المنشور

من‮ ‬يقرع‮ ‬جرس‮ “أبو الفتح‮” ‬المعلق؟

إن ما ذهب إليه النائب عيسى أبو الفتح في‮ ‬رصده واقع حال المواطن الاقتصادي‮ ‬السيئ الذي‮ ‬قاده إلى شفير الإفلاس بسبب الالتزامات المالية،‮ ‬وغلاء الأسعار،‮ ‬وغياب الرقابة الكافية على تلاعب التجار ومضاعفتهم للأسعار كلما تحصل المواطن على‮ (‬فرج‮) ‬مالي،‮ ‬ومطالبته الحكومة إلغاء القروض الاستهلاكية من على كاهل المواطن أملاً‮ ‬في‮ ‬تحسن مستوى معيشته،‮ ‬هو صادر عن إحساس حقيقي‮ ‬بمعاناة المواطن التي‮ ‬تتفاقم‮ ‬يوماً‮ ‬بعد آخر حتى تكاد تخنقه،‮ ‬ووقوف مسؤول على بعض خيارات التخلص والنفاد من قمقم هذه المعاناة،‮ ‬خاصة وأنه قد أسند تحذيره بأرقام وأدلة واستشرافات ربما لا‮ ‬يختلف عليها أحد‮. ‬
النائب أبو الفتح وقف عند من‮ ‬يتقاضى أجراً‮ ‬من المواطنين‮ ‬يؤهله للاقتراض،‮ ‬ولكن ماذا لو وقف أبو الفتح عند المواطنين الذين تعتبر رواتبهم متدنية إلى درجة لا تسمح لهم بالاقتراض؟ ماذا لو وقف أبو الفتح عند العاملين على نظام العقود المؤقتة والذين لا تقبل بنوك كثيرة إقراضهم مثلاً؟ ماذا لو وقف عند أهل الرواتب المتدنية‮ (‬القارة‮) ‬التي‮ ‬لم تتحرك قيد أنملة منذ عقود؟ ماذا لو تساءل حول مصير من‮ ‬يبحث عن وظيفة فلا‮ ‬يجد؟ أو‮ ‬يجد وظيفة ولكنه كمن لم‮ ‬يجد‮! ‬ماذا لو وقف عند بعض العاملين الذين‮ ‬يعتاشون أحياناً‮ ‬من‮ ‬غيرهم عبر الصدقات وما شابه محاولة للتوازن النسبي‮ ‬مع الذات وتسيير دفة الحياة بـ‮ (‬القوة)؟‮ ‬
أعتقد‮ ‬ياسيدي‮ ‬النائب‮ -‬وأنا أقدر بحق إحساسك النابع من ملامسة حقيقية لمعاناة المواطن جراء الديون‮- ‬أعتقد أن إلغاء الديون أو تخفيفها لا‮ ‬يكفي‮ ‬طالما المشكلة مستمرة والغلاء في‮ ‬تزايد والتلاعب دون رادع،‮ ‬وما إلغاء الديون سوى عقار مهدئ ووقتي،‮ ‬بعده تتراكم المصائب أكثر وأكثر،‮ ‬إذ سيضطر المواطن أيضاً‮ ‬للاقتراض مجدداً،‮ ‬وسينتظر‮ (‬بارقة‮) ‬أمل بعد مضي‮ ‬أكثر من سنة على ديونه كي‮ ‬تفرج الهم من على كاهله‮.‬
القضية‮ ‬يا صاحب الهم أكبر من أن تحسم بإلغاء القروض،‮ ‬القضية بحاجة إلى دراسة اقتصادية واضحة وقائمة على رؤية عميقة وبعيدة المدى تؤهل المواطن للعيش وفق ضمانات تحميه من‮ ‬غول الغلاء وتلاعب التجار وغياب الرقابة،‮ ‬رؤية تنطلق من خطة تتعلق بزيادة رواتب المواطنين بما‮ ‬يتفق مع كل التغيرات التي‮ ‬تحدث في‮ ‬الوضع الاقتصادي‮ ‬محلياً‮ ‬وعربياً‮ ‬وعالمياً،‮ ‬رؤية‮ ‬يشرف عليها خبراء وأهل الشأن في‮ ‬السلطة التنفيذية وفي‮ ‬المؤسسات الاقتصادية المعنية بجانب مؤسسات المجتمع المدني‮ ‬وفي‮ ‬صدارتهم مجلسي‮ ‬النواب والشورى،‮ ‬وكنا نتمنى أن تصدر رؤية متكاملة حول هذا الوضع كالتي‮ ‬نادى بها النائب السابق عبدالنبي‮ ‬سلمان عند وقوفه على كارثة القروض،‮ ‬ولكن من المهم جداً‮ ‬أن نعتبر ما ذهب إليه النائب أبوالفتح مهماً‮ ‬ونعتبره كمن‮ ‬يجدد تعليق الجرس،‮ ‬عسى أن‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬يقرعه ويجد من‮ ‬يستجيب له وفق وعي‮ ‬مدرك لأبعاد المشكلة من جميع الجوانب‮..!!‬
 
صحيفة الوطن
18 سبتمبر 2008