المنشور

اعذروهم إن أوجعت ظهورهم.. سكاكينكم ..


في لحظة حميَّة، حمل الناشط البيئي محمد جواد حسين نفسه واعتصم عند أحد مصانع المعامير رافعاً لافتة تقول ‘إذا استحال إيقاف المصنع.. فيكفي ما قدمته المعامير من ضحايا’، فما كان من السلطات إلا أن اعتقلته حتى أفرجت عنه أمس الأول..
سؤالي هو: لم أفرجتم عنه ؟! لماذا لم تعدموه جزاءً له على فعلته النكراء ليكون عبرة للآخرين؟!

فليسمح لي الأخ محمد، ولكن كلمة الحق تقال.. مالك أنت وشأن التلوث في المعامير؟!
ماذا لو توفي 12 شخصا من المعامير العام الماضي بمعدل شخص لكل شهر؟! شخص ووواحد في شهر وتعتبر ذلك كثيراً؟!
ولماذا تنصبون العداء لهذه المصانع المسكينة؟! تريدون منهم أن يغلقوا مصانع تدر الآلاف شهرياً من أجل صحتكم؟! تريدونهم أن يشجروا المنطقة للحد من تبعات السموم أو يركِّبوا أجهزة تنقية مكلفة؟! ألا تعرفون أن كلفة الشجرة الواحدة تصل لـ 500 دينار!!

ألا تخافون الله لتشقوا على المصانع وتكلفوها آلافاً مؤلفة من الدنانير التي كدّ فيها عمّال السخرة الآسيويون؟!
مالكم يا أهل المعامير لا تفقهون نقيراً؟!

ثم لماذا تأتون كل حين على ذكر حادثة تسرب الغاز التي وقعت في 2004 وتسببت في 54 حالة اختناق و4 حالات إجهاض.. ولماذا تذكِّروننا على الدوام بمئات الشباب الذين اختطفهم السرطان في السنوات الأخيرة؟! ألم تقل لكم وزارة الصحة أن هواءكم نقي..؟! ألم تؤكد لكم الهيئة العامة للحياة الفطرية -مراراً- أن الغازات بريئة مما يصيبكم؛ لماذا تعاندون إذن؟! هل سمعتم قط أن هناك جهة حكومية تكذب؟! معاذ الله لم نر منهم يوماً إلا الصدق؛ فيما نراكم يا شعب البحرين تمتهنون الكذب حتى صار لكم ديدناً!!

وما قصة أهل الحد اللي ‘طالعين طلعة’ هذه الأيام؟! ماذا لو جاورتكم المصانع.. ماذا لو نصت الشروط البيئية على أن الفاصل المسموح به بين المصانع والمناطق السكنية يجب أن لا يقل عن 5 كيلومترات و’قربت’ الحكومة المصانع حبتين وقلصت المسافة لـ10 أمتار.. ماذا تريدون، أن ينقلوا المصانع للصخير ورأس البر يعني.. إذا نقلنا المصانع هناك أين سنخيم وأين سنذهب للقنص؟! لماذا انعقدت ألسنتكم؛ أجيبونا!!

لا تصيبنّكم يا أهل الحد عدوى أهل المعامير وسترة وتوبلي فتغدوا من المكروهين.. ربما ستسلبكم المصانع صحتكم وتزيد معاناتكم – القائمة أصلاً- مع الأورام السرطانية، ولكن كله يهون في سبيل التجارة والصناعة.. ثم إن الموت علينا حق.. فلا تجرحوا إيمانكم بالاعتراض على قضاء الله وطاعة أولي الأمر..

ولتعلموا أن الدولة عفت – من طيبها- عن محمد جواد رغم جريمته، ولكن للصبر حدود.. وللبيئيين وأحلافهم المتصدين للأمر نقول: الحكومة ‘أبخص’ بمصلحة مواطنيها، فلا تدسوا أنوفكم فيما ليس لكم شأن فيه.. أما لأصحاب المصانع المعلنين والمخفيين فنقول: لا تأخذونا بذنب السفهاء منا.. في المرة القادمة التي تصفعوننا فيها على خد.. سنقلب لكم خدنا الثاني.
 
الوقت 16 يوليو 2008