المنشور

حسين الحليبي… قبل وبعـد الشـبـيـبة

راودتني منذ أيام فكرة شكر حسين الحليبي الذي أنهى فترة ترأسه لجمعية الشبيبة البحرينية بعد أن أسسها وترأسها 6 سنوات متواصلة باذلاً خلالها كل جهده من أجل تميزها وحيويتها، حتى صارت في مرحلة من مراحلها تضاهي أكبر مؤسسات المجتمع المدني، بل والسياسي، علاوة على ريادتها التي سبقت في كثير من الأحيان وتيرة المؤسسة العامة للشباب والرياضة في خدمة الشباب. 
عرفت الحليبي فناناً في مسرح الصواري، وفي غمرة سنوات المراهقة كان العداء بيننا مستفحلاً إذ أن الشللية والعصبوية في ثقافتنا سبقت وبسنوات ما أفرزه الوضع السياسي القائم منذ عام 2001، كان الحليبي أبرز مخرج شاب في مسرح الصواري ولم يستطع غيره لسنوات طويلة من انتزاع جوائز مهرجان الصواري المسرحي للشباب الذي كان يقام منذ بداية التسعينيات حتى مطلع عام 2000، إلا أننا – أي الشلة الأخرى – استطعنا في السنوات الأخيرة أن نزاحمه في حصد الجوائز وهو ماسبب بيننا غيرة فنية تضاف إلى غرور المراهقة “وعنطزة” الشباب. 
مضت السنوات فوجدت نفسي أكثر قرباً للحليبي رغم أن هذا القرب لم يرأب الصدع بقدر ما كان مفروضاً علينا نتيجة لصداقة مشتركة تجمعنا بأحمد الفردان. 
وفي نهاية العام ألفين وواحد يطلعني أحمد هامساً على خبر تأسيس جمعية سياسية، لم يعجبني الأمر فوجدته محاطاً بالكثير من السرية التي لم أجد لها مبرراً في تلك المرحلة التي كنا فيها في مسرح الصواري نتجادل حول جدوى المشروع الإصلاحي مع المشاغب الأكبر عبدالله السعداوي. 
وبعدها ببضع أشهر يطل علينا الحليبي من جديد معلناً عن جمعية شبابية مستقلة عن المنبر، يدور كما النحلة بين التجمعات الشبابية مستعرضاً النظام الأساسي للشبيبة وأهدافها بيده اليمنى، وفي يده الأخرى قائمة ليمليها بأسماء المؤسسين بهدف بعثها فيما بعد لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بغرض نيل الإشهار. 
وفعلاً أشهرت الشبيبة واستطاعت أن تعدو بخطى حثيثة، لكن خلافي مع الحليبي ظل مستمراً فكنت أجد الشبيبة قائمة على أبناء أعضاء جبهة التحرير الذين لا يربطهم بالشبيبة سوى حماس جاهل وسوقٌ من قبل أهاليهم – وأعترف الآن – أن لحدة ِ – وليس صحة – هذا الرأي علاقة بشخصيتي المتعجرفة وبحس الغرور الذي أحاول منذ سنوات أن أروضه في نفسي. 
مضت السنوات وأنا في الجبهة المضادة للحليبي، إلا أن قرر هو أن يستوعبني، دعيت إلى اجتماع الإدارة وطلب مني أن أنسجم مع الشبيبة وأكون فاعلاً، لم أعر الموضوع أهتماًماً لكني وجدته يستدرجني دون أن أعي إلى الشبيبة عبر تكليفي بمجموعة من المهمات المُرضية لغروري. مضت السنوات وأصبحت عضيداً للحليبي ونائباً له في أول إدارة أنضم إليها، وخلالها جمعتنا الكثير من الطموحات والأفكار، والنقاشات الجدلية، التي لم تخدمها الظروف لكي تتبلور بمستوى طموحنا. 
وبعد 6 سنوات ودع الحليبي كرسي الرئاسة، مخلفاً ذاكرة 6 سنوات من حياته مزدحمة بالأحداث والإنجازات والإخفاقات، ذاكرة لم تخلو من لحظات السعادة، ولحظات التوتر والحزن، بخطى متثاقلة نزل الحليبي من مسرح جمعية الأطباء بعد أن سُلم درعاً من قبل أعضاء الشبيبة تكريماً لإنجازاته وتضحياته على مدى السنوات الستة الماضية.
لكن الضوء لم يخفت عن حسين الحليبي ولم يتفرغ لكتابة مذكراته، فما زال الحليبي شاباً مفعماً بالحيوية وها هو اليوم يتألق بعودة حميدة للساحة الفنية عبر مسرحية حياة إنسان، وفيلم أربع بنات الذي يعرض حالياً في سينما السيف بعد أن نال الجائزة الثانية عن فئة الأفلام الروائية في مهرجان دبي للسينما الخليجية، هذا الفيلم المشاكس الذي يدعو لتحرر المرأة في ظل تنامي نعرات أصولية تواجه هذا التحرر، يجسد الحليبي في فيلمه هذا الصراع بجرأة لافتة، فاضحاً من يتكئ على الدين لمصالحه الشخصية.
أخيراً أقولها لصديقي حسين الحليبي شكرا على عطائك المستمر، ونحن بانتظارك في الشبيبة لتُدير مركز المبادرات الشبابية الحائز على المركز الثاني في مسابقة المنح المالية التي يمولها مركز دعم المنظمات الأهلية في وزارة التنمية الاجتماعية.
 
خاص بالتقدمي