والمؤسسات إلى تفعيل سياسة تدوير الموظف بدلاً من الاستغناء .
  ولما للفصل من انعكاسات خطيرة على المجتمع تنعكس من مجرد بعد وظفي إلى اجتماعي، وتسعى وزارة العمل للحفاظ على بقاء الموظف البحريني في عمله . 

” الوطن “: هل هناك أثر لعمليات الاندماجات على الموظفين؟

  زينل :    يؤثر الاندماج والاستحواذ على وضع الموظفين في بعض الأحيان، حيث يحرمون من بعض المزايا التي تتفاوت من مؤسسة لأخرى، مثل الإجازات التي تختلف بين المؤسسات. رغم أن القانون نص على أنها 21  يوماً إلا أنها تصل في بعض الأحيان إلى 30 يوماً. وغيرها من الامتيازات المادية والمعنوية، ورغم أن القانون لا يسمح بحرمان الموظف من امتيازاته على اعتبار أنها حقوق مكتسبة، لذا ينبغي أن يحفظ حق الموظف في الامتياز عند الدمج. إلا أن الموظف يضطر للتنازل عن امتيازاته مقابل استمراره في عمله .

البونس حق مكتسب


” الوطن “: هل يحق للمؤسسة حرمان الموظف من البونس بسبب الخسائر؟  

  زينل :    منح الموظف ‘ البونس’ هو عرف معمول به، ومتى تقاضى الموظف هذا الحق 3 مرات يصبح حقاً مكتسباً له المطالبة به قانوناً، متى أثبت رسمياً حصوله عليه، إلا في حال خسارة المؤسسة .
ويعد البونس مكافأة مربوطة بأداء العامل، وكلما زاد العمل ارتفع مقدار المكافأة. ولا ننسى أن لهذه المكافآت أثر نفسي على أداء الموظف، حيث يبذل قصارى جهده لخدمة المؤسسة، ما ينعكس إيجاباً على أرباح البنك .


10٪ تراجع العاملين والإقراض  


” الوطن “: هل سينخفض مستوى التوظيف في قطاع البنوك؟

  زينل :    بطبيعة الحال فإن التوظيف في قطاع البنوك سيتراجع في أحسن تقدير 10٪ لأسباب منها: انكماش النشاطات الاقتصادية بسبب الأزمة. ومحاولات تقليص العاملين في القطاع. وستقود عملية الاندماج واستخدام التكنولوجيا إلى تقليل عدد العاملين ما سيخفض متوسط الأجور، وعموماً إذا نظرنا لحركة التوظيف هذا العام نجدها قليلة، مقارنة بخمس سنوات مضت، حيث كان معدل التوظيف 1000 فرد سنوياً .


” الوطن “: هل تلغي الأزمة تدريب الكوادر البشرية؟ 

  زينل :     يلزم قانون العمل المؤسسات بتدريب موظفيها، وتطوير قدراتهم المهنية، لذلك لا تستطيع أي جهة إلغاء التدريب. ولكن تقليص حجمه فقط .

” الوطن “: كيف أثرت الأزمة على الإقراض؟  

  زينل :    لا شك أن وجود أزمة مالية سيتسبب في تعثر سداد القروض وإيجاد أزمة أخرى في عملية الإقراض. ومتى بنيت عملية الإقراض على أسس غير صحيحة، فإنها ستتعثر-كما كان يحدث في السابق- من رفع مدة الإقراض، واحتساب العلاوات في الراتب الأساسي، حتى أصبح عرفاً معمولاً به في بعض المؤسسات .
كما أدت الأزمة إلى صعوبة الإجراءات في القروض الشخصية والتجارية. كما إن رغبة الاقتراض لدى المستهلك تراجعت، لما يشكله من ثقل على ميزانية المستهلك، وأصبح لجوؤه للقروض الشخصية لحاجياته الملحة كما عزف صغار المستثمرين عن القروض الاستثمارية، نتيجة لتراجع أسعار العقارات. وأتوقع أن تتراجع عملية الإقراض 10٪، كما إنه كلما زادت نسبة التسريح زاد التعثر في سداد القروض
 
الوطن 18 مايو2009