المنشور

حول حديث جلالة الملك

في‮ ‬الحديث الذي‮ ‬أدلى به جلالة الملك حمد بن عيسى لرؤساء تحرير الصحف المحلية تأكيد على عددٍ‮ ‬من الثوابت الوطنية،‮ ‬التي‮ ‬يحتاجها المجتمع في‮ ‬ظروفنا الراهنة،‮ ‬من أجل التغلب على المنغصات والمعوقات التي‮ ‬برزت في‮ ‬الآونة الأخيرة،‮ ‬والتي‮ ‬باتت تشكل كوابح في‮ ‬وجه التطور الصحي‮ ‬المُعافى للمجتمع،‮ ‬وهو‮ ‬ينشد الإصلاح والديمقراطية والتقدم والحياة الحرة الكريمة للناس‮.‬
 فقد أكد جلالته انه لا‮ ‬يمكن العودة إلى أساليب الماضي،‮ ‬التي‮ ‬تجاوزتها البحرين الجديدة التي‮ ‬تأمنت فيها مقادير من الحريات السياسية والعامة،‮ ‬بعد الإجماع الوطني‮ ‬الذي‮ ‬تحقق في‮ ‬التصويت على ميثاق العمل الوطني،‮ ‬والمناخ الذي‮ ‬شاع في‮ ‬البلاد بعد ذلك‮.‬

 طبيعي‮ ‬أن مشاكل عديدة في‮ ‬المجتمع تراكمت عبر عقود،‮ ‬وأخرى نشأت في‮ ‬الفترة الأخيرة تحتاج إلى جهود مخلصة في‮ ‬التغلب عليها،‮ ‬والى تفكير جديد لدى أجهزة الدولة ولدى مؤسسات المجتمع المدني‮ ‬والقوى السياسية والاجتماعية المختلفة على حدٍ‮ ‬سواء،‮ ‬لأنه لا‮ ‬يمكن التعاطي‮ ‬مع هذه التعقيدات بالذهنية السابقة التي‮ ‬تخطاها الزمن وتجاوزتها التطورات،‮ ‬لا على الصعيد المحلي‮ ‬وحده،‮ ‬وإنما في‮ ‬المحيطين الإقليمي‮ ‬والدولي‮ ‬أيضاً،‮ ‬ولأن الإصلاح‮ ‬يتطلب تفكيراً‮ ‬إصلاحيا ويتطلب مُصلحين جادين ومُؤمنين بأن هذا النهج هو وحده الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعبر بالبحرين إلى بر الأمان‮.

‬ وكان مهماً‮ ‬تأكيد جلالة الملك على اعتزازه وفخره بما‮ ‬يحدث في‮ ‬البحرين من حراكٍ‮ ‬سياسي‮ ‬واجتماعي،‮ ‬يعبر عن ما‮ ‬يختزنه تاريخ وتراث هذا البلد من تقاليد في‮ ‬العمل الوطني‮ ‬البناء والطامح إلى الإصلاح والتغيير نحو الأحسن،‮ ‬وتأكيد جلالته على احترام مظاهر الاحتجاج والتعبير السلمي‮ ‬الراقي‮ ‬التي‮ ‬كفلها الدستور والقانون،‮ ‬داعياً‮ ‬إلى التفريق بينها وبين أساليب التخريب والحرق والتدمير‮.‬

 وتلتقي‮ ‬هذه الدعوة مع ما كانت القوى السياسية التي‮ ‬تحتكم إلى المسؤولية والحرص على مصالح الوطن قد عبرت عنه في‮ ‬مناسبات مختلفة،‮ ‬من الابتعاد عن ثقافة وأساليب العنف التي‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن تعود إلا بأوخم العواقب وأكثرها ضرراً‮ ‬بالعمل السياسي‮ ‬في‮ ‬البلد،‮ ‬وتسيء إلى مناخ الحريات العامة،‮ ‬وتقدم الذرائع للراغبين في‮ ‬التراجع عنها،‮ ‬وإعادة المجتمع إلى المربع الأمني‮ ‬الذي‮ ‬ضاق به الناس وذاقوا،‮ ‬وهم محشورين داخله،‮ ‬كاساته المرة،‮ ‬قبل أن‮ ‬يُخرج المشروع الإصلاحي‮ ‬البلد منه‮.‬

 اليوم نحن في‮ ‬أمس الحاجة إلى تكريس ثقافة احترام القانون،‮ ‬وتعزيز الطابع السلمي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬للعمل السياسي‮ ‬وترشيده من أشكال الشطط والتطرف التي‮ ‬تبرهن تجربة شعبنا والشعوب الأخرى على أنها تشكل رافعة للتراجع والمراوحة،‮ ‬وعامل اعاقة للمضي‮ ‬نحو الأمام‮.‬

البحرين تقع في‮ ‬قلب منطقة متوترة،‮ ‬تعيش على صفيح ساخن بالمعنى الحرفي‮ ‬لا المجازي‮ ‬للكلمة،‮ ‬والمطلوب تحصين وضعها الداخلي‮ ‬وتعزيز الشراكة السياسية فيها بين الدولة والمجتمع،‮ ‬بما‮ ‬يحمي‮ ‬ما تحقق من منجزات،‮ ‬ويحمي‮ ‬البلد من العواقب‮ ‬غير المحمودة‮.‬
 
صحيفة الايام
21 يوليو 2008