المنشور

التنمية العرجاء

ربما يكون المشروع الإصلاحي أكبر هدية قدمت للمفسدين في البحرين، فمع تنازلات محدودة تتعلق بفتح المجال لبعض “المجعجعين” قليلي الحيلة للتعبير عن بعض ما يؤرق معيشتهم تحت شعار “الانفتاح وحرية التعبير”، يمكن   أن يطرح مشروع الانفتاح الشامل، الذي قيل عنه في مصر من قبل إبان مرحلة التحول التي أسسها السادات، قيل عنه انفتاح يا سداح مداح. 
ما هو مفهوم الانفتاح الاقتصادي في مجتمعاتنا ؟ ببساطة هو أن يطبق النظام الرأسمالي الغربي بشروط قبلية، أي أن يكون السوق مفتوحاً للسماسرة والمضاربين وقراصنة الخليج دون رقابة، ودون معايير نزيهة للمنافسة الاقتصادية في ذات الوقت، ثلة من قراصنة البر تسيطر على المال العام ومراكز صنع القرار في الدولة وتستثمر البحرين وتديرها لا لصالح المواطن وإنما لصالح جيوبها، وهو ما يؤدي بطبيعة الأمر إلى ردم البحر وتخصيص الأملاك العامة، لا عبر مناقصات عامة وإنما بجرة قلم في عتمة الليل، فيصبح المرفأ الوطني مرفأ مالياً خاص، وتصبح سواحل الجفير والحد وسترة والزلاق أملاكاً خاصة لدائرة صغيرة في ما يسمى بالدولة.              
أما سعر برميل النفط الذي وصل سعره إلى معدل غير مسبوق والذي سبق أن أدى نصف سعره الحالي في السبعينيات إلى رفع معدل رواتب البحرينيين إلى الضعف، لم ينبنا منه سوى ارتفاع كارثي في أسعار العقارات لا بل والسلع الأساسية ابتداءً من مطعم الكرامة في “جدعلي” وصولاً لسعر (الفوت) في صدد. 
والحل المحنك والاستثنائي دائماً مصدره حكومتنا الرشيدة التي ابتكرت علاوة “بدل المذلة” التي لم تصرف لكل الذين يحيطون بي على الأقل منذ الإعلان عنها – أي منذ سبعة أشهر -. 
الانفتاح المزعوم لا بد له من أجهزة مزعومة تدعي دفع البلد إلى مسيرة التنمية تماشياً مع المشروع الإصلاحي الذي يستثمر طاقات المواطنين بناءاً على الكفاءة لا الانتماء، وهو ما يعني استحداث وزارات لا طائل منها سوى تعطيل مصالح المواطنين، فأي تنمية عرجاء هذه التي تعجز عن إصدار معاملة تافهة لما يزيد عن الشهر، و تعطل صرف “سخافة الغلاء” حتى قايضها الناس بقيمة كرامتهم الغالية التي لا تشترى بوعودكم الكاذبة.! 
 
خاص بالتقدمي