المنشور

عن قوةٍ‮ ‬صاعدة اسمها الصين

حضرت حفل تدشين العدد الخاص من مجلة‮ “‬الدراسات الاستراتيجية‮” ‬التي‮ ‬يصدرها مركز البحرين للدراسات والبحوث،‮ ‬الذي‮ ‬كُرس للعلاقات العربية‮ – ‬الصينية،‮ ‬تزامناً‮ ‬مع انعقاد المنتدى العربي‮ ‬الصيني‮ ‬الذي‮ ‬أنهى أعماله في‮ ‬البحرين‮.‬ ووجدت في‮ ‬مادة العدد،‮ ‬كما في‮ ‬انعقاد المنتدى نفسه، ‬ما‮ ‬يشي‮ ‬عن وعي‮ ‬بأهمية الانتباه إلى العلاقات العربية الصينية،‮ ‬فإلى حدود بعيدة‮ ‬يبدو الحوار بين العالم العربي‮ ‬والصين استجابة لواحدة من كبريات الحقائق في‮ ‬عالم اليوم،‮ ‬الذي‮ ‬يشهد صعود الصين بوصفها قوة دولية،‮ ‬قد تكون الثانية بعد الولايات المتحدة،‮ ‬إذا ما قدر للنهضة الصينية الراهنة أن تتواصل وتصل إلى الآفاق التي‮ ‬رسمها لنفسه هذا البلد العظيم‮.‬
حتى الآن فان العالم العربي‮ ‬ما زال‮ ‬ينظر بعين واحدة لا تتوجه إلا‮ ‬غرباً،‮ ‬ورغم الدعوات الكثيرة للالتفات نحو الشرق،‮ ‬إلا اننا نزعم أن هناك ما ‬يشبه الغفلة العربية،‮ ‬ولنقل التغافل،‮ ‬عن رؤية ما‮ ‬يمور في‮ ‬عالم اليوم من تحولات عميقة،‮ ‬ستشكل خريطة سياسية واقتصادية جديدة خلال العقود القليلة القادمة‮.‬ ومن علامات ذلك بروز الصين لا سياسياً‮ ‬فحسب،‮ ‬وإنما اقتصادياً‮ ‬أيضاً،‮ ‬وسنرى في‮ ‬أي‮ ‬مسعى عربي‮ ‬لمد جسور التعاون معها نوعاً‮ ‬من الصحوة من هذه الغفلة التي‮ ‬طالت‮.‬
ونظر الاجتماع الوزاري‮ ‬لمنتدى التعاون العربي‮ ‬الصيني‮ ‬الذي‮ ‬استضافته المنامة،‮ ‬وهو الثالث بعد اللقاء الأول الذي‮ ‬جرى في‮ ‬القاهرة عام ‮٤٠٠٢‬،‮ ‬والثاني‮ ‬الذي‮ ‬انعقد في‮ ‬بكين عام ‮٦٠٠٢‬،‮ ‬في‮ ‬جدول أعمالٍ‮ ‬تضمن جملةً‮ ‬من المسائل،‮ ‬بينها القضايا السياسية،‮ ‬حيث‮ ‬يجري‮ ‬التشاور السياسي‮ ‬حول الوضع في‮ ‬منطقة الشرق الأوسط،،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك بين الجانبين بينها الأوضاع في‮ ‬دارفور والعراق ولبنان وحوار الحضارات‮.‬ كان على جدول أعمال المنتدى أيضاً‮ ‬موضوع التنسيق بين الجانبين بشأن إصلاح الأمم المتحدة وكيفية الاستفادة من دور الصين باعتبارها عضوا دائما في‮ ‬مجلس الأمن‮.‬
حتى أواخر القرن العشرين لم‮ ‬يكن حجم التبادل التجاري‮ ‬بين الصين والعالم العربي‮ ‬يتجاوز بضعة مليارات من الدولارات،‮ ‬وتشير التوقعات الاقتصادية إلى أن انه سيصل بحلول عام ‮٠١٠٢ ‬إلى نحو ‮٠٠١ ‬مليار دولار مقارنة بنحو ‮٥٦ ‬مليار دولار عام ‮٧٠٠٢. بوسع العرب أيضاً الاستفادة من قدرات الصين في‮ ‬مجال التعاون التكنولوجي‮ ‬والعسكري،‮ ‬وفتح آفاق تعاون جديدة في‮ ‬مجالات الإعلام والتعليم والثقافة وتنمية الموارد البشرية وحماية البيئة‮.‬
والأهم أن‮ ‬يعبر كل هذا عن استيعاب لآفاق التحولات الدولية،‮ ‬وعن الاستعداد للتعاطي‮ ‬معها بعقلٍ‮ ‬منفتح،‮ ‬والتحرر من عقدة التبعية للغرب أو الخوف منه،‮ ‬فيما العالم‮ ‬يقدم فُرصاً‮ ‬جدية لتحرير الإرادة العربية من ذلك‮.‬

صحيفة الايام
25 مايو 2008