المنشور

أي‮ ‬معيار للفقـر نعتمـد؟‮!‬

حسب الأخ علي سلمان مسؤول البرامج التنموية في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، فان الفقر في البحرين غير مُعرف، وهي مسألة يجب أن تُحسم قبل الحديث عن أية أرقام متصلة بالموضوع.   الأمم المتحدة تُعرف الفقير على انه الشخص الذي يتقاضى أقل من دولار أمريكي واحد كأجر يومي، لكن المسوحات التي أُجريت في البحرين تشير إلى انه لا يوجد شخص يقل دخله عن ٥ دولارات في اليوم الواحد، ووزارة التنمية الاجتماعية تُقدم مساعدات اجتماعية إلى اسر يبلغ تعدادها ١١ ألف شخصاً.  لكن ليس واضحاً ما هي المعايير التي تعتمدها الوزارة في تصنيف هذه الأسر بوصفها أسراً محتاجة، وهو أمر ينجم عنه سؤال آخر: كَم مِن الأُسر لا تتقاضى هذه المساعدة وهي في أمس الحاجة إليها، وبالتالي لا يمكن الركون إلى أرقام الوزارة وحدها في تحديد من يمكن أن نعدهم فقراء. مركز البحرين للدراسات والبحوث يعتبر أن أية أسرة مُكونة من خمسة أشخاص ويقل مدخولها عن 330 دينارا في الشهر تعد أسرة فقيرة. وهذا المعيار الذي يبدو أقرب إلى الواقعية كونه اعتمد على حسابات راعت جوانب المسألة المختلفة، ولا يجوز في بلد نفطي مثل البحرين أن نعتمد معيار دولار واحد كحد أدنى في الدخل اليومي كقاعدة لتحديد من هم الفقراء.
فَفضلاً عن كون هذا المعيار الذي تتبناه الأمم المتحدة يُشكل ما يمكن أن نعتبره المتوسط الذي يمكن القياس عليه، فانه لا هو ولا حتى معيار خمسة دولارات كدخل يومي يصلحان لأن يكونا معياراً لتحديد الفقر عندنا بالنظر إلى مستوى المعيشة المتيسر في المجتمع وأسعار المواد الغذائية والأدوية وكلفة السكن، إما على شكل إيجار أو على شكل تملك. ظاهرة الفقر في مجتمعنا، وفي مجتمعاتنا العربية عامةً، هي جزء من ظاهرةٍ عامةٍ على المستوى الدولي، فأكثر من مليار إنسان مازالوا يعيشون على دولار واحد باليوم، كما أن أغنى 500 شخص في العالم يملكون دخلاً يزيد على دخل 416 مليون إنسان مجتمعين، ويصنف 800 مليون إنسان في العالم كجوعى. وتستحوذ بلدان الشمال والتي تبلغ خُمس البشرية على أربعة أخماس الموارد والعوائد.
تصبح هذه الأرقام أكثر خطورة عندما نأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المعقدة المتعددة للفقر: الجوع وسوء التغذية، وعدم المقدرة على الحصول على تعليم وخدمات أساسية أخرى، وزيادة الأمراض، والتشرد أو عدم توافر المسكن الملائم، وعدم توافر البيئات الآمنة، وعدم المشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاجتماعية. لكن عند التعاطي مع مجتمع يعتمد، في صورةٍ أساسية، على الريع النفطي، كما هو حال البحرين، وبالنظر إلى القفزات الهائلة في أسعار النفط في فترات مختلفة، والتي يفترض أنها جاءت بفوائض مالية كبيرة، فان معايير صارمة، شديدة الاختلاف، يجب أن تعتمد ونحن نقيس ظاهرة الفقر في المجتمع، ولا يمكن للمؤشرات الكمية التي نتباهى بها بين الحين والآخر، أن تحجب الحقائق في معدلات الفقر، والتي نجد تجلياتها في القرى والأحياء المعدمة.،
   
 الأيام
30 

أكتوبر 2008