المنشور

حـوار مع الدولــة


جمعية المنبر التقدمي كانت اسبق من خبراء نادي مدريد وتوصياتهم التي جاء على رأسها إقامة حوار منتظم ومستدام ومؤسس على الثقة بين مختلف الأطياف المجتمعية والقوى السياسية وبين الدولة, مستلهمة روح الميثاق الوطني الذي نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثامنة لتدشينه وواجدة في التأزم الأمني والسياسي الذي نعيشه هذه الأيام دافعا قويا للبدء فيه.

الحوار الذي تدعو إليه المنبر اشمل وأكثر معرفة ودراية وتفصيلا بالحالة البحرينية الراهنة ومستجداتها وماضيها وحاضرها, رغم ذلك لا يستهان بتوصيات نادي مدريد, فهؤلاء الخبراء الذين يرصدون تجارب الدول الحديثة العهد بالتحول الديموقراطي يمتلكون خبرة وتجربة جديرة بالاعتبار, وكانوا قد أقاموا عددا من الجلسات الحرة المستفيضة في البحرين على مدى عامين مع مجموعة كبيرة من نشطاء المجتمع المدني والسياسيين والإعلاميين والرسميين وخرجوا بنتائج دعت إلى أهمية إيجاد البيئة السياسية المرنة التي لا يتوقف فيها الحوار والإصلاح عبر إجراء المزيد من التعديلات على القوانين والتشريعات التي تحكم الحياة السياسية وإزالة القيود التي تعيق الديموقراطية, كحرية التعبير وقانون التجمعات وتعزيز استقلالية القضاء ودعم المجتمع المدني ومؤسساته ومساعدته على تعزيز قدراته.

والواقع ان جميع التوصيات على اختلاف مسمياتها يصعب تفعيلها بغير الحوار الذي أكدت على أهمية ان يكون منتظما ومستداما, وهو مطلب حيوي ومهم سواء في الديموقراطيات الناشئة او العريقة المتجذرة, وتزداد أهميته حين تتأزم الأوضاع, والملف السياسي في البحرين هو الملف الأهم ويجدر ان يظل متحركا وحيا وجاريا كالنهر المتدفق وليس كالبركة الراكدة .

ان الحوار الشفيف الحقيقي والجاد والراغب في مواصلة مسيرة الإصلاح هو الأقدر على تنمية الديموقرطية واغنائها, اما السؤال عن كيفية إجراء هذا الحوار وتوقيته والعناصر المشاركة فيه والأهداف التي يراد تحقيقها من خلاله فأمور تفصيلية غير ذات أهمية اذا خلصت النيات وتوافقت الإرادة الرسمية مع الشعبية حول جدواه لحلحلة الملفات الشائكة. ان توصيات وفد مدريد التي وضعها أمس أمام جلالة الملك قد ثمنت عاليا تجربة الإصلاح السياسي التي خطتها البحرين منذ ثمان سنوات ولغاية اليوم, وهو في حد ذاته عامل محفز ومشجع للبحرين كي تمضي قدما في مسارها ليس لاكتساب السمعة الدولية فحسب, ولكن لتمكين الديموقراطية في الداخل والوصول الى صيغ سياسية تفاهمية مشتركة ومرضية بين المجتمع والدولة. وكنت قد شاركت في احد حوارات مدريد قبل عامين حول إصلاح قوانين النشر وحرية التعبير ودور الإعلام الحر غير المقيد في النهوض بالإصلاح, وفي تعزيز الديموقراطية, واستمعنا منهم بالمقابل الى تجارب وعثرات مرت بها دولهم وعرفتها مجتمعاتهم, فطريق الديموقراطية طويل ومليء بالصعاب والأشواك واكبر أمراضه الجمود والتكلس وانعدام الحوار
 
الأيام 17 فبراير 2009