المنشور

ابن خلدون .. وجهة نظر أخرى


احتل اسم عبد الرحمن ابن خلدون مكانة كبيرة في التاريخ، وذاع صيته لا في العالمين العربي والإسلامي فحسب، وإنما خارجهما أيضاً، فهو من أشهر من ترددت أسمائهم وطبعت مؤلفاتهم واهتم بهم الشرق والغرب، ولا احد يجاريه في هذه الشهرة أو ينتقد نظرياته على أساس أن مقدمته لكتاب العبر تعتبر دراسة متقدمة في عصرها على غيرها من الدراسات مع انه واضح التناقض بينها وبين الكتاب نفسه فالمقدمة كانت شيئاً جديداً في علم الاجتماع بينما التاريخ نفسه في كتاب العبر كان هزيلاً لا يجاري المقدمة، وقد لاحظ الكاتب المصري سلامة موسى هذا التناقض فشكك في مقدمة ابن خلدون.
 
ألا أن أحدا لم يلتفت إلى ما قاله سلامة موسى إلى أن جاء كاتب آخر كان في البداية من المتحمسين لابن خلدون واكتشف حقيقة هذه المقدمة التي قال عنها بأنها مسروقة من إخوان الصفا وخلان الوفا وهو الكاتب الدكتور محمود إسماعيل، ولا يسعنا هنا إلا استعراض ما يقوله في ابن خلدون دون أن نأخذ برأيه بسبب أن الموضوع يحتاج إلى دراسات معمقة لكتاب كبار وليس مجرد قراء . انه يرى في ابن خلدون سياسياً متقلباً ووصولياً انتهازياً يميل إلى الغالب على المغلوب وهو الذي رحب بالمغول ومدحهم وانضم إليهم .
يقول الكاتب محمود إسماعيل: اعتبر الدارسون مقدمة ابن خلدون أروع انجاز علمي عرفه التاريخ وكم من رسائل وأطروحات علمية نال بها أصحابها مكانة أكاديمية مرموقة وعلى الجانب الآخر اعتبر الدارسون معارف إخوان الصفا قصص إشراق وعرفان صوفي، ويقول اعترف أنني أسهمت من قبل في الترويج لتلك الأسطورة .. تعاظمت شكوكي في ابن خلدون ومقدمته حين درست تاريخه العبر وديوان المبتدأ والخبر وأدركت البون الشاسع بين المقدمة والتاريخ.. وقفت على حقيقة أن سائر النظريات التي نسبت إلى ابن خلدون منقولة عن رسائل إخوان الصفا.. وعلى كثرة ما ذكر من أسماء آلاف الأعلام وآلاف الكتب لم يشر ولو مرة لأخوان الصفا .
 نقل ابن خلدون عن الرسائل المصطلحات وأسماء العلوم وكانت قد اندثرت .. ما عرف عن ابن خلدون من فساد السيرة و حوك المؤامرات حتى لأقرب أصحاب الفضل عليه .. وقد رفعه كل الدارسين عرباً ومستشرقين إلى مصاف الفلاسفة وكبار المفكرين .
يستعرض الكاتب فقرات  نقلها أو كما يقول سرقها ابن خلدون من إخوان الصفا كما هي بدون تغيير كما يذكر أن العالم الإسلامي التفت لابن خلدون وأعطى ظهره لأخوان الصفا المتهمين بالزندقة وغيرها لأسباب مذهبية .
يقول الكاتب أن هذا الطرح السياسي خلال عصر الانحطاط قاد ابن خلدون إلى اختيار الانتهازية والوصولية حتى لو اقتضى الحال الاتصال بالغزاة والمعتدين وهو يشير هنا إلى اتصاله بالمغول وعلاقته بتيمورلنك وما قدمه له من معلومات عن مصر والمغرب أعجب بها تيمورلنك وقدم له الجوائز عليها
.