المنشور

مؤتمر مواجهة التطرف

أمر طيب أن تستضيف البحرين اجتماعاً‮ ‬عالمياً‮ ‬واسع التمثيل‮ ‬يبحث في‮ ‬السبل الكفيلة لتجنيب الشباب الانخراط في‮ ‬سلوك التطرف العنيف‮.‬ ويزيد من أهمية هذا المؤتمر أن منظمة عالمية مرموقة ومعروفة برصانتها هي‮ ‬منظمة اليونسكو تتولى تنظيم هذا المؤتمر،‮ ‬فهذه المنظمة تعطي‮ ‬مسألة احترام التنوع الثقافي‮ ‬في‮ ‬العالم مكانةً‮ ‬محورية في‮ ‬نشاطها،‮ ‬ومنها تنطلق نحو تشجيع حوار الثقافات وتفاعلها،‮ ‬بديلاً‮ ‬لحال الاحتراب والمجابهة التي‮ ‬يدفع إليها‮ ‬غلاة المتشددين في‮ ‬المجتمعات المختلفة،‮ ‬بمن فيهم أولئك الذين‮ ‬يسوقون لفكر التعصب وكراهية الآخر في‮ ‬مجتمعاتنا العربية والإسلامية،‮ ‬ومثلهم‮ ‬يفعل من‮ ‬يضفي‮ ‬لبوساً‮ ‬فلسفيا على هذه الفكرة كما فعل هنتغتون في‮ ‬أطروحته عن صراع الحضارات‮.‬
وجميل أيضا أن‮ ‬يشتمل هذا الملتقى على فعاليات فنية وموسيقية،‮ ‬ففي‮ ‬ذلك ما‮ ‬يبرهن على دور الثقافة والفنون في‮ ‬إشاعة مناخ التسامح والانفتاح بين الأمم والثقافات‮. ‬ ومواجهة الفكر المتطرف ومخاطر انسياق الشباب له هي‮ ‬اليوم قضية دولية تعني‮ ‬العالم كله،‮ ‬بمقدار ما هي‮ ‬قضية وطنية تعني‮ ‬كل مجتمع على حدة،‮ ‬حين‮ ‬يتعين وضع الاستراتيجيات الشاملة التي‮ ‬تكفل تنشئة الشباب على روح التسامح والوسطية والمرونة،‮ ‬والبعد عن التعصب وكراهية الآخر‮.‬ عالم اليوم‮ ‬يعاني‮ ‬من همجيتين‮.‬ ‮
‬همجية أولى تتمثل في‮ ‬سياسات العدوان وشن الحروب واحتلال البلدان ونهب ثروات الشعوب وإفقار بلدان وشعوب بكاملها في‮ ‬القسمة الدولية الضيزى الراهنة للثروة بين فقر مدقع وغنى فاحش‮.‬ وهمجية ثانية تتمثل في‮ ‬الفكر الإرهابي‮ ‬المتطرف الذي‮ ‬لا‮ ‬يتورع عن ارتكاب أبشع جرائم القتل ضد الأبرياء،‮ ‬ومعاداة الحضارة الإنسانية بكل ما فيها من منجزات راقية في‮ ‬الثقافة والفنون وأوجه السلوك المتحضر‮.‬ وإذا كانت الهمجية الأولى تندفع وراء مصالحها الأنانية الجشعة في‮ ‬استنزاف ثروات الكوكب،‮ ‬فإن الهمجية الرجعية الثانية تتغذى من الأولى في‮ ‬توظيف إحباط الشعوب والأجيال الجديدة خاصة لتصبح وقودا في‮ ‬حربها العبثية التي‮ ‬تشن بصورة أساسية ضد الحضارة الإنسانية‮.‬
ومن هذه الزاوية بالذات وجب الالتفات إلى وضع الاستراتيجيات الرامية إلى توعية الشباب بمخاطر ذلك،‮ ‬وحشد طاقاتهم ومواهبهم فيما‮ ‬يعود بالنفع على أوطانهم وشعوبهم،‮ ‬من خلال العلم والتأهيل والتدريب واستخدام المعرفة للنهوض بمجتمعاتهم وتحسين أوضاع العيش فيها‮.‬ مهم أن نكون شركاء في‮ ‬هذا الحوار الدولي‮ ‬ضد التطرف والإرهاب؛ فذلك‮ ‬يعني‮ ‬أننا على تماس مع ما‮ ‬يشغل عالم اليوم من قضايا،‮ ‬ولكن الأهم من ذلك هو كيف نلتفت إلى أوجه تجلي‮ ‬هذه القضايا في‮ ‬بلدنا ومجتمعنا،‮ ‬وأن نضع أو نفعل الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالموضوع‮. ‬للحديث تتمة.
 
صحيفة الايام
15 يونيو 2008