المنشور

تحديات حقوق الإنسان في‮ ‬الدول العربية


حقوق الإنسان في اغلب الدول العربية عرضة لاعتداءات عنيفة ليست مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فحسب وإنما لكل القيم الإنسانية ولاشك أن هذه الاعتداءات المدانة في ظل غياب المؤسسات الديمقراطية الفعلية فاقمت الصراع بين الشعوب والمنظمات الحقوقية وبين الأنظمة العربية وبالتالي كيف لهذه الدول ان تتطور سياسياً وكيف لها ان تخطو خطوات تنموية ناجحة طالما نهجها السياسي وتشريعاتها القانونية والدستورية تقف حائلا دون تحقيق الديمقراطية، وما ينطبق على هذه الدول ينطبق أيضا على بعض الأحزاب السياسية العربية التي تفتقد إلى ابسط  قواعد الديمقراطية بمعنى ان هذه الأحزاب لا تحترم الرأي الآخر ولا تؤمن بالتعددية السياسية في المجتمع ولعل الأحزاب الدينية ابرز مثال على ذلك وحول هذه الأزمة أزمة حقوق الإنسان التي تختلف شدتها بين دولة وأخرى لا تزال المنتديات الحقوقية والمؤتمرات تنعقد هنا وهناك ولا تزال الهيئات الحقوقية ومراكز حقوق الإنسان تكشف لنا تدهور هذه الحقوق وتفاقم الهوة بين الشعوب وحقوقها وكذلك، الأساليب القمعية في ظل قوانين الطوارئ ومحاكم أمن الدولة.
مؤتمر القاهرة الذي انعقد مؤخراً بمناسبة مرور 60 عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان احد هذه اللقاءات الهامة التي سلطت وبواقعية الضوء على هذه الأزمة المزمنة ومن هنا فان ابرز القضايا في هذا المؤتمر هي قضية المواطنة وحقوق الإنسان والتعارض بين المساواة الشكلية او القانونية للإفراد وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك التعارض بين عالمية الحقوق وخصوصية او نسبية الحقوق المتعلقة بالتقاليد والحضارات والثقافات المختلفة.
باختصار ما يفهم من ذلك ان إشكالية حقوق الإنسان في البلاد العربية إشكالية مرتبطة برؤى واجتهادات وسياسات ومرجعيات دينية لا تزال تؤمن وتعتقد ان حقوق الإنسان كأولوية ترجع الى الخصوصية لا العالمية!!
ومن هنا تأتي اهمية هذه الاحتفالية التي انعقدت تحت شعار حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق.
ان أهم القراءات والرؤى التي استطاعت ان تشخص هذه الأزمة او هذه المسألة رؤية  د. علي ليله  الذي كانت استنتاجاته على قدر كبير من الواقعية وخصوصاً عندما أشار الى ” ان الفكر العلماني في المنطقة ذو طبيعة إنسانية بالأساس ولا ينبغي تجاهل السياق التاريخي له ويجب ان تحكمنا المرجعية الثقافية بجانب المرجعية الأخلاقية وان الإسلاميين المعتدلين يرون ضرورة الموازنة بين التراث العربي والإسلامي فيما يخص حقوق الإنسان، فيما يرفض الإسلاميون السلفيون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على اعتبار انه يتعارض مع الدين “.
ولهذا تجد الخلاف بين منظمات حقوق الإنسان العربية قائماً او بالأحرى لا يهدأ ويفيد »هيثم المناع « بان حقوق الإنسان بالنسبة لهذه المنظمات الإقليمية تواجه إشكالية العالمية والخصوصية والإشكالية الأخرى هي تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية حيث يدور جدل حاد بين التيار الإسلامي من ناحية والتيار العلماني من ناحية أخرى في إطار الحركة العربية لحقوق الإنسان حول مجموعة من القضايا التي تتعلق بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ومن ضمنها قوانين الأحوال الشخصية.
وكما قلنا ما لم تشهد هذه الدول إصلاحات سياسية وتغيرات جوهرية على صعيد الديمقراطية وحقوق الإنسان فان تلك الاعتداءات المخالفة للحقوق والقيم ستظل قائمة رغم كل الادعاءات بالديمقراطية!!
 
الأيام 6 ديسمبر 2008