المنشور

الصمت ومصير حرية العمل الصحفي‮!‬

مهما اختلفنا حول سقف الحريات المتاح في‮ ‬البحرين الا انه وانصافا للحق ان البحرين تتمتع بمكانة مرموقة على صعيد حرية الرأي‮ ‬والتعبير اي ‬أنها بدأت بالفعل تقطف ثمار الاصلاحات السياسية وهذا في‮ ‬حد ذاته‮ ‬يعتبر واحدا من المنجزات الهامة ما‮ ‬يؤكد ذلك الغاء عقوبة حبس الصحافي‮ ‬الخطوة التي‮ ‬اصبحت محل تقدير واعجاب عربي‮ ‬ودولي‮ ‬في‮ ‬حين ان عقوبة حبس الصحافي‮ ‬لا تزال تلاحق العمل الصحافي‮ ‬في‮ ‬العديد من الدول العربية التي‮ ‬سبقتنا بعقود من الزمان في‮ ‬مجال حرية الكلمة،‮ ‬ولنا مثال على ذلك مصر وسوريا،‮ ‬ومن المنجزات ايضا سجل البحرين العالمي‮ ‬على مستوى حقوق الانسان،‮ ‬ورغم ذلك ان الحملة العدائية التي‮ ‬يقودها‮ »‬اخوان المسلمين‮« ‬تجاه هذه الحرية ماضية وفق استراتيجية حزبية في‮ ‬انتهاكاتها لحق ابداء الرأي‮ ‬والتعبير،‮ ‬ولا حاجة للقول بان‮ »‬الشايجي‮ ‬والحمد وبتول السيد والدكتور البغدادي‮« ‬في‮ ‬مقدمة تلك القائمة المستهدفة في‮ ‬هذه الحملة التي‮ ‬تحرص على ارهاب الكلمة وتكميم الافواه مما‮ ‬يعرقل وبشكل خطير حرية الرأي‮ ‬والتعبير والنشر التي‮ ‬التزمت بها المسيرة الاصلاحية التزاما دستوريا وقانونيا وادبيا في‮ ‬حين انه لا‮ ‬يمكن ان تترسخ جذور الحريات الا بمزيد من الحريات المسؤولة،‮ ‬وكذلك بمزيد من الحقوق وما‮ ‬يقابلها من واجبات تعلو فوق كل مصالح عشائرية وقبلية وطائفية وسياسية وعقائدية تحارب حرية الفكر والتفكير والابداع‮.‬
واذا قلنا لا عجب ان ارتبطت هذه الحملة باجندة وبممارسات سياسية كان الهدف منها فرض نظام الوصاية على المجتمع والدعاية لنواب اسلاميين فشلوا في‮ ‬الاداء البرلماني‮ ‬فان العجب ان تحاكم هذه الاصوات المستنيرة وتنتقص الحريات في‮ ‬جو من‮ “‬التطرف الاصولي‮”،‮ ‬ولم نسمع من انصار الحرية والديمقراطية والحقوق عن اية فعالية احتجاج ثقافية كانت ام سياسية او حقوقية خاصة وان حرية الكلمة تتعرض الى هجمات شرسة من قبل تيار سياسي‮ ‬اسلاموي‮ ‬اخذ على عاتقه الدفاع عن داعية ابعد ليس من البحرين فحسب بل من دول عربية واوروبية عديدة بحكم دعم وتأييد هذا الداعية للارهاب والعنف والتعصب ولاثارة الكراهية‮. ‬ويمكننا القول بامانة ان الموقف المبدئي‮ ‬الثابت للاتحاد الدولي‮ ‬للصحفيين كان مشرفا،‮ ‬حينما وقف مع حرية الصحافة في‮ ‬بلادنا والاهم من ذلك اعرب عن استعداده لانتداب محامين للدفاع عن‮ “‬الشايجي‮ ‬والحمد‮” في القضية المرفوعة ضدهما من قبل وجدي‮ ‬غنيم احد قيادات‮ “‬الاخوان المسلمين‮” ‬المتعلقة بتهمة القذف‮!!‬
والامر لا‮ ‬يختلف ايضا بالنسبة للشبكة العربية لحقوق الانسان،‮ ‬فهي‮ ‬الاخرى ادانت في‮ ‬بيان لها مصادرة حرية الصحافة من قبل توجهات اسلاموية تستخدم الدين في‮ ‬تكبيل الصحافة والتربح باسم الدفاع عن الاسلام‮.‬
حقيقة كنا نأمل من انصار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ان‮ ‬يخرجوا عن صمتهم لان الدفاع عن حرية العمل الصحافي‮ ‬يعتبر دفاعا عن الحريات عموما،‮ ‬ولكن‮ ‬يبدو ما اشار اليه الزميل‮ “‬سعيد الحمد‮” ‬من تعليق وتساؤلات اهم تعبير عن هذا الصمت ولا سيما عندما قال‮: ‬في‮ ‬هذا الوقت تحديدا نفتقد ويغيب عنا صوت الاخوة في‮ ‬الجمعيات الحقوقية البحرينية المختلفة فلا نسمع لهم كلمة ولا حرفا أو تعليقا على ما‮ ‬يتعرض له زملاؤهم من حملة القلم المدافعين والذائدين عن حرية الصحافة وحرية التعبير التي‮ ‬تعتبر من اولى اولويات الجمعيات الحقوقية والدفاع عنها مبدأ رئيسي‮ ‬من مبادئ هذه الجمعيات التي‮ ‬ندبت نفسها في‮ ‬كثير من الاحداث للدفاع عن الحريات،‮ ‬فلماذا نفتقدها في‮ ‬هذه القضية؟ ولماذا‮ ‬غاب عنا صوتها المفترض فيه التضامن بقوة مع حرية الكلمة والدفاع عما تتعرض له هذه الحريات من محاولات وأد وقمع ومصادرة؟

صحيفة الايام
7 يونيو 2008