­

المنشور

حول انتشار ظاهرة حق الامتياز التجاري‮ »‬فرانتشايزينج‮«‬

تزداد وتتسع العولمة على صعيدها الاقتصادي‮ ‬وتتخذ أشكالاً‮ ‬مختلفة لتتحول إلى مواد وأدوات جديدة في‮ ‬العلاقات الاقتصادية الدولية التقليدية‮.‬ ومن بين أشكال تمظهرها العديدة تبرز ظاهرة حق الامتياز التجاري‮ ‬‭(‬Franchising‭) ‬التي‮ ‬انتشرت بصورة لافتة للنظر في‮ ‬السنوات القليلة الماضية في‮ ‬أسواق الدول النامية،‮ ‬الصاعدة منها‮ ‬‭(‬Emerging‭) ‬وتلك التي‮ ‬في‮ ‬مسار النمو الاعتيادي‮.‬
وحق الامتياز التجاري‮ ( ‬السلعي‮ ‬والخدمي‮ ) ‬عبارة عن حق‮ ‬يمنحه صاحب الامتياز‮ ‬‭(‬Franchiser‭) ‬للمتمتع بالامتياز‮ ‬‭(‬Franchisee‭)‬‮ ‬لأداء عمليات أو خدمات معينة أو بيع منتجات معينة ضمن منطقة جغرافية محددة أو في‮ ‬موقع وبشروط محددة‮ ‬يمليها مانح الامتياز‮. ‬ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر،‮ ‬مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي‮ ‬ذات الأسماء العالمية المعروفة ومحلات بيع الملابس ومحلات لوازم الاعتناء بالصحة البدنية ونحوها‮.‬
‬وهنالك حق الامتياز الاحتكاري‮ ‬الذي‮ ‬تمنحه حكومة ما لشركة ما بغية حمايتها من المنافسة من قبيل الامتياز الاحتكاري‮ ‬الذي‮ ‬تمنحه الحكومة لشركة كهرباء أو شركة اتصالات هاتفية أو شركة بريد‮.‬
وبموجب حق الامتياز فان صاحبه ومانحه‮ ‬يحصل على إيرادات مُتَعَاقَد عليها من المتمتع بالامتياز لقاء استخدامه لاسم ومنتجات صاحب ومانح الامتياز‮.‬
ويعود تاريخ ظهور الصيغة التعاقدية التجارية المسماة بحق الامتياز‮ ‬‭(‬Franchising‭)‬‮ ‬إلى عام‮ ‬1731‮ ‬عندما قام بينجامين فرانكلين‮ ‬‭(‬Benjamin Franklin‭)‬‮ ‬بإعطاء ترخيص أو حق الامتياز الخاص بقطاع أعمال النشر الذي‮ ‬يملكه في‮ ‬ولاية فيلاديلفيا الأمريكية إلى توماس ويتمارش‮ ‬‭‬Thomas Whitmarsh‭)‬‮ ‬) لاستغلاله‮ ( ‬لاستغلال حق الامتياز‮ ) ‬في‮ ‬أعماله بمدينة تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية قبل أن تتطور هذه الصيغة من العلاقات التجارية على المستوى العالمي‮ ‬إلى ما هي‮ ‬عليه اليوم،‮ ‬حيث أشار تقرير صدر في‮ ‬العام الماضي‮ ‬عن مؤسسة حق الامتياز الأوروبية
‮ ‬‭(‬European Franchise Association‭)‬‮ ‬إلى ان عدد ماركات حق الامتياز‮ ‬‭(‬Franchised brands‭)‬‮ ‬المسجلة والعاملة في‮ ‬القارة الأوروبية وحدها بلغ‮ ‬6500‮ ‬ماركة،‮ ‬80٪‮ ‬منها محلية الملكية‮.‬
وحتى الصين التي‮ ‬لا تعتبر سوقاً‮ ‬متطورة في‮ ‬هذا المجال،‮ ‬يوجد فيها اليوم أكثر من ألفي‮ ‬نظام حق امتياز وحوالي‮ ‬000‭,‬120‮ ‬محلاً‮ ‬تعمل بصيغة حق الامتياز‮. ‬وإذا كانت هذه المحلات لا تحوز سوى‮ ‬1٪‮ ‬من حصة مبيعات تجارة التجزئة فان تقرير القطاع الصناعي‮ ‬الصيني‮ ‬يتوقع أن ترتفع النسبة إلى‮ ‬30٪‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬‭.‬2010
