المنشور

من أين نبدأ؟‮!‬

من اليوم تبدأ اجازة النواب الخمسة شهور‮.. ‬ومن اليوم لو أمعنا في‮ ‬مراجعة سريعة لاداء النواب طيلة الانعقاد البرلماني‮ ‬الثاني‮ ‬لاستوقفتنا عدة محطات لا نعرف من اين نبدأ الحديث عنها،‮ ‬هل نبدأ من تلك التجاذبات والملاسنات التي‮ ‬صاحبت الاستجواب الذي‮ ‬يعد نموذجاً‮ ‬للطائفية ولإهدار الوقت ولإثارة الكراهية في‮ ‬مزاودات الخطب السياسية التي‮ ‬كانت تسعى إلى كسب ود الناخبين عبر مسرحية تسمى بالاستجواب الطائفي؟‮! ‬
أم نبدأ من تلك الاشكالية المتمثلة في‮ ‬نواب فوق النقد ونرى ذلك بوضوح في‮ ‬اصطدام كتلة المنبر الاسلامي‮ “‬اخوان المسلمين‮” ‬مع الصحافة لمجرد ان السلطة الرابعة مارست حقها بل واجبها نحو تسليط الاضواء على كل ممارسات نيابية خاطئة وما اكثرها،‮ ‬وهي‮ ‬تستغل المؤسسة التشريعية لمآرب شخصية وسياسية‮!! ‬او نبدأ بلجان التحقيق التي‮ ‬تركت الفساد والمفسدين من دون رقابة ومحاسبة وانشغلت بالتحريض ضد الرأي‮ ‬الآخر وباجتهادات دينية متطرفة على أثرها اعلن الجهاد تجاه الثقافة والابداع والمبدعين والحريات عامة،‮ ‬في‮ ‬حين كان بودنا ان‮ ‬يكون هذا الجهاد المقدس موجهاً‮ ‬لتحسين اوضاع الناس المعيشية التي‮ ‬تزداد كل‮ ‬يوم سوءاً‮ ‬لا تنفع معها‮ “لا الخمسين دينارا ولا المائة”؛ لان ما‮ ‬يحدث اليوم على صعيد الاسعار‮ ‬يفوق كل تصور فيكفي‮ ‬ان‮ ‬يراجع اصحاب السعادة اسعار السلع الاستهلاكية،‮ ‬ولكن صدق مثلنا الشعبي‮ “‬شوط الشبعان على اليوعان بطي”.‬
من المعروف ان مجلس التنمية الاقتصادية بادر باقرار تحرير السلع من الاحتكار وهي‮ ‬خطوة تؤدي‮ ‬إلى عدم التلاعب بالاسعار او مضاعفتها بين وقت وآخر،‮ ‬كما هو حاصل اليوم ومن المعروف ايضاً‮ ‬ان احدى الوسائل والطرق لتخفيف وطأة الاسعار المرتفعة جداً‮ ‬الجمعيات التعاونية التي ‬يجب ان تلاقي‮ ‬دعماً‮ ‬حكومياً‮ ‬ومآزرة نيابية حتى‮ ‬يستفيد المواطن البائس من اسعارها المنخفضة،‮ ‬ومع ذلك لم نسمع عن اهتمام نيابي‮ ‬يذكر لا بتحرير السلع من الاحتكار ولا بالجمعيات التعاونية ولا حتى بمقترح عن خطة وطنية لمقاومة التضخم وانخفاض قيمة الدينار وارتفاع تكاليف المعيشة والاسعار‮!!‬
او نبدأ‮ ‬يا جماعة من تردد الاداء النيابي‮ ‬غير المشجع للاستثمارات في‮ ‬مجال صناعة السياحة سواء كانت عائلية او علاجية او ترفيهية وبالتالي‮ “دلونا‮” ‬على تشريعات تبناها اصحاب السعادة تدعم هذه الصناعة،‮ ‬أي‮ ‬تدعم الاستثمارات في‮ ‬مشاريع سياحية كبيرة رغم ما تتمتع به البحرين من موقع استراتيجي‮ ‬مهم وكفاءات وخدمات مالية ومصرفية واتصالات،‮ ‬ولا‮ ‬يعني‮ ‬هذا ان البحرين لم تشهد تطوراً‮ ‬ملحوظاً‮ ‬على مستوى هذه الصناعة والدليل على ذلك انها في‮ ‬عام ‮٧٠٠٢ ‬احتلت المركز الثالث في‮ ‬الاستثمارات الخليجية في‮ ‬مجال المشاريع السياحية التي‮ ‬وصلت إلى 273 ‬مليار دولار اي‮ ‬بلغت استثماراتها‮ (٦) ‬مليارات دولار،‮ ‬ولكن كان بالامكان ان تتبوأ موقعاً‮ ‬استثمارياً‮ ‬افضل مما هي‮ ‬عليه لولا التعقيدات الادارية والقوانين التي‮ ‬يجب تحديثها بما‮ ‬يواكب حرية الاستثمارات،‮ ‬نعم احتلت المركز الثالث بعد الامارات التي‮ ‬بلغت نسبة استثماراتها ‮٥٨‬٪‮‬وتلتها عُمان بواقع‮ (٧١) ‬مليار دولار والكل‮ ‬يعرف‮ ‬يعود الامر إلى مشاريع حكومية وخاصة لا لمجلس النواب‮!!‬
والكل‮ ‬يعلم ان العالم اليوم‮ ‬يتجه إلى هذه الصناعة الرائجة؛ لانها احدى المصادر لتعدد الدخل وخاصة ان النفط معرض للنضوب ولا اعتقد ان اصحاب السعادة لا‮ ‬يدركون هذه الحقيقة؟‮!‬
ما عرضناه‮ ‬يا سادة من محطات برلمانية سلبية هي‮ ‬ليست كل المحطات السلبية وبلا شك هناك محطات ايجابية ولكنها محدودة،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فإذا سار الانعقاد الثالث بعد خمسة شهور‮ – ‬يا طولها‮ – ‬على منوال الانعقادين السابقين‮  ‬لا نقول الا‮ “‬كان الله في‮ ‬العون‮”.‬

صحيفة الايام
17 مايو 2008