المنشور

أطفال مملكة البحرين وغياب التشريعات التربوية


 
يوم 12 يونيو هو اليوم العالمي لمناهضة تشغيل الأطفال، وما يتمخض عن تعريضهم لمختلف الأخطار وشتى مظاهر القهر والقمع، وبمناسبة هذا اليوم العالمي للطفولة فإننا سنتناول وقائع وأوضاع الطفولة في مملكة البحرين وما يترتب عليها من ضرورة تقديم مختلف الأساليب التربوية الأسرية والتعليمية والإعلامية بالشكل المطلوب وطرح مفاهيم الرعاية الأهلية والمجتمعية والتنموية بالشكل المنشود، من أجل القدرة على تربية هذه الطفولة باستحقاق وإعدادها وتأهيلها باقتدار، وفي سبيل صونها والحفاظ عليها والدفاع عنها ورفع غطاء العنف الأسري والمجتمعي عن كواهلها، والحد من المعاناة النفسية والجسدية عن أكتافها، وصد تداعيات جميع الإيذاءات والإهانات التي تواجهها والتي تقابلها عملية النهضة التربوية والأسرية والتعليمية والصحية والمجتمعية عبر مختلف سنوات الطفل العمرية التي يستوجب أن تدخل إلى حيز التنفيذ وحيز الواقع والوجود..
بحيث إن هذه العملية من النهضة التربوية للطفولة، لن يكتب لها النجاح ما لم تقترن بمصداقية الإرادة الراسخة وترتهن بحسم المبادرات الوطنية بتوطيد العزائم واستنارة العقول وتوكيد التضحيات التي تدعمها بطبيعة الحال القوانين الحديثة والتشريعات المتطورة من دون تلكؤ وبلا تردد أو من دون لفت أنظار المجتمع وإثارة فضوله وانتباهه وتساؤلاته بين فترة وأخرى لا لشيء سوى للاستهلاك المحلي بشعارات التصريحات النظرية التي لا تغني ولا تشبع من جوع. ولعلنا هنا نستميح أصحاب الشأن بما أسلفناه قولا حول سن التشريعات المتعلقة بالطفولة، وما صاحبها من التصريحات غير العملية لكون الجميع قد أصابهم السأم والضجر في مقتل، وطالما التربويون والاجتماعيون والنفسانيون أصابهم اليأس والقنوط في مكمن.. ذلك لما كان ولا يزال يقال وما يصرح به أصحاب الشأن، وما ينشر في الصحافة المحلية على ألسنة المسئولين في الدولة وممثلي الشعب سواء في السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية حول سن واستحداث قوانين وتشريعات تتعلق بواقع الأطفال والطفولة في مملكة البحرين منذ أمد بعيد، أي منذ الفصل التشريعي الأول ما قبل خمسة أعوام أو ستة أعوام خلت، مرورا بتصريح رئيسة لجنة المرأة والطفل بمجلس الشورى حول التشريعات الخاصة بالطفل عام 2007م، وتواصلا مع إعلان بعض النواب مقترحاتهم إزاء الموضوع ذاته من العام الماضي ذاته.. وتشكيل اللجان الرئيسية والفرعية باللجنة الوطنية للطفولة بقرار رقم 46/.2007 إنه من الأهمية بمكان القول: إن قضايا سن التشريعات التربوية الخاصة بواقع الطفولة وأطفال مملكة البحرين هي قضايا لا تحتمل التأخير والتأجيل بل هي غير قابلة للتسويف أو التضليل.. لكون هذه القضية التربوية هي أخطر القضايا على الإطلاق.. ولكون حقائق هذه القضية قد طرحت من جديد وباستمرارية دائمة فإنه توجب على السلطة التنفيذية أن تبادر وتبت في قانون الطفل على جناح السرعة، بدلا من التباطؤ غير المبرر، ولعل ما أكدته الدكتورة فضيلة المحروس رئيس مجلس إدارة مركز البحرين لحماية الطفل قد أصاب كبد الحقيقة عند قولها «ضرورة الإسراع بتمرير قانون الطفل الذي تم تقديمه منذ الفصل التشريعي الأول وبقي لدى السلطة التنفيذية فترة طويلة«. ويبقى القول صحيحا: ان مناسبة يوم 12 يونيو وهو اليوم العالمي للدفاع عن الطفولة، ومناهضة تشغيل الأطفال.. فإنه آن الأوان لضرورة عقد اللقاءات الملحة ما بين أصحاب الرأيين الرسمي والشعبي والمتمثلين في المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ومنها الجمعيات السياسية والنسائية والحقوقية واللجان الوطنية للطفولة ولجان الطفولة بالمجلس الوطني بجانب المؤسسة العامة للشباب والرياضة ومركز البحرين لحماية الطفل، من أجل التحاور والتشاور لوضع الخطط التربوية والإستراتيجية المطلوبة للطفولة وسن وتشريع قانون للطفولة وحماية أطفال البحرين بين أروقة البرلمان وتحت قبته، بشرط أن يكون قانونا حضاريا متطورا، ومستنيرا متكاملا بطابع من التناسق والتناغم، وبصياغة سليمة من دون ثغرات ولا عثرات، يصون الطفل بقدر ما يحافظ على حقوق المرأة كاملة، وبحسب ما يؤكد هذا القانون الدفاع عن الطفولة ضد كل ما يمت بصلة إلى العنف والإيذاء والإساءة والاعتداء، والتجريح والتقريع، سواء نفسيا أم جسديا أم معنويا في مختلف البيئات المجتمعية وعلى رأسها البيئتان المنزلية والمدرسية، ليس هذا فحسب ولكن أيضا النهوض بهذه الفئة من الأطفال صحيا وتعليميا وتربويا واجتماعيا وثقافيا.. والأهم من ذلك كله هو حماية هؤلاء الأطفال من تسلط الكثير من الآباء والأمهات والإخوة والمدرسين الذين هم أصلا يظلون في أمس الحاجة إلى تأهيلهم وتوجيههم ورسم معالم الحياة السوية أمامهم من خلال النهضة التربوية والعلمية الإنسانية.. هذه الفئات من الكبار حينما تستوي على جادة المفاهيم التربوية السوية.. فإن الأطفال الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل سيسترشدون من المعين التربوي السوي والسديد.. وهذا يتطلب في واقع الأمر استحداث قوانين وسن تشريعات لتربية الكبار قبل الصغار من أجل تعديل اعوجاج العود لتسوية الظل.. وذلك اقتداء بالأمم الإنسانية المتطورة وعلى غرار المجتمعات الديمقراطية والحضارية التي تألقت في العلوم الإنسانية والتربوية قبل العلوم التقنية والعلمية.
 
أخبار الخليج  13 يونيو 2008