المنشور

مؤتمــر الأجـــور


يُسجل للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين تنظيمهُ لمؤتمرٍ حول موضوع الأجور، والذي انعقدَ يومي السبت والأحد الماضيين، ويأتي هذا المؤتمرُ في سياقِ نشاطٍ نوعيٍ ملحوظ للاتحاد في تبني قضايا الطبقة العاملة في البحرين والدفاع عنها.  وحرصَ الاتحادُ على مشاركةِ أطراف الإنتاج الثلاثة ومنظمة العمل الدولية وعددٍ من الخبراء المهتمين بقضايا العمال، وذلك بهدفِ فتح ملف الأجور في مواجهة ما يُعانيه عُمالنا والفئات الكادحة والشرائح الأقل دخلاً في المجتمعِ من تدنٍ في الأجور، خاصةً أمام موجات الغلاء والارتفاع الجنوني في الأسعار، وهو ارتفاعٌ لم تؤدِ ولن تؤدي الأزمة المالية العالمية إلى تخفيضه.

 الأمين العام للاتحاد سلمان المحفوظ اعتبر، مُحقاً، موضوعَ الأجور ملفاً لا يخصُ العمالَ وحدهم، وإنما هو ملفٌ وطني بالمعنى الشامل للكلمة، ينطوي على أوجهٍ اقتصادية واجتماعية، وحتى سياسية، وبالتالي فان مسؤولية مقاربتهُ تقعُ على عاتق جهات عدة: نقابية وتشريعية وحكومية أيضاً، بهدف وضعِ إستراتيجية لرفع مستوى المعيشة، كما هو ملف أصحاب العمل والشركات والمجتمع المدني الذين يهمهم تحسين القوة الشرائية والنهوض بالوضع المعيشي للمواطنين.  

لقد عُرضتْ في المؤتمر المذكور تصورات الجهات المعنية بموضوع المؤتمر، وقُدمتْ أوراقٌ لباحثين ومختصين سلطت الضوء على خطورة وأهمية مسألة الأجور في تحقيق الحدود الضرورية من العدالة الاجتماعية، وإشراك أطراف الإنتاج، وبصورة أساسية العمال من خلال أدواتهم النقابية، ممثلة في الاتحاد العام لنقابات العمال في تحديد الأجور. وحَظيَ المؤتمرُ برعايةٍ رسميةٍ من قِبل سمو نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وجرى النظر إلى هذه الخطوة على أنَ الدولة مهتمةٌ بالموضوع الذي يناقشهُ المؤتمر، لذلك فان التطلعَ هو ألا ينحصرَ هذا الاهتمام في متابعة مناقشات المؤتمر، وإنما يتعداه نحوَ الالتفات الجدي إلى التوصيات الصادرةِ عنه، ليس فقط لكونهِ المؤتمر الأولَ من نوعهِ بهذا الاتساع والأهمية، وإنما أيضاً لأن الحركة النقابية، وهي تنظمهُ، تتطلع إلى أن يكون رافعةً لتصحيحِ الخلل الواقع في مسألة الأجور، والذي ما انفك النقاشُ يدور حولها منذُ سنوات، دون أن نصلَ إلى معالجةٍ جادةٍ ورشيدةٍ لهُ من قِبل الدولة. وقد آن الأوان لان تسوى هذه المسألة وسواها من مسائل ذات صلةٍ بالضمانات الاجتماعية للفئات الكادحة، والالتفات إلى الأبعاد الاجتماعية للموضوع ممثلاً في المصالح الحيوية للناس، حتى يستقيم النمو الاقتصادي، خاصةً مع سطوة الغلاء، ومع التداعيات الآتية لا ريب فيها للأزمةِ المالية التي تعصفُ بالعالم، والتي أظهرتْ أن التمادي في اقتصادِ السوق الخالي من الضوابطِ الاجتماعية لا يمكنْ أن يؤدي إلا إلى الخراب.


الأيام 22 اكتوبر 2008