المنشور

خيارنا العلمانية


المطالبة بالدولة الاشتراكية على أهميتها وشرعيتها جزء من حرق المراحل في الوقت الراهن. ذلك أن الدولة الاشتراكية لا بد أن تُهيئ الأرضية الملائمة لتشكيلها، وفي مجتمع قبَلي يدعي المدنية لا بد أن تؤسس القواعد الأولية لتحرير هذا الشعب من التصاقه حد العبادة برموزه الطائفية، أو بولائه للحكم.
 من هنا فأن العمل على تأسيس ثقافة الدولة العلمانية في الخليج يضاهي أهمية ما تسعى له كبرى الأحزاب الشيوعية في أوروبا من إعادة لقراءة نظريات ماركس، وتحليل مكامن الخلل في قراءة النظرية وتطبيقها في الاتحاد السوفيتي وأسباب التراجع من الاشتراكية بوصفها حالةً متقدمةً لانصهار المجتمع تحت كنف الدولة الراعية لمصادر الدخل والموزع له على أسس العدالة والمساواة، إلى الرأسمالية التي تمثل أقصى حالات الاستغلال للعنصر البشري.
 
مثلما ارتبطت الماركسية بمشاريع التحرر في مصر وفلسطين ولبنان والجزائر وهناك في كوبا حيث جيفارا وكاسترو، ارتبطت الطائفية بمشاهد الانهزام في العراق، والاقتتال الداخلي في لبنان وفلسطين، وسحق الجماعة من أجل بضعة أفراد في البحرين والسعودية وباقي المخفي في دول الخليج، لم تعد ثورة ظفار حيةً لتحرير الخليج العربي، فلقد غزته بعد غياب المشروع الاشتراكي العظيم مظاهر التبعية والاستهلاك، بات الناس يتنفسون الشيشة في المقاهي بعد أن كانوا يأملون في تنفس الحرية، يكدحون نهاراً ليصرفوا ما جمعوه ليلاً ، العجلة تدور ومن يتوقف يسحق.
 
رغم ذلك فأن مشايخنا النبهاء يدفعون الشباب إلى أتون صراع طائفي، لا يحتاج المرء أن يكون نبيهاً لكي يستوعب أنه يتجه في عكس السير، والمخالفة المرورية لن تكون تهمتها الدفاع عن الحقوق المسلوبة بل نصرة الطائفة التي تحمل امتدادات عقائدية خارجية.
وشيخنا الجليل لم يعد يصرخ: لا للتمييز، لا للمحسوبية لا للفساد، بل صرخ بأعلى صوته فلتسقط العلمانية.
 
لماذا ؟ لأن العلمانية ترفع الغطاء عن من يُوهم الشعب بالتمييز الطائفي من أجل مصالحه الذاتية، فيدفعهم إلى المعركة ويُهرول مسرعاً إلى الخارج، فيما يقضون هم عقوبة السجن لسنوات ويحرمون من التعليم والعمل والسكن.
 
على الضفة الأخرى تبدو الشوارع مزدحمةً والأراضي ممتلئةً بالسكان عدا تلك التي لُفت بسور على امتداد البصر وكتب على مدخلها ممتلكات خاصة يمنع الدخول، شعب جديد حلّ مكان آخر ، يحتدم الصراع الطائفي، جزء من الشعب يعارض وآخر يرى في التجنيس السياسي حماية لبقائه، الحركة المطلبية تتعطل لأن العيد عيدين والهلال هلالين، أما السرقة فهي جارية لا ريب فيها.
 
إذاً، لماذا تشكل العلمانية إزعاجاً للكثيرين.. ربما لأنها تدعو لتحكيم مبدأ العدالة والمساواة دون الاعتبار إلى إمتيازات طائفية أو عرقية ..
ما أجمل أن تكون فقط مواطناً بحرينياً وأن تتمتع بهذا الحق،  يبدو أن لا سبيل لخلاصكم سوى العلمانية. لذا فان من يخشاها لا يملك إلا الهتاف: فلتسقط العلمانية.

من نشرة التقدمي