المنشور

هارموني‮.. ‬موسيقى الغرفة وتجليات اللون

رغم قسوة وصلابة المصنع وزمجرة آلاته وفحيحها المتواصل،‮ ‬إلا أن الفنان الرقيق كأوتار الكمان أصغر إسماعيل ظل مكتنزاً‮ ‬بكل ما هو نقيض ومعاكس لمولدات هذا المصنع الغليظة،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬هيأه لأن‮ ‬يكون منتجاً‮ ‬لها وفق هذه الرقة التي‮ ‬اكتنزت بها روحه وتعاطى معها مزاجه الشخصي‮ ‬والفني،‮ ‬وإذا كان للمصنع‮ ‬يوماً‮ ‬تأثير مباشر في‮ ‬حياة الفنان أصغر انعكس في‮ ‬بعض أعماله الفنية التي‮ ‬أنتجها في‮ ‬سنوات سابقة وشارك بها في‮ ‬معارض داخلية وخارجية عدة،‮ ‬فإن هذا المصنع‮ ‬ينأى بتأثيراته عن عالم الفنان أصغر بعد تقاعده عن العمل وتفرغه لمحترفه الفني‮ ‬التشكيلي‮ ‬والنحتي‮.‬
في‮ ‬هذا المحترف عكف الفنان أصغر لما‮ ‬يربو على العام‮ ‬،‮ ‬لينتج أنفاسه الموسيقية عبر هارموني‮ ‬تجلت تقاطعاته التوافقية في‮ ‬زيتيات أنثوية لونية تزاوجت فيها آلات الروح بإيقاعات الزمن الجميل المتخيل التي‮ ‬ظل الفنان أصغر‮ ‬يحلم بعزفها على أوتار روحه حين كان منصرفاً‮ ‬للعمل في‮ ‬المصنع‮.‬
هارموني‮ .. ‬هو معرض‮ ‬يقترح فيه الفنان أصغر تجربة فنية مختلفة ومغايرة لتجاربه التشكيلية السابقة،‮ ‬تجربة تولج بأنفاسنا نحو نغمات وترانيم‮ ‬يتداخل في‮ ‬تشكيلها الواقعي‮ ‬بحضوره الملموس والمجرد بتأثيراته المواربة وغير المعلنة،‮ ‬وكما لو أن أصغر‮ ‬يترك المجال حراً‮ ‬لمعزوفات ارتجالية تصوغ‮ ‬رؤيته التشكيلية وفق هواها،‮ ‬وما أجمل الارتجال حين‮ ‬يشكل لون الروح في‮ ‬تجلياته الحرة‮.‬
هارموني‮.. ‬غرفة حميمة ودافئة‮ ‬يأخذنا أصغر إلى بهو عالمها الموسيقي‮ ‬وزواياه الأثيرة،‮ ‬لنشهد من خلالها حكايات تعزف على أوتار وإيقاعات نسوة‮ ‬يحلقن في‮ ‬فضاء اللون وينتشين برحيق خيامي‮ ‬النكهة والمنشى‮ ..‬غرفة تتملك قابلية المونتاج في‮ ‬كل لحظة ووقفة تأمل وفي‮ ‬كل محطة للانتظار والعبور‮.‬

صحيفة الوطن
14 ديسمبر 2008