المنشور

مشرف… والحالة الباكستانية


جاء إعلان الرئيس الباكستاني برويز مشرف أمس بالتنحي عن منصبه بعد أسابيع من الضغط السياسي وعزم قادة الائتلاف الحاكم بعزله من منصبه بسبب سوء إدارته وخرقه للدستور.

اتخاذ مشرف لهذا القرار وضعه على قائمة أول رئيس باكستاني يتم عزله بهذه الصورة في تاريخ باكستان. لقد جاء تصرف مشرف فقط من أجل «حفظ ماء الوجه» وخاصة مع تدني شعبيته منذ اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو في نهاية العام الماضي وتخلي أصدقائه في البيت الأبيض عنه.

وعلى رغم ما يحدث من مداولات كثيرة على الساحة الباكستانية، فإن الوضع الباكستاني يعتبر حالة تستحق الدراسة، ولاسيما أن العرب هم الذين غيّروا توجهات الباكستانيين في ثمانينيات القرن الماضي وذلك عبر تمويل مدارس التطرف وتحويل الساحة الباكستانية من ساحة اعتدال إلى قتال وتكفير.

كما أن باكستان كانت في سنوات سابقة أفضل من الهند من الناحية الاقتصادية، أما اليوم فالمارد الاقتصادي الهندي أصبح يشكل قوة بسبب تطور التعليم والاستقرار السياسي إضافة إلى عدم تدخل العسكر في شئون الحكم. وعليه فإن باكستان لا تختلف فرصها عن الهند شريطة التخلص من تدخل العسكر في الحكم وتنظيف النظام التعليمي من مدارس التطرف والتكفير التي أنشأتها الأموال الخليجية لهم.

إننا نأمل في أن تنتصر الإرادة الباكستانية المنتخبة على بقايا الدكتاتورية العسكرية، وأن تصدر لنا باكستان نموذجاً لاستعادة الحياة السياسية بل ونهجاً ديمقراطياً تنموياً بعيداً عن قبضة جنرالات الجيش. ولعل هذا ينفع العرب في اتخاذ موقف رافض للانقلاب العسكري الموريتاني ضد الرئيس المنتخب.

ويكفي أن نرى الهند التي تضم 150 مليون مسلم وهم يشاركون في إنجاح أكبر ديمقراطية في العالم، وهو ما يعني أن الباكستانيين المسلمين بإمكانهم إنتاج الديمقراطية في بلادهم وتصديرها لاحقاً عندما تنجح.

الهند اليوم تفتخر بمواردها البشرية المتعلمة وتفتخر أيضاً بتعدديتها الثقافية وتسامحها بين فئات المجتمع، إضافة إلى أنها لم تسمح للإقطاعيين الفاسدين التغلغل في كل مكان وأن المدنيين المنتخبين هم الذين يسيطرون على الجيش وليس العكس.



الوسط    19 أغسطس 2008