المنشور

قضية نموذجية‮ ‬ في‮ ‬العمل المطـــلبي


على  مدار عامين ونصف يتحرك النشطاء العماليون الذين فصلوا من عملهم في شركة “ألبا” إبان مرحلة قانون أمن الدولة، خاصة في فترة الحراك النقابي والعمالي النشط بين السبعينات والثمانينات، من أجل الحصول على تعويضات جراء ما لحق بهم من تعسف، وبعائلاتهم وأبنائهم من أذى جراء قطع أرزاقهم، لا لشيء سوى دفاعهم عن حقوق الطبقة العاملة، بما فيها الحق في تشكيل النقابات. هؤلاء النشطاء لم يتعرضوا فقط للفصل من أعمالهم، وإنما تعرضوا أيضاً للاعتقال والسجن لعدة سنوات جراء مواقفهم المشرفة هذه.
في ظروف البحرين الجديدة، حيث يتيح هامش الحريات المتاح خوض معارك مطلبية ناجحة، كان مقر المنبر التقدمي خلال العامين والنصف الماضيين يستضيف بصورة دورية عشرات من هؤلاء العمال، من اجل متابعة ملفهم، ورسم خطة التحرك مع الشركة والجهات المعنية من أجل بلوغ حل مشرف للقضية، ينالون على أساسه تعويضاً مالياً عما تعرضوا له.
 خاض العمال، من خلال نقابة “ألبا”، وعلى رأسها النقيب الشاب والنشط علي البنعلي، مفاوضات صعبة مع إدارة الشركة، لم تخلُ من صعوبات جدية، حيث أصرت الشركة على استبعاد بعض من وردت أسماؤهم في القائمة المقترحة لأنها ترى أن شروط التعويض لا تنطبق عليهم، إلى أن جرى في نهاية المطاف تثبيت قائمة بأسماء اثنين وثلاثين نقابياً وناشطاً عمالياً من مناضلي سنوات الجمر، بينهم اثنان من أبرز النقابيين الذين غادروا الحياة الدنيا في ظروف إنسانية صعبة هما الراحلان عزيز ما شالله وحميد عواجي، رغم ممانعة الشركة، حتى مرحلة متقدمة في المفاوضات، في إدراج اسميهما على قائمة مستحقي التعويض، بينما أصرت الشركة على استبعاد اسم المناضل العمالي الراحل إبراهيم سلمان الذي اعتقل وشرد من وطنه سنوات.
 بفضل الموقف الصلب لأصحاب القضية ولنقابة ” ألبا “، وبجهدٍ مشكور من النائب عادل العسومي أمكن في نهاية المطاف دفع مبالغ التعويض المستحقة التي نجحت النقابة في رفع سقفها لتبلغ تسعة عشر ألفا وأربعمئة دينار لكل عامل. مع ذلك فإن إدارة الشركة جعلت الفرحة منقوصة، حين استبعدت ثلاثة أسماء أخرى من القائمة التي جرى الاتفاق بينها وبين النقابة عليها، دون مسوغ يُعتد به، وهو أمر يتعين على الشركة سرعة المبادرة في تصحيحه، لينال كل ذي صاحب حق حقه الذي هُضم في سنوات العسف التي حُكمت فيها البلاد بقانون أمن الدولة البغيض.
 هذه القضية، إن بدت في الظاهر قضية صغيرة، فإنها تقدم نموذجاً ناجحاً في العمل المطلبي المثمر الذي تخوضه الطبقة العاملة البحرينية، وتدلل على مهارة حركتها النقابية اليوم في إدارة العمل المطلبي والتفاوض الجماعي، كتجسيدٍ للوحدة العمالية، التي من خلالها يمكن نيل الحقوق. كما إن النجاح في مثل هذه القضية هو، في بعض معانيه، يشكل جانباً من الوفاء لمرحلة نضالية مشرفة من تاريخ طبقتنا العاملة ولجنودها المجهولين الذين بفضل تضحياتهم وتفانيهم ونكرانهم للذات أمكن لطبقتنا العاملة أن تنال ما نالته اليوم من مكتسبات  بعد إصلاحات جلالة الملك.
 
الأيام 16 يوليو 2008