المنشور

فكأنما قتل الناس جميعا


النفس البشرية محترمة ومكرمة عند خالقها، ولا يجوز لأي مخلوق أن يعتدي على مخلوق آخر من أجل قتله أو تعذيبه أو إهانته، ولا يوجد أي تبرير سياسي أو غير سياسي مقبول لأي عمل ينتج عنه ما يخل بهذا المبدأ القرآني العظيم «… أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً…» (المائدة: 32).

ويوم أمس التحق إنسان إلى الرفيق الأعلى، أخ باكستاني اسمه شيخ محمد رياض (58 عاماً)، جاء إلى دول الخليج قبل 12 عاماً من أجل إعالة أولاده الثلاثة وابنتيه عبر العمل المضني لجني لقمة العيش الحلال… وكان قدره أن حولته شركته التي يعمل فيها من السعودية إلى البحرين في مايو/ أيار 2008، ولكن لم يمضِ حتى عاماً واحداً في البحرين إلا وقد فارق الحياة.

لقد فارق «شيخ محمد رياض» الحياة بعد تعرضه لحروق نتيجة رشقه بزجاجة حارقة (مولوتوف) بالقرب من قرية المعامير في 7 مارس/ آذار الجاري، وظل تحت العناية الطبية لمدة أسبوعين ولكنه لم يتشافَ بسبب ما تعرض له من اعتداء غاشم على حياته.

إن الانسان المخلص لمبادئه ولبلده ولأهله لا يمكنه أن يبرر أي عمل عنف من هذا النوع أو ما دون هذا المستوى، فالذين يستخدمون العنف، سواء كانوا في معارضة أم في سلطة، لا ينجون بفعلتهم، لأن ذلك مخالف للناموس الإلهي والإنساني.

إنه لمن المؤسف أن هناك فئات من جهات عدة لجأت إلى بث ثقافة العنف والكراهية واستخدام القوة ، ونتائج ذلك انحراف مسار العمل الوطني عن مجراه الطبيعي إلى المناوشات والاعتقالات والإصابات والأخطر من كل ذلك «القتل»، أو الموت أثناء هذه الأحداث المؤلمة التي لا يمكنها أن توصلنا إلى هدف مشروع، فالخطأ لا يبرر الخطأ، وتحقيق الأهداف السامية يتطلب ممارسات سلمية لا تفسح المجال لمن لا يؤمنون بحق الإنسان أن يعيشوا بكرامة في الإمساك بزمام الأمور في أي جانب من جوانب المعادلة السياسية.

إننا نقف ضد الانفلات في الخطاب، وضد الانفلات في الأوضاع، وضد كل الممارسات التي تصدر من أي جهة، سواء كانت محسوبة على المعارضة أو على السلطة والتي تكون نتيجتها انتقاص حق الإنسان في العيش بكرامة وهناء وحقوق وأمن واستقرار.

إنه ليس من شيم أهل البحرين التعرض لبعضهم البعض أو للآخرين بما يودي بحياة إنسان، كما أنه ليس من شيم البحرينيين أن نستخدم خطابات وكلمات تحشيدية تبرر الاتجاه نحو أعمال العنف… وأنه لمن المؤسف أن نضطر إلى تكرار مثل هذا الكلام في الوقت الذي يموت أو يتعذب أو يصاب أشخاص بين ظهرانينا، وفي الوقت الذي نشاهد استمرار مناوشات في عدد غير قليل من الأحياء السكنية بشكل متزايد، وفي الوقت الذي أصبح الظلام يخيم على شوارع رئيسية وعند مداخل القرى بسبب تخريب توصيلات الإنارة. إننا قادرون على تغيير ظروفنا إلى الأحسن من خلال التعاضد من أجل الخير العام.

 
الوسط 22  مارس 2009