المنشور

قضايا حقوقية وبيئية

ما أسهل أن تنشرح صدور كل البحرينيين على اختلاف فئاتهم، وعلى الاخص ممن يعانون من البطالة وتدني الاجور، لسماع قرار حظر استقدام واحدة من شرائح العمالة الوافدة الاجنبية الكبيرة، الا هي العمالة البنغالية والتي يصل تعدادها في البلاد إلى ما يقرب من مائة ألف عامل تستفيد من خدماتهم عشرات الشركات والمؤسسات الكبيرة والصغيرة فضلا عن الدولة والمواطنين في أعمال وخدمات فردية وصغيرة متعددة الحرف والمهن، نقول: ما اسهل ان تنشرح صدور البحرينيين لهذا القرار كما يبدو ويفترض للوهلة الأولى وذلك لمجرد ارضاء نزوات الحساسيات المتراكمة ضد “الاجانب” لدى فئات غير قليلة من عوام الناس بل ولدى حتى نسبة من نخبة المثقفين والسياسيين انسياقا وراء دوافع العاطفة أو نتيجة للوعي السياسي المبسط، أو لوعي ذي نزعة عنصرية..
لكن ما اصعب تفهم خطأ معالجة جريمة ارتكبت من أحد ابناء تلك الجالية بحق مواطن بعقوبة جماعية ضد شعب برمته حتى لو وصلت نسبة من يرتكب مثل هذه الجرائم أو غيرها من الجنح إلى 1% من اجمالي عدد الجالية البنغالية في البحرين، فما بالنا بأن نسبة من ارتكبوها لا تصل بأي حال من الاحوال حتى إلى هذه النسبة؟ يستطيع البحرينيون ان يهللوا لقرار مثل هذا لكن لن يربحوا بأي حال من الاحوال مصداقية ضميرهم وشرفهم الاخلاقي وسمعتهم الانسانية أمام العالم.
ولذا فمن حسن الحظ أن انتقدت هذا القرار الخاطئ، رموز وقوى سياسية واجتماعية وحقوقية عديدة من مختلف فئات شعبنا دفاعا عن ضميرنا الاخلاقي ولكي لا نبدو أمام العالم كمن يحمل جينات نزعة عنصرية، وبهذا يثبت شعبنا في موقفه من القرار انه لا يقل تحضرا عن الشعوب الاوروبية الديمقراطية التي لطالما سمعنا وقرأنا عن تحرك منظماتها الحقوقية وقواها الحية الشريفة للتظاهر ضد أعمال العنف ضد المهاجرين، وبضمنهم العمال العرب، ووقف هؤلاء الشرفاء بكل قوة ضد البرامج والشعارات اليمينية والعنصرية المطالبة بطردهم تحت ذرائع شتى من بينها أن هؤلاء الاجانب هم المتسببون في البطالة ببلدانهم الأوروبية، وان الجرائم تتفشى في صفوفهم.

اعتصام الصيادين
فيما تتزايد مخاطر الشحن الطائفي ويتم تغذية هذا الشحن بوسائل ومناسبات متعددة يبدع فيها تجار الطائفية وأبواقها اليومية لإشغال السواد الأعظم من الناس بمختلف فئاتها عن همومها ومشاكلها الآنية وزجها في اتون نيران النعرات المذهبية التي لا تنتهي، فيما كل ذلك يحدث غابت معظم صحافتنا عن ابراز واحد من الاحداث اليومية الذي يشي بالكثير من العبر والدلالات المهمة على الصعيدين البيئي والوحدوي معا ففي يوم الاربعاء الفائت اعتصم عشرات الصيادين عند فرضة المحرق بمشاركة نواب وأعضاء بلديين وأعضاء في جمعية الصيادين من مختلف الفئات التي تمثل نسيجنا الاجتماعي في المحرق وخارجها للاحتجاج على اعمال التدمير المنهجية المتواصلة لسواحل الجزيرة الجميلة التي اصبحت اثرا بعد عين. ويأتي ذلك في ظل غياب كلي لأي دور يذكر لجمعياتنا البيئية للتضامن مع هذه الاحتجاجات ومساندتها .

أخبار “الثمانية”؟
سعدت قبل ايام لقيام أحد أعضاء مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية بالاتصال بي تلفونيا مثنيا على احدى حلقات كتاباتي التاريخية، وبعد ابدائي الامتنان الشديد لشعوره الطيب وانخراطنا في تجاذب اطراف الحديث والدردشة، اغتنمت هذه الفرصة من جانبي للاستفسار منه عما إذا تم شيء في مجلس الشورى بخصوص المواطنين الثمانية المحتجزين والذين مر على احتجازهم ما يقرب من 4 أشهر، ففوجئت بقوله إن الموضوع لم يعرض على المجلس حسب علمه أو لم يتلق أي إخطار بحريني لطلب بذل المساعي الحميدة حول هذا الموضوع. وحاول محدثي أن يخفف من وطأة مفاجأتي وذهولي وخيبة أملي بالقول إن الموضوع لربما مطروح في إحدى لجان المجلس وليس لديه علم بذلك. وبقدر ما تثير تصريحات بعض المسؤولين في البلدين الشقيقين بنفي وجود تهم محددة ضد المتهمين المحتجزين الثمانية الارتياح في نفوس البحرينيين، ولعل آخرها تصريح وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي نفى فيه ما يشاع عن اتهام الثمانية بالتجسس لصالح إيران، وتعزز هذا النفي بابلاغهم مؤخرا بأن التهمة الوحيدة التي تم توقيفهم بسببها منذ فبراير الماضي تنحصر في ضلهم الطريق بالاقتراب من منطقة عسكرية محظورة، فإن غياب جمعياتنا الحقوقية وبرلماننا بغرفتيه عن لعب دور فاعل ملموس حول هذه القضية الإنسانية بما في ذلك تكثيف الاتصال بمجلسي الشورى وحقوق الانسان بالسعودية، لأمر يدعو حقا للأسف والاستغراب.
 
صحيفة اخبار الخليج
23 يونيو 2008