المنشور

عن الاستخدام السياسي‮ ‬لدور العبادة

في‮ ‬مشروع‮  ‬قانون التنظيمات السياسية الذي‮ ‬كان المنبر التقدمي‮ ‬قد بادر إلى طرحه في‮ ‬الفصل التشريعي‮ ‬الأول كمسودة للنقاش بين الجمعيات السياسية،‮ ‬ليكون قانوناً‮ ‬بديلاً‮ ‬لقانون الجمعيات السياسية الذي‮ ‬كان مجلس النواب‮ ‬ينظر فيه في‮ ‬حينه،‮ ‬ورد نص‮ ‬يحظر استخدام دور العبادة لأغراضٍ‮ ‬سياسية‮.‬ معلوم أن الجمعيات السياسية في‮ ‬البلد توافقت في‮ ‬حينه على هذا المشروع،‮ ‬وتقدمت به إلى مكتبي‮ ‬الرئاسة في‮ ‬مجلسي‮ ‬النواب والشورى،‮ ‬ومعلوم أيضا أن المجلسين أخذا ببعض ما جاء في‮ ‬هذا المشروع،‮ ‬أو استفادا من نصوصه،‮ ‬فيما جرى استبعاد تلك النصوص التي ‬توسع من فضاء العمل الحزبي‮ ‬في‮ ‬البلد،‮ ‬حيث حفل قانون الجمعيات السياسية الذي‮ ‬أقره المجلسان بكثير من القيود التي‮ ‬أثارت وتثير اعتراض الناشطين الحزبيين،‮ ‬الذين‮ ‬يسعون،‮ ‬جدياً،‮ ‬لتأسيس حياة حزبية راسخة تليق بالتقاليد السياسية في‮ ‬البلد‮.‬
غاية القول إن رفض استخدام دور العبادة لأغراض النشاط السياسي‮ ‬ليس امراً‮ ‬خاصاً‮ ‬بالدولة وحدها كما‮ ‬يجري‮ ‬تقديم الأمر أحياناً،‮ ‬وإنما هو ‬يعكس أيضاً‮ ‬رغبة قوى مجتمعية وسياسية عديدة تريد الحفاظ على قدسية هذا الدور،‮ ‬وتنأى بها عن أغراض التوظيف السياسي،‮ ‬خاصة وان هذا التوظيف مقصور على جمعيات بعينها تجعل من الدين صفة لها،‮ ‬فيما‮ ‬يجب ألا‮ ‬يكون الدين حكراً‮ ‬على أحد‮.‬ بالنسبة لنا لم نكن ننتظر أن تتخذ وزارة العدل الموقف الذي‮ ‬اتخذته من عقد مؤتمرات الجمعيات السياسية في‮ ‬أماكن العبادة،‮ ‬لنعبر عن موقفنا هذا،‮ ‬لأننا من دعاة أن ننأى بهذه الأماكن عن التجاذبات السياسية،‮ ‬وأن نكرس مفاهيم العمل الحزبي‮ ‬في‮ ‬مضامينه المدنية الحديثة،‮ ‬التي‮ ‬تجعل من الجميع سواسية في‮ ‬استخدام وسائل العمل وسط الجمهور‮.‬
وعلى الدوام فإننا نرى أن على وزارة العدل وهي‮ ‬تتعاطى مع نشاط الجمعيات أن تتبع أساليب الحوار،‮ ‬لأن تكريس مبدأ الحوار‮ ‬يسهم في‮ ‬خلق أجواء ايجابية تساعد على تذليل الصعوبات،‮ ‬ومد جسور الثقة وتسوية ما‮ ‬ينشأ من خلافات،‮ ‬وهذا ما نأمل أن‮ ‬يسود في‮ ‬التعاطي‮ ‬مع عقد جمعية العمل الإسلامي‮ ‬لمؤتمرها في‮ ‬صالة مأتم سار‮.‬ ويقتضي‮ ‬الموقف الإشادة بالقرار الحكيم لجمعية الوفاق في‮ ‬عقد مؤتمرها في‮ ‬ساحة خارجية،‮‬والنأي‮ ‬عن عقده في‮ ‬صالة المأتم،‮ ‬ففي‮ ‬ذلك ما‮ ‬يعبر عن بُعد نظر،‮ ‬وتحاشٍ‮ ‬لمواجهة لا مبرر لها مع وزارة العدل،‮ ‬لأن الجهود‮ ‬يجب أن تنصرف نحو قضايا أكبر تتصل بتكريس الإصلاح والديمقراطية،‮ ‬عوضاً‮ ‬عن تضييع الجهود والوقت في‮ ‬مواجهة عنوانها عقد مؤتمر في‮ ‬مأتم‮.‬
 
صحيفة الايام
2 يونيو 2008