المنشور

القضاء أولاً


منهجنا في العمل السياسي قائم على نبذ العنف بكافة أشكاله، ورفض أي صورة من صور المساس بالممتلكات العامة والخاصة، والإقدام على أية ممارسات من شأنها ترويع المواطنين ودفع الأمور في البلاد نحو التوتر وعدم الاستقرار.
وخلال السنوات الماضية أكدنا في عديد البيانات والتصريحات والمواقف على هذا الموقف، وكثيرةٌ هي المرات التي أدنا فيها مثل هذه الممارسات، وأكدنا أنها تلحق الضرر بقضية النضال الديمقراطي، وتسيء إلى صُدقيته، وتُوفر الذرائع لتصويره على أنه مجموعة أعمال تخريبية تمس بسلامة رجال الأمن وتلحق الضرر بالاقتصاد.
 وعلى الدوام دعونَا لتفعيل أدوات العمل السياسي والمطالبات المعيشية والقانونية، بالاستناد على ما توفره التشريعات النافدة من إمكانيات، على أن يوازي هذا عمل دؤوب من أجل تطوير هذه التشريعات وتحريرها من القيود التي تُقيد الحقوق التي تنص عليها.
ورأيُنا أن الحركة الوطنية والديمقراطية في البلد محتاجة إلى مواصلة العمل على بناء مجتمع مدني حديث متطور مُدرب على خوض المعارك النقابية والديمقراطية والمعيشية ومن اجل الحقوق الدستورية والسياسية عبر الوسائل السلمية، وعبر آليات الاحتجاج التي ضمنها الدستور والقانون، ضمن الديناميكية التي توفرت في البلد بعد المشروع الإصلاحي، وفي نتيجة نضال طويل خاضهُ شعبنا بكل فئاته على مدار عقود، قدم خلالها تضحيات جليلة.
هذا القول نُعيده اليوم في ظل الجدل الناشئ في المجتمع بعد إعلان وزارة الداخلية عن اكتشاف “مخطط إرهابي”، ولكننا ندعو وزارة الداخلية والحكومة عامة، طالما كنا نتحدث عن بناء دولة القانون والمؤسسات، إلى أن تكون سباقةً في تكريس المبادئ القانونية والدستورية في التعاطي مع المتهمين الذين تُنسب إليهم تهمة الضلوع فيه.
الأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته  في محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية الضرورية، وستجد الحكومة الجمعيات السياسية في مقدمةِ من يُدين كل من يثبت، قضائياً، ضُلوعه في أي عمل يمس أمن البحرين وسلامتها واستقرارها، ففي النهاية هذا وطننا ونحن حريصون عليه وعلى استقراره ونمائه، ولا نقبل بأي مساس به.
في قضيةٍ مثل هذه التي ينشغل بها المجتمع حالياً يجب أن تكون الكلمة للقضاء، الذي عليه أن ينظر القضية ويصدر حكمه فيها، فذلك يضع الأمور في نصابها، ويضع القضية في حجمها الحقيقي، الذي تقرره وقائعها نفسها، وليس طريقة تعاطينا الإعلامي معها.
وبطبيعة الحال فانهُ يشكل مصدر قلق لنا أن تؤدي هذه الأمور إلى المساس بمقادير الحريات المتاحة في البلد، حين يدور الحديث عن توجهات لتغليظ أحكام بعض  القوانين المتصلة بالحريات والتجمعات وغيرها، أو التوجه نحو سن تشريعات جديدة تضيق على هذه الحريات.
إن الرأي العام السائد في العمل السياسي في البلد هو الرأي الرشيد الذي يُقدر الأمور بصورة عقلانية، ويدرك أهمية الايجابيات المتحققة في البلد، ويحرص على ألا تعود البلاد إلى مربع الخيارات الأمنية البغيضة التي دفعت بلادنا ثمنها الباهظ فيما ما مضى.
وممثلو هذا الرأي حريصون على صون الحريات المتحققة ولا يرضون أن تتعرض لأي مساس بها، بالمقدار الذي لا يرضون فيه أي مساس بأمن الوطن وسلامته.