المنشور

البحرين ومجلس حقوق الإنسان

استقطبت مملكة البحرين في الاسبوع الماضي الاضواء الدولية لنجاحها الكبير في الفوز بعضوية مجلس حقوق الانسان على الرغم من اشتداد المنافسة الانتخابية في المجموعة الآسيوية، وكان ترتيبها الثاني بعد اليابان في عدد الاصوات حيث نالت 142 صوتاً في حين نالت اليابان 155 صوتاً. وهذه المرة الثانية التي تنتخب فيها البحرين لعضوية هذا المجلس الاممي الهام منذ تأسيسه عام 2006م. ولا شك ان لاكتساب البحرين عضوية مجلس حقوق الانسان، مغزى ودلالات بالغة الأهمية باتجاه ليس ما حققته الدولة من مكانة وسمعة وثقة دولية مرموقة فحسب، بل باتجاه ما غدت تتحمله من مسؤولية ثقيلة كبيرة للمحافظة على هذه السمعة الغالية واثبات جدارتها بها طوال تمتعها بهذه العضوية.
فمسؤولية الدولة التي تتمتع بهذا الشرف الكبير لعضويتها في هذا المجلس الاممي المعني بمراقبة وصيانة حقوق الانسان في مختلف ارجاء العالم ليست كمسؤولية الدولة التي لا تتمتع بمثل هذه العضوية. ذلك بأن استشعار أي دولة تتمتع بعضوية مجلس حقوق الانسان بالحرج البالغ لفشلها في اثبات جدارتها بالعضوية امام العالم من جراء ممارسات داخلية تتنافى مع رسالة المجلس التي تتشرف بالعضوية فيه لهو أعظم من الدولة التي لا تتمتع بعضوية المجلس.
ويمكن القول ان البحرين نالت شرف التمتع بهذه العضوية بعد معركة تحضيرية وانتخابية خاضتها بجدارة وكفاءة متميزة. واذ نهنئ القيادة السياسية بهذا الفوز الوسام الثمين، فإننا نهنئ ايضاً الموقف الحضاري الموضوعي الوطني المسؤول الذي وقفته القوى السياسية والجمعيات والشخصيات الحقوقية الوطنية بدعم ومباركة فوز بلادهم في هذا المجلس الدولي وعدم اخضاع بناء هذا الموقف للاعتبارات الاعتراضية او التحفظية المتصلة بشكاواهم ووجهات نظرهم حول سجل الدولة الداخلي في قضايا حقوق الانسان. 

البحارنة وحقوق الإنسان
واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن الجهد والدور الكبيرين اللذين بذلهما الوزير الدكتور نزار البحارنة وزير الدولة للشؤون الخارجية، والطاقم الاداري والفني المساعد له، سواء خلال معركة التحضير لانتخابات مجلس حقوق الانسان ام خلال معركة الانتخابات ذاتها ليستحق هو الآخر الاشادة والتقدير. ولعل انفتاح البحارنة على الجمعيات الحقوقية الأهلية والدولية، واعطاءه آذاناً صاغية لكل ما تبديه من ملاحظات وشكاوى ومطالبات، والتقاءه لهذا الغرض بممثلي الجمعيات الحقوقية قبيل يومين فقط من انتخابات المجلس.. نقول: لعل كل ذلك يسهم في تعزيز السمعة والثقة الدولية بجدارة مملكة البحرين بعضوية مجلس حقوق الانسان.
ومما لا شك فيه فإن استمرار الدولة، كما هو مأمول وكما هو متوقع، في هذا التواصل والانفتاح مع المؤسسات الحقوقية كنهج ثابت ودائم لمن شأنه ايضاً ان يعزز جدارتها بهذه العضوية ويكسبها رصيداً دولياً اضافياً مستقبلاً لنيل المزيد من المكاسب في المحافل والمنظمات الحقوقية العالمية وعلى الاخص في الامم المتحدة. 

قضية الثمانية
على الرغم من كل التحفظات والشكاوى التي تبديها المؤسسات الحقوقية الاهلية وبعض القوى السياسية وبعض النواب والصحافة من تقصير الدولة في متابعة قضية المواطنين الثمانية المحتجزين في السعودية فإننا نخشى ان نقول: ان الجهود التي تبديها الجهات الرسمية ومتابعاتها مع سلطات المملكة العربية السعودية الشقيقة حول هذا الموضوع، حتى رغم ما قد يشوبها من قصور، هي جهود على اية حال متقدمة على جهود النواب والمؤسسات الاهلية، وعلى الاخص الحقوقية منها. ونحن بطبيعة الحال لا ننكر ما بذلته الجمعيات الحقوقية الاهلية وبعض النواب من جهود مشكورة حتى الآن، لكننا نراها بأنها جهود مازالت دون المستوى المطلوب المفترض سواء من خلال المتابعة اليومية الدؤوبة مع أهالي المحتجزين، ام مع الجهات الرسمية المعنية ام مع السلطات السعودية، ام مع الجهات الدولية المعنية.
فما الذي يمنع هذه الجهات الحقوقية الأهلية والنيابية مثلاً من تشكيل وفد منها لمقابلة الجهات الرسمية السعودية لاستجلاء الغموض الذي يلف محنة هؤلاء الثمانية التي مضى عليها اكثر من خمسة شهور وهي تراوح مكانها؟ وما الذي يمنع هذه الجمعيات الحقوقية من تكثيف جهودها واتصالاتها مع مجلس الشورى ومع مجلس حقوق الانسان في المملكة العربية السعودية الشقيقة لمساعدتها في استجلاء هذه القضية الانسانية وانهائها؟ نحن نعتقد، ولدينا ثقة بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين التي لطالما عُرف عنها، منذ توليه زمام الحكم في البلاد، انفتاحها على المنظمات الحقوقية الدولية، بل استقبال وفودها لتفقد احوال السجون وأوضاع حقوق الانسان في المملكة لن تدخر جهداً للتعاون مع أي وفد أهلي حقوقي بحريني شقيق لاستجلاء غموض الوضع القانوني والجنائي، إن يوجد، لهؤلاء المواطنين البحرينيين الثمانية المحتجزين تمهيداً إما لتقديمهم لمحاكمة عادلة لينالوا جزاءهم، وإما لإطلاق سراحهم. ولا شك ان تعاون الطرفين الصديقين، الاهلي البحريني والسعودي الرسمي، لانهاء هذه القضية بواحد من هذين الطريقين لهو أفضل ألف مرة من دخول المنظمات الحقوقية الدولية على الخط، فضلاً عن الاعلام الدولي.
 
صحيفة اخبار الخليج
26 مايو 2008