المنشور

« أجـــراس »

وسط حضور جماهيري كثيف، بينه جمهور من الأشقاء السعوديين أيضاً، امتلأت به عن آخرها الصالة الثقافية، أحيت فرقة «أجراس» البحرينية بمصاحبة فرقة البحرين للموسيقى حفلا رائعاً مكرساً لفلسطين بمناسبة الاحتفالية العربية بالقدس عاصمة للثقافة العربية.

 وكان أداء «أجراس» في مستوى توقعات جمهورها الذي افتقد طويلاً هذه الفرقة الرائدة التي شكلت علامة من علامات الثقافة الديمقراطية والفن الملتزم في البحرين، وكان لها في السنوات الصعبة دور كبير في إيقاظ الحس الوطني والإنساني ورفع الهمم والمعنويات، وفي إظهار الطاقات الخلاقة لأبناء وبنات هذا الوطن في المجالات الإبداعية.

نشأت «أجراس» واستمرت قريبة من مشاعر الناس وتوقهم وفرحهم وشجنهم، ووسط محيط من الإسفاف والفن الاستهلاكي، حافظت الفرقة على تميزها وعلى صدقيتها الفنية في تقديم موسيقى وأغان معبرة عن الوجدان الشعبي، وقاومت هذا المحيط المُحبط، لذلك استحقت محبة الناس وتقديرهم. ورغم انقطاع الفرقة الطويل عن الظهور أمام الجمهور، فان هذا الجمهور أظهر في احتفالية القدس وفائه للفرقة واعتزازه بها وتقديره لفنها، وهو ما تجسد في كثافة الحضور في الحفل.

 من عباءة «أجراس» خرجت مواهب موسيقية وغنائية لها مكانتها في المشهد الفني في البحرين، فإضافة إلى مؤسس الفرقة ووجهها الأبرز الفنان المعروف المشهود له بالمواقف الوطنية المشرفة سلمان زيمان، الذي دخلت أغانيه الذاكرة الغنائية البحرينية، هناك المايسترو خليفة زيمان دينامو «أجراس»، وقائد فرقة البحرين للموسيقى اليوم الذي أعاد توزيع الأغاني التي قدمت في الحفل بروح جديدة مُتقنة، وهناك الفنانة هدى عبدالله صاحبة الخامة الصوتية الرائعة، والتي قدمت هي الأخرى عدداً من الأغنيات التي يعرفها الجمهور جيداً، والتي شاركت في مشاريع غنائية وفنية ومهرجانات موسيقية عربية وإقليمية.

ولن يتسع المجال هنا لتعداد كل أعضاء الفرقة، لكن لا يمكن أن ننسى بعض الموسيقيين من أعضاء الفرقة الذين قدموا لها ألحانا أحبها الناس مثل محمد باقري ملحن أغنية «يا بو الفعايل يا ولد» كلمات الشاعر علي عبدالله خليفة، وعلي الديري ملحن أغنية: «بابل»، وعبدالوهاب تقي وآخرين غيرهم. ولا تفوتنا الإشارة إلى الموسيقار المبدع المناضل مجيد مرهون، الذي كانت خطوته الأولى بعد أن أنهى سنوات سجنه المؤبد وخرج إلى الحرية للانضمام إلى فرقة «أجراس»، حيث استقبله جمهور حفلاتها في تلك السنوات الصعبة باستقبال يليق باسمه وبدوره الوطني ومكانته الفنية، وقد حيته الفرقة في بدء احتفالية «القدس» بعزف مقطوعته الموسيقية بعنوان: «فلسطين الثائرة» قدمها الفنان أحمد الغانم على الفلوت.

محبو»أجراس» وجمهورها الذي أبهجته إطلالتها الرائعة في احتفالية القدس في الصالة الثقافية نهاية الأسبوع الماضي يتطلعون لأن تكون هذه الإطلالة بداية عودة للفرقة بروح جديدة وبدماء جديدة تواصل المسيرة الثرية للفرقة. وفي هذا المجال نتمنى من معالي وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة مساهمة الوزارة في إعادة تقديم الحفل الأخير في عواصم خليجية أخرى، في إطار المشاركة البحرينية في إحياء احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، وتأكيداً لما تحمله البحرين، في مجالي الثقافة والفن، من تعابير ومشاعر تضامنية مع الشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة. ونحن على ثقة من أنها لن تذخر جهداً في هذا المجال لما نعرفه عنها من حرص ومثابرة.

20 ابريل 2009