المنشور

نواب إسلاميون وإنجازات متواضعة للبرلمان

لقد انفض دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني في 17 مايو 2008م وأبدى كل واحد من أولئك النواب كامل استعداداته، وهيأ ظروفه الذاتية والموضوعية كافة، من أجل استمتاعه هو وأفراد اسرته بقضاء اجازة صيفية في ربوع دول أوروبا ودول جنوب شرقي آسيا والعديد من الدول العربية.. وذلك بعد عنتريات الاستعراضات الموارية الكلامية والمفرغة من كل محتوى ومضمون ما بين النواب الاسلاميين في ظل تسليط الاضواء الاعلامية تحت قبة البرلمان..
وبعد انتهاء صراع الديكة الذي تمثل في الصراعات الطائفية والاصطفافات المذهبية بين أروقة البرلمان، ما بين نواب تيار الاسلام السياسي المؤمن بعضهم بالنص والحاكمية، والمنتمي البعض الاخر إلى ولاية الفقيه والمرجعية الدينية.. ولكن هؤلاء النواب الاسلاميين جميعهم يلتقون في بوتقة واحدة من الفكر الديني المشترك النقيض لمفاهيم الديمقراطية والمعارض لمبدأ التعددية.. وبالتالي سعي اصحاب هذا الفكر الى افراغ البرلمان من مهماته التشريعية ومسئولياته كافة في المساءلة والمحاسبة واستجواب السلطة التنفيذية.. لكون اصحاب هذا الفكر الاسلامي قد عكسوا موقفا متخلفا بالغ الهشاشة والسلبية فيما يتعلق بمهماتهم النيابية، وكشفوا عن ماهيتهم بأنهم ليسوا كفئا ولا أهلا للمسئولية التشريعية والرقابية ومساءلة السلطة التنفيذية.
غني عن البيان أنه حينما جاء أداء نواب تيار الاسلام السياسي خلال دور الانعقاد الاول للفصل التشريعي الثاني هشا وهزيلا ودون المستوى المطلوب، بحسب ما صرح به المحللون والمراقبون.. فان “انجازات البرلمان في دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثاني، هي صفر” بحسب ما عبر به النائب الوفاقي علي سلمان. هذه التصريحات لم تأت من فراغ، طالما تداعيات الحقائق وماهية الوقائع بين أروقة البرلمان لا يحجبها الغربال.. ولكون تلك الحقائق والوقائع قد تجسدت في مدى الاستجوابين الفاشلين، اللذين اكتنفتهما الاصطفافات الطائفية والانتماءات المذهبية والولاءات العشائرية لنواب تيار الاسلام السياسي (الوفاق والاصالة والمنبر الاسلامي).. كل طرف أراد ان يعزز طائفته ويفخر بمرجعيته، التي جاءت على حساب المهمات الرقابية والمسئوليات التشريعية.. ناهيك عن ضياع وقت السلطة التشريعية سدى من دون استغلال الوقت الثمين لمناقشة ومداولة القضايا الثمينة. ولكن ما يؤسف له القول: ان نوابا كهؤلاء قد انشغلوا بهواجسهم الطائفية وأفكارهم المذهبية فانهم يظلون خارجين عن طبقات الشعب بعيدين عن أحلام المواطنين والناخبين.. ونوابا كهؤلاء دفعوا جل اهتماماتهم لأتفه القضايا الشكلية، بل النقيضة للديمقراطية، كقضايا حظر الاختلاط في الجامعات، ومحاربة ربيع الثقافة، والغلق الاجباري للمحال والصيدليات يوم الجمعة، ومحاكمة الصحافة وحبس الصحفيين و مسألة المنقبات في القضايا المرورية، وقانون الحشمة، وما شابه ذلك من القضايا .. فإن هؤلاء النواب قد لا يستحقون هذا الموقع الشعبي.. فضلا عن فشلهم في تقديم (المقترحات بقانون) التي لا يقارن عددها الضئيل، بالكم الهائل من تقديم (المقترحات برغبة).. ليحولوا البرلمان الى برلمان خدمات.. ويفرغوه بالمقابل من مهماته الرقابية والتشريعية والمحاسبية..
أما القضايا الساخنة والمهمة كملفات الاشكالية الدستورية والاسكان والبطالة والصحة والتعليم والتجنيس وقوانين الاحوال الشخصية والفساد والاختلاسات فهي سادرة بمزيد من التجاهل والاهمال، تئن طول الانتظار ما بين أدراج البرلمان وأدراج الحكومة. انه من الاهمية بمكان القول: إن هشاشة ووهن انجازات النواب الاسلاميين قد اقترنا باستياء المواطنين وامتعاضهم من اداء النواب، بقدر ما اعلنوا عدم رضاهم بمستوى هؤلاء النواب الاسلاميين، مثلما انتقدوا انحيازاتهم الطائفية والمذهبية.. ولعل عملية الاستبيان التي اعدتها جريدة اخبار الخليج مؤخرا قد اكدت ذلك.. ومن هنا فإننا سننقل ما ورد في هذه العملية الاستبيانية للجريدة حيث “اعرب 76% من المواطنين عن عدم رضاهم بمستوى وأداء النواب خلال الدور الثاني من الفصل التشريعي الثاني.. وأكد 51% ان البرلمان لم ينسجم وطموحات الشعب، بينما أكد 70% ان الطائفية سيطرت على الاستجوابين.. في حين اعلن 87% استياءهم من التسييس”.
هذه النسب المئوية الكبيرة التي جاءت من خلال عملية الاستبيان الذي اجرته جريدة أخبار الخليج، تؤكد بدلالات جلية ان المواطنين قد طفح بهم الكيل ونفاد الصبر مما وجدوه من بذور الانقسامات المذهبية والتمسوه من الاصطفافات الطائفية المستشرية تحت قبة البرلمان، بحسب ما ابدى الناخبون بالغ استيائهم لمدى ضعف وتدني اداء نواب تيار الاسلام السياسي بين أروقة البرلمان خلال الفصلين التشريعيين الاول والثاني، ومثلما أماط الشعب البحريني اللثام عن نواب افتقدوا ادنى معايير ممثلي الشعب، وصفات ومميزات النائب الذي ينشده الناخبون، بقدر ما سوف يفتقد مرشحو قوى تيار الاسلام السياسي خلال الانتخابات النيابية القادمة والمستقبلية نجاحاتهم وفوزهم بوصولهم الى البرلمان.. حينما يخاطب المواطنون والناخبون هذه القوى الاسلامية “إذا استطعتم خداع الشعب بعض الوقت، فإنكم لم تستطيعوا خداعه في كل الاوقات”.
 
صحيفة اخبار الخليج
20 يونيو 2008