المنشور

قمم واُمم !! (2 – 1)

منذ انطلاقة العام الميلادي الحالي وتحديدا بعد انتهاء الحرب المجرمة على غزة عقدت قمم عربية وإقليمية ودولية عديدة، تم خلالها تناول الكثير من القضايا والترتيبات أو الإجراءات التي فرضتها أحداث إقليمية ودولية اقتصادية وسياسية لكل قمة من القمم التي نحن بصدد الحديث عنها في هذه العجالة. فعلى خلفية ما جرى من خلافات حول تزامن ما أطلق عليه بقمة غزة في الدوحة والتي سبقت قمة الكويت، بهتت الآمال حتى قبل انعقاد قمة الكويت الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والمنتظرة منذ فترة نظرا لما تحمله من آمال عربية في بلوغ ولو الحد الأدنى من التعاون الاقتصادي العربي باعتباره الرافعة الحقيقية للتعاون العربي المشترك، حيث جاءت أجندة القمة مليئة بالمشاريع الواعدة، وكنا نعشم أنفسنا نحن العرب بأن تشهد القمة بداية عصر جديد من التعاون البناء بين دولنا العربية انطلاقا من أرض الكويت التي لها إسهامات ناصعة تجاه العمل العربي المشترك، فقد كانت المشاريع النوعية التي عرضت على القمة تحتاج بدورها لجهود استثنائية وتركيز بدلا من حالة التشويش والإرباك التي شابت أجواء القمة جراء رعونة أوضاعنا العربية، فرغم التبرع السخي الذي بلغ 500 مليون دولار الذي قدمته الكويت ضمن مبادرتها التنموية لتوفير الموارد المالية اللازمة للمشاريع التنموية العربية تحت إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومشاريع الربط الكهربائي ومشروع السكة الحديد والأمن المائي والغذائي وبرنامج دعم التشغيل والحد من البطالة العربية والبرنامج العربي للحد من الفقر في دولنا العربية وبرنامج تنفيذ أهداف الألفية التنموي ومشاريع تطوير التعليم والرعاية الصحية علاوة على تفعيل دور القطاع الخاص في الوطن العربي، بالإضافة إلى المساعدات التي قدمتها كل من الكويت والسعودية وقطر والبحرين وغيرهم من الدول العربية لدعم إخواننا في غزة كل بحسب إمكاناته المادية المتاحة، أقول على الرغم من أهمية تلك القمة وما عرض خلالها من مشاريع إلا أن الآمال المعقودة على إمكانية أن تكون قمة الكويت نقطة تحول قد أصيبت في مقتل حتى قبل أن تبدأ القمة، وذلك بفعل أوضاعنا العربية المرتبكة والمشوشة بدرجة كبيرة، رغم انها عقدت في أجواء عالمية ضاغطة بشدة علينا وعلى العالم بأسره جراء تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية التي لا زالت تضرب اقتصاديات دول العالم الغنية منها قبل الفقيرة، إلا أن قمة الكويت لم تترجم شيئا من ذلك على ارض الواقع وتبدى الإحساس العام لدى رجل الشارع العربي والنخب أيضا أن القمة لم تؤت ثمارها كما كان متوقعا لها من قبل وذلك ببساطة نتيجة حدة الخلافات التي تحكم علاقاتنا العربية باعتبارها المعوق الأساسي أمام أي تقدم عربي اقتصادي أو سياسي. كذلك مرت أحداث القمة العربية الأخيرة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة أيضا دون أن يشعر أحد بها بحيث أضحت فرصة لمزيد من المزايدات التي يبديها بعضهم من خلال خطبهم العصماء التي كثيرا ما تتحدث بمنطق لا يمكن لأي عاقل أن يستوعبه من أولئك الذين يسهبون في الحديث عن ديمقراطية أنظمتهم وحرصهم الشديد على مسائل حقوق الإنسان وقيم العدالة ومحاربة الفساد وتحقيق الرفاه الاقتصادي المزعوم لشعوبهم والتأكيد على أهمية تفعيل التعاون المشترك بين دولهم، حتى بتنا نرى طحنا وجلبة تصم الآذان ولكننا لا نلمس لكل ذلك من أثر أو نتيجة. (يتبع)
 
صحيفة الايام
3 مايو 2009