وفي‮ ‬عالم المال والأعمال حيث‮ ‬يتنامى صعود من‮ ‬يُسمَّوْنْ‮ ‬بالمبادرين‮ ‬‭(‬Entrepreneurs‭)‬‮ ‬أي‮ ‬الراكبين مغامرة دخول عالم البيزنس،‮ ‬يبدو خيار الحصول على ترخيص‮ ‬‭(‬Franchising‭)‬‮ ‬من إحدى محلات الماركات العالمية المعروفة،‮ ‬الخيار الأنجع والأضمن،‮ ‬حيث تتراوح كلفة الحصول على حق الامتياز لاحدى ماركات المحلات العالمية ما بين‮ ‬000‭,‬15‮ ‬إلى مليون دولار‮. ‬بيد أن الأمر ليس على هذا النحو بالضبط‮. ‬فاذا كان صاحب حق امتياز الماركة معني‮ ‬ببناء صيت وسمعة هذه الماركة فان المنتفع بها‮ ( ‬بالتعاقد‮ ) ‬مطالب بحسن إدارتها بكفاءة وربحية،‮ ‬حتى وإن كان طريقها الاستثماري‮ ‬أسهل من طريق الاستثمار في‮ ‬تأسيس شركة أو عمل جديدين‮. ‬وخلال مدة التعاقد على الانتفاع بحق الامتياز التي‮ ‬يتراوح متوسطها ما بين عشر إلى عشرين سنة،‮ ‬فان المنتفع سيدفع نفقات التشغيل ومقابل رخصة الانتفاع وهو مبلغ‮ ‬يُدفع إما في‮ ‬صورة ضريبة محددة تحسب على أساس اجمالي‮ ‬المبيعات أو رسم ثابت‮.‬
ومع انتشار ظاهرة‮ ‘ ‬الفرانتشايزينج‮ ‘ ‬فان عدداً‮ ‬من البلدان التي‮ ‬صارت نقاط جذب واضحة لهذه الصيغة الاستثمارية التجارية مثل المكسيك التي‮ ‬يصل حجم قطاع الأعمال الذي‮ ‬يعمل بموجبها إلى‮ ‬55‮ ‬مليار دولار،‮ ‬راحت تسن تشريعات وطنية تنظم هذه العملية والعلاقة بين مانح حق الامتياز والمتنفع به والمعلومات الواجب توفيرها والنص عليها صراحة في‮ ‬عقودها بما‮ ‬يحفظ خصوصا حقوق المنتجين لاسيما في‮ ‬الدول النامية الذين كثيراً‮ ‬ما تبدو لهم بعض صفقات التعاقد من هذا النوع مبهرة على الورق إلا أنها تتضمن رسوماً‮ ‬مبهمة‮ ‬يفاجأ بعملها المنتفع من قبيل التدريب‮‬تدريب كادر العمل على أداء محلات مانح العلاقة التجارية أو المنتج‮ ( ‬بفتح التاء‮ ) ‬وتجهيزات الكمبيوتر‮. ‬ولذلك‮ ‬يتعين توخي‮ ‬الحذر هنا‮. ‬فقد تكون رسوم الانتفاع من حق الامتياز عالية بعض الشيء ما‮ ‬يجعلها أقل إغراءً‮ ‬مقارنة بفرصة بديلة لا تزيد نسبة الانتفاع بامتيازها عن‮ ‬4٪‮ ‬سنوياً‮ ‬على سبيل المثال،‮ ‬بيد أن هذه الأخيرة ربما تضمنت نفقات أخرى‮ ‬يتحملها المنتفع من قبيل دعم التسويق والاستشارات والخصومات على مواد التزويد والتمكين من النفاذ إلى نظام شبكة اتصالات مزود الخدمة‮ ( ‬صاحب الامتياز‮ ) ‬وما إلى ذلك‮.‬
وبناء على ما تقدم،‮ ‬وبالنظر إلى بداية ظهور نشاط حق الامتياز التجاري‮ ‬‭(‬Franchising‭)‬‮ ‬في‮ ‬جداول عروض والتزامات الدول تجاه بعضها البعض من خلال مشاريع اتفاقيات التجارة الحرة،‮ ‬فلابد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية عموماً‮ ‬من أن تتحرك باتجاه وضع تشريعات وطنية محكمة تنظم عملية الاستثمارات الأجنبية في‮ ‬بلداننا وفقا لهذه المقاربة التجارية.
 
صحيفة الوطن
18 مايو 2008