المنشور

اللقاء التاريخي.. ووحدة التيار الديمقراطي التقدمي


إن اللقاء الذي جمع جمعيتي « المنبر الديمقراطي التقدمي والعمل الوطني الديمقراطي«  في 6 أكتوبر 2008م، قد جاء بنتائج ايجابية مثمرة.. بحيث ان تلك النتائج قد لاحـت في الآفـاق البعيـدة، لمبـدأ التفـاهم الروحي والنفـسي والاجتمـاعـي والانسـجـام الفكـري والمبــدئي والأيديولـوجي.. ليس هذا فحسب ولكن يظل هذا اللقاء أيضا يمثل امتداداً للقاء التاريخي ما بين الرموز والقيادات الوطنية للتنظيمين ” جبهة التحرير والجبهة الشعبية ” لدى عودتهما إلى الوطن من المنافي والفيافي في عهد المشروع الإصلاحي عام 2001م، من أجل وحدة التيار الديمقراطي التقدمي، وتناسي جميع الخلافات الثانوية، ونسف الاختلافات الشكلية، خلف الظهور ووأدها بين طيات وغياهب النسيان، التي مثلت لشديد الأسف عقبة كأداء آنذاك..
وعلى الرغم من ذلك كله فإن تلك اللقاءات الحميمية المتعاقبة ما بين ” المنبر والعمل” والدعوات الوطنية النبيلة لقيادات الجمعيتين، قد أضفت على ذلك اللقاء التاريخي الأول مسحة من الآمال الكبيرة، في إحياء المشروع الوطني للوحدة الوطنية والفكرية والمبدئية ما بين الفصيل ذاته من الإرث الوطني والتاريخي والنضالي.
إنه من الأهمية بمكان القول: إن اللقاءات والتشاورات والتنسيقات ما بين جمعيتي  ” المنبر والعمل” الدائمة والدائبة، والمتسمة بصدق الأهداف الوطنية، ومصداقية الانتماءات المبدئية، وتوكيد الإرادة الشعبية، ستؤدي بكل تأكيد إلى نجاح وحدة الجمعيتين، وترسيخ معالم هذه الوحدة في أرضية الواقع المجتمعي المعاش والملموس.. لما للجمعيتين من تاريخ نضالي ومبدئي مشترك، بمستوى حجم التضحيات الرائعة لجبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية خلال عدة عقود من الزمان.. وبحسب ما ترفرف راية النجاح بوحدة التيار الديمقراطي التقدمي ما بين جمعيتي ” المنبر والعمل”.. فإن انعكاسات هذه الوحدة ستمثل الدرع الواقعية ضد الاصطفافات الطائفية والانقسامات المذهبية.. وبقدر ما ينهض هذا التيار التقدمي على الساحة المجتمعية والشعبية، فإن تماسك اللحمة الوطنية سيجد طريقه إلى تجسيد الوحدة الوطنية، ورفد الحياة الحرة الكريمة بركائزها الرغدة.. ومثلما تتم إقامة التكتل السياسي والوطني والمبدئي ما بين الجمعيتين، انطلاقا من إيمانهما بأسبقية الانتماءات المبدئية في سلم الأولويات يدعمها برنامج سياسي واضح المعالم (سياسيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا).. فإن باستطاعة التيار التقدمي بوحدته رسم الخريطة السياسية بواقعية المواقف السياسية، عبر التحالف مع مختلف التيارات والاتجاهات العقلانية، وشتى الأطياف والانتماءات الوطنية والديمقراطية، ضمن القواسم الوطنية المشتركة والأهداف الشعبية والجماهيرية.. بحسب ما يفوّت هذا التيار الديمقراطي بوحدته الفرصة على تيار الإسلام السياسي الذي باتت صلاحيته منتهية، بتقادم الوحدة الوطنية والنهوض بالقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية.



وحينما أسلفنا الذكر بانتهاء صلاحية تيار الإسلام السياسي، فإن الضرورة التاريخية والوقائع السياسية، والدلائل المجتمعية والشعبية، تؤكد إفلاس هذه القوى الإسلامية لتيار الإسلام السياسي، سواء داخل البرلمان، خلال الفصلين التشريعيين (الأول والثاني) أو خارج البرلمان، وفي أوساط المجتمع المدني، الذي أعلن الكثير من كوادر وأعضاء مؤسساته، تذمرهم وامتعاضهم واستياءهم، بسبب تدني مستوى النواب الإسلاميين، بأدائهم الهش والواهن تحت قبة البرلمان، الذي لم يسفر سوى عن طرح وتقديم مشاريع ومقترحات هامشية.. بل مقترحات استعدائية ضد الثقافة والصحافة ومواجهة حرية المرأة وحرية الفكر والتعبير والكلمة.. مثلما حملت في أحشاء تلك الاقتراحات والرغبات والقوانين حملات تشهيرية وتكفيرية ضد القوى الوطنية الديمقراطية والمستنيرة.. أضف إلى ذلك تحويل السلطة التشريعية إلى برلمان إسلامي يئن تحت طائلة صراعات الاصطفافات الطائفية.
في نهاية المطاف يبقى أن نفخر قولاً: ان روافد الوحدة الوطنية والمبدئية ما بين جمعيتي ” المنبر التقدمي والعمل الوطني ” مثلما تنتصر على دعاة الطائفيين والمذهبيين والمفسدين والمتسلقين والانتهازيين.. وبقدر ما تكشف هشاشة أداء نواب تيار الإسلام السياسي خلال البرلمان والمجتمع على حد سواء، فإن هذه الوحدة ما بين التيار الديمقراطي التقدمي، ستمهد وتهيئ المناخ السياسي الملائم بظروفه الموضوعية والذاتية الناضجة، لإجراء انتخابات برلمانية وبلدية قادمة، تنسجم وأهداف القوى الوطنية والديمقراطية النبيلة، وتتماشى وتهيئة الأرضية المجتمعية والشعبية، لدعم تلك الانتخابات في صالح المرأة والقوى الديمقراطية.. لكون تداعياتها وحقائقها تنصهر في بوتقة أحلام الشعب البحريني وتطلعات المواطنين، وطموحات الناخبين، التي تتمثل في الملفات المهمة الساخنة التي تئن بين أدراج السلطتين التشريعية والتنفيذية، منها التعديلات الدستورية والبطالة والفساد والإسكان والصحة والتعليم، التي عجزت قوى تيار الإسلام السياسي نواباً تحت قبة البرلمان عن تحقيقها حتى بشكلها النسبي.
إذاً تبقى الآمال الكبيرة معلقة على مبدأ وحدة قوى وكوادر التيار الوطني الديمقراطي التقدمي ما بين جمعيتي     ” المنبر التقدمي والعمل الوطني”  بنضالاتهم ومكتسباتهم وانجازاتهم الرائدة.. مثلما نهضت بحركتهم الوطنية والمبدئية والفكرية بتضحياتهم الرائعة طوال خمسة عقود من الزمان.

أخبار الخليج 24 اكتوبر 2008