المنشور

عدم إقرار الميزانية يعني إعاقة مشاريع التنمية



جلسة البرلمان الاستثنائية التي انعقدت مؤخراً لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة, جلسة هامة تؤكد من جديد مداخلات وآراء النواب فيها بأن الموازنة لا مجال للمساومة عليها, وان الإصرار على عدم تمريرها بالشروط الحكومية المقترحة مسألة جوهرية وبالتالي مازال الأفق مفتوحاً للتوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولازالت أيضا الجهود مشتركة بينهما للخروج من هذه الأزمة.



وبعبارة أخرى, ان موقف النواب من الموازنة على الأقل الى الآن لم يتأثر بلعبة المصالح السياسية والحزبية التي اعتدنا عليها, تدار في الخفاء ولا نحتاج الى ذكر تفاصيلها فهي كثيرة ولعل قانون أحكام الأسرة خير مثال على ذلك!! ونعني من هذا الكلام وبإيجاز شديد ان الأداء البرلماني طيلة الثلاث سنوات الماضية لم يخلُ من الصفقات, الأمر الذي بات في نظر الأغلبية الصامتة, ان هذا الأداء اذا ما سار على هذا المنوال يعني «ما تشد به ظهر» وخاصة اذا ما اصطدم بالمصالح السياسية والعقائدية! والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: الى اي مدى الموقف النيابي من الموازنة في صيغتها الحالية لم يتأثر؟؟ هذا ما نطرحه على النواب.



في كل الأحوال نقول وبإنصاف ان هذه الجلسة جلسة تاريخية مميزة ونعتقد يرجع تميزها ليس فقط لموقف النواب الموحد, وإنما أيضا لمساحة الشفافية التي امتازت بها وكذلك يرجع لوعي بعض النواب الذين أتقنوا دورهم باحترافية بخلاف البعض الذي لا يدري.. «وين الله حاشره».



حقيقة اذا نظرنا الى أهم المداخلات التي حظيت باحترام وتقدير الرأي العام, فان مداخلة النائب علي سلمان كانت في مقدمتها, وخاصة عندما قال: ان التحدي الحقيقي لأي حكومة هو زيادة الإيرادات بما يتناسب مع الفرص المتاحة, ويعد نجاحها وفشلها في إيجاد البدائل وزيادة الخزينة من دون إرهاق المواطن ومن دون التأثير السلبي على الاستثمار والاقتصاد واحد من أهم المقاييس على النجاح والفشل. وبالرغم من تحفظات «سلمان» على مشروع الميزانية من حيث الإيرادات والمصروفات والمشاريع, فانه ومن دون شطط ثمَّن دور السلطة التنفيذية على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري بقوله: “يسجل للحكومة انها استطاعت منذ مطلع السبعينيات ان تستقطب البنوك التجارية وبنوك الافشور مما جعل البحرين رائدة في هذا المجال على مستوى المنطقة, كما ساهم هذا القطاع بشكل ايجابي في الناتج”.



على أية حال عدم إقرار الميزانية يعني إعاقة مشاريع التنمية ويعني أيضا تردي في أوضاع المواطن المعيشية والسؤال لماذا رفضت اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس الموازنة؟ لا نريد ان نتطرق الى تفاصيل توصيات اللجنة ولا الى كل مقترحات ومداخلات النواب فيكفي ان نسلط الضوء على اهم الأسباب التي تستدعي عدم تمرير مشروع الموازنة وخاصة فيما يتعلق بمصروفات المشاريع, فعلى سبيل المثال كانت هذه المصروفات في عام 2008 (611.9) مليون دينار متضمنة (182) مليوناً مروره من 2007 في حين لا تتجاوز للعامين 2009 – 2010 (600) مليون دينار اي بتراجع ما نسبته 54.6٪ وفي ضوء ذلك سوف تشهد مشاريع الوزارات الخدمية انخفاضاً واضحاً. وفضلاً عن هذا طالبت اللجنة تضمين الموازنة مصروفات متكررة لإعانة علاوة الغلاء وعلاوة غلاء السكن.




 الخلاصة.. تأخير إقرار الميزانية ليس في مصلحة لا المشاريع التنموية ولا المواطن وبالتالي متى نزيل عقبات الخلاف بين السلطتين؟ هذا ما ينبغي التفكير فيه من قبل مجلس الشورى الذي يمتلك مفاتيح الحل او حلحلة هذه الأزمة.




 



الأيام 14 مارس 2009