المنشور

ســـؤال السكـــــــان


الأسئلة التي يقدمها نواب المجلس النيابي والشورى وتطرحها الصحافة من حين لآخر حول التعداد السكاني للمملكة هي أسئلة مهمة، إلى أين نحن ماضون سكانيا؟ وكم هي نسبة النمو المتوقعة سنويا من أعداد المحليين والمجنسين والوافدين؟
 لقد كان بلوغ الرقم المليوني مفاجأة كونه جرى في فترة قياسية، لكن تلك أسئلة مهمة وجديرة أن تطرح مع كل خطة وطنية قصيرة أو بعيدة المدى.
 إن الأزمة الإسكانية التراكمية والشوارع المكتظة مروريا وقضية النظافة وشحة أسرة المستشفى المركزي السلمانية ونقص الأدوية كلها مؤشرات على هذه الزيادة غير المتوقعة في تعدادنا، حتى المخطط الهيكلي الاستراتيجي الذي وضع مخططا كاملا للبحرين للعشرين سنة القادمة ولاستخدامات الأراضي وللإسكان والخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية تغيرت نتائجه واختلت موازينه مع هذه الزيادة السكانية.
 إن سؤال السكان مهم جدا وقد طرح منذ عدة أسابيع في ندوة خليجية منبها إلى خطورة ما يجري في دول الخليج وقطر والإمارات وتحول السكان المحليين إلى أقلية في مجتمعاتهم مما يزيد الخلل في التركيبة الديموغرافية المختلة أصلا في بعض الدول وقبل بروز النهوض العمراني والاقتصادي وما يترتب عليه من استحقاقات سياسية واجتماعية للأجانب والمجنسين.
 الواقع إن سؤال السكان يستدعي أيضا طرح النقاش حول نوع ومستوى النمو الاقتصادي الذي نرنو