المنشور

كيف مر يوم الصحافة العالمي؟ (1)

* القيادة السياسية والصحافة
لربما تكون بلادنا، مملكة البحرين، من الدول العربية القليلة التي تولي اهتماما فائقا للاحتفال بمناسبة يوم الصحافة العالمي على الصعيدين الرسمي والشعبي معا بما يليق وعظمة هذه المناسبة العالمية التي تعكس مكانة “السلطة الرابعة” في المجتمع وما تلعبه من دور محوري فائق الاهمية في الحياة السياسية في أي دولة تحظى فيها الصحافة بذلك الاهتمام.
فعلى الصعيد الرسمي فإن الاهتمام بهذه المناسبة جاء معبرا عنه على أعلى مستوى في الدولة ممثلا على وجه الخصوص في الكلمة السامية التي وجهها جلالة الملك ونشرتها صحافتنا المحلية في يوم المناسبة نفسه الموافق 3 مايو 2009، وكذلك في اللقاء الذي عقده سمو رئيس الوزراء قبل أيام قليلة من المناسبة ذاتها مع رؤساء تحرير الصحف المحلية. ففي الكلمة التي وجهها جلالة الملك بمناسبة “اليوم العالمي لحرية الصحافة” أكد جلالته ان المشروع الاصلاحي ثبّت أهمية الصحافة باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الحوار والتنمية والتطوير.
وأضاف جلالته: “ان البحرين تحث الخطى نحو أفق من التطلع الديمقراطي يحافظ على توهج المكتسبات في الذاكرة، ويجسد الاشعاع الدائم لمبادئ وقيم الاصلاح التي آلينا على أنفسنا، قيادة ومواطنين، ان نعززها ونؤكدها، من خلال الحفاظ على شراكة رؤيوية واحدة عمادها الميثاق والدستور ومؤسسات التمثيل الشعبي، وهي خيارنا الذي لا نحيد عنه، ورائدنا في استكشاف درب الغد المشرق دوما بإذن الله”.
كما أكد جلالته ان “حرية الرأي والتعبير صيانة لا تقبل المزايدة، مضمونة بموجب الدستور والقانون”. كما أشار عاهل البلاد الى ان الاحتفال بيوم الصحافة يأتي في ظل سعي السلطتين التشريعية والتنفيذية الى تحقيق أقصى حد من الأمان والحماية والحرية للصحافة والصحفيين في اطار القانون، وتنظيم الاطر الاجرائية التي ترتب ممارسات العمل الصحفي.
وأكد الملك استمرار العمل معا لتطوير المشهد الاعلامي واستكمال أدواته وفقا للمعايير المهنية وثقافة المجتمع. أكثر من ذلك فقد دعا جلالته الى اطلاق مبادرات مجتمعية وحكومية من أجل تعزيز دور الصحافة في حماية الوحدة والسلام الاجتماعي وتطوير مفهوم الاعلام المدني الذي ينمي الشعور الوطني الصحيح والمساند لروح المسئولية الوطنية القائمة على أمانة الكلمة ووازع الضمير.
ولئن كان ذلك أبرز ما تضمنته كلمة جلالة الملك من مضامين مهمة واضحة في الدفاع والتمسك بحرية الصحافة كركيزة أساسية من ركائز مشروعه الاصلاحي، فإن لقاء سمو رئيس الوزراء الذي عقده مع رؤساء تحرير الصحف المحلية لم يقل أهمية ووضوحا في التعبير عن كل تلك المضامين والقيم وفي التمسك والدفاع عن حرية الصحافة التي تسمى مجازا بـ “السلطة الرابعة” تقديرا لدورها الرقابي اسوة بالسلطات الثلاث الدستورية في الدولة الحديثة.
* * *
} رئيس الوزراء ورؤساء التحرير
التقى سمو رئيس الوزراء رؤساء تحرير الصحف اليومية عشية الاحتفال بـ “اليوم العالمي لحرية الصحافة” وجرى اللقاء تحديدا في يوم الاربعاء الموافق 29 ابريل .2009 وتميز هذا اللقاء كالعادة بالحيوية والتفاعل مع رؤساء مؤسسات “السلطة الرابعة”، وكانت أحاديث سموه المسهبة وحواراته خلال اللقاء تنم ليس فقط عن تقدير سموه الشديد للدور الكبير الذي باتت تلعبه صحافتنا في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، بل تنم أيضا عن احساس عميق ووعي كبير بأهمية تفعيل ذلك الدور باعتبار الصحافة أداة محورية لنهوض الأمم وتحريك دورتها الدموية واكتشاف كوامن صعودها وكوامن الكوابح التي تحد من انطلاقتها متجلية في الاخطاء والسلبيات التي قد تحدث في أي سلطة من السلطات الأربع: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، و”الصحفية” كسلطة رابعة مجازا تقديرا لدورها الكبير الرقابي الفائق الاهمية.
وما كان سموه ليعي ويؤمن بهذا الدور الكبير الذي تلعبه الصحافة في نهضة الامم وفي تصحيح مسيرات الدول لولا تجربته الثرية الطويلة ضمن القيادة السياسية للدولة على امتداد ما يقرب من نصف قرن، فضلا عن سعة أفقه وإلمامه الثقافي والاعلامي والصحفي. وفي ذلك اللقاء أكد سموه ان صحافتنا المحلية تركت أثرا بارزا في الوعي المجتمعي، وأفرزت العديد من الاقلام الجديدة التي هي اليوم مصدر فخر واعتزاز بما تقدمه من اسهامات تشكل جزءا فاعلا في المجتمع.
ومن الكلمات البليغة المأثورة المرتجلة التي اطلقها سموه خلال لقائه المفتوح مع رؤساء التحرير قوله: “إن الصحافة هي من يطلق النور عبر الظلام”. وأضاف سموه: “ونحن نعتز بأن صحافتنا تشكل عنصرا محوريا برصدها لمسيرة الخير والنماء، التي تعيشها المملكة ومتابعتها لكل قضايا الوطن”، كما جدد سموه خلال اللقاء الترحيب بالنقد الرصين الذي تمارسه الصحافة والمتأسس على الموضوعية.
وبطبيعة الحال ثمة نقاط عديدة أخرى عبر عنها سمو رئيس الوزراء خلال لقائه المهم المثمر مع رؤساء التحرير عن تمسكه وإيمانه بحرية الصحافة مما لا يتسع المجال في هذه العجالة للإشارة اليها وتحليلها، وكان من اللافت الذي أحسبه مريحا لرؤساء التحرير ويتسم بالحيوية والتجديد في بروتوكول اللقاء ان اجتماع سموه معهم جرى على طاولة مستطيلة تصدرها سموه.
وإذ جرت بالاضافة الى كلمة جلالة الملك المفدى ولقاء سمو رئيس الوزراء احتفالات وفعاليات أخرى على الصعيد الرسمي ذاته ممثلة في وزارة الاعلام خصوصا، فماذا عن الاحتفال بالمناسبة على الصعيد الشعبي، وتحديدا الصحافة؟ وكيف عبرت في هذه المناسبة عن تطلعاتها وآمالها؟
 
صحيفة اخبار الخليج
12 مايو 2009