المنشور

مصير الاستراتيجية‮ ‬ الوطنيـــــة للشبـــاب

خلصنا أمس إلى أن التعاطي‮ ‬مع قطاع حيوي‮ ‬مثل قطاع الشباب لا‮ ‬يستقيم دون رؤية استراتيجية كاملة،‮ ‬مشفوعة بآليات تنفيذ خلاقة لها‮.‬ ولدى البحرين ما تتباهى به في‮ ‬هذا المجال قياساً‮ ‬بدول أخرى،‮ ‬فقد أنجزنا الاستراتيجية الوطنية للشباب،‮ ‬التي‮ ‬تعد آلية انجازها مثالا‮ ‬يُحتذى في‮ ‬الشراكة لا بين البحرين والهيئات الدولية،‮ ‬بالنظر إلى أن البرنامج الإنمائي‮ ‬للأمم المتحدة اضطلع بدور فعال في‮ ‬المساعدة على انجاز الاستراتيجية،‮ ‬وإنما أيضا للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البحرين‮.‬
لم تكن المؤسسة العامة للشباب ولا الأجهزة الرسمية الأخرى وحدها من وضع هذه الاستراتيجية،‮ ‬إنما شارك ممثلون للمجتمع المدني‮ ‬وشخصيات ثقافية واجتماعية معروفة في‮ ‬البلد،‮ ‬كل في‮ ‬مجاله،‮ ‬في‮ ‬وضعها،‮ ‬بل إن الشباب أنفسهم،‮ ‬من خلال جمعياتهم الشبابية،‮ ‬كانوا شركاء في‮ ‬وضع الاستراتيجية،‮ ‬فلم‮ ‬يشعروا بأن وصاية من الكبار فرضت عليهم في‮ ‬قضية تعنيهم في‮ ‬المقام الأول‮.‬ وفي‮ ‬نتيجة عمل مثمر ودؤوب استغرق شهورا متكاملة أمكن‮  ‬انجاز هذه الاستراتيجية التي‮ ‬غطت الجوانب المختلفة المتصلة بحقوق الشباب وآفاق مشاركتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية،‮ ‬وشروط تحقيق هذه المشاركة‮.‬
وفي‮ ‬كلمات‮ ‬يمكن القول إن هذه الاستراتيجية،‮ ‬رغم أي‮ ‬ملاحظات‮ ‬يمكن أن ترد عليها،‮ ‬تعد من الوثائق الجيدة التي‮ ‬يمكن الانطلاق منها‮.‬ عند هذا الحد والأمور تبدو ممتازة،‮ ‬لكن للأسف الشديد فإن خطوة فعلية واحدة لترجمة ما تضمنته الاستراتيجية لم تر النور،‮ ‬وكأن كل الجهود الكبيرة التي‮ ‬بُذلت في‮ ‬وضعها ذهبت سدى‮.‬ ومصير هذه الاستراتيجية‮ ‬يُنبه إلى مكامن الخلل القاتلة في‮ ‬أمور كثيرة في‮ ‬وطننا،‮ ‬فنحن نضع تصورات جيدة،‮ ‬ولكن كثيراً‮ ‬من هذه التصورات‮ ‬يظل حبراً‮ ‬على ورق،‮ ‬فإما أن‮ ‬يجمد أو‮ ‬يتم التراجع عنه لصالح خطط وتصورات أخرى‮.‬
البحرين،‮ ‬كما أسلفنا في‮ ‬حديث الأمس،‮ ‬تستضيف ملتقى دولياً‮ ‬حول الشباب،‮ ‬يتعين عليه أن‮ ‬يناقش الاستراتيجيات ذات الصلة بالأمر،‮ ‬ولكن البحرين نفسها معنية بأن تُفعل استراتيجية في‮ ‬هذا المجال أُنفق في‮ ‬إعدادها الكثير من الوقت والجهد،‮ ‬لا لكي‮ ‬توضع في‮ ‬الأدراج،‮ ‬وإنما لتُطبق،‮ ‬وتغتني‮ ‬بالممارسة والتجربة‮.‬ وهو أمر‮ ‬يجعلنا ننتظر من المعنيين بأمرها توضيحاً‮.
 
صحيفة الايام
16 يونيو 2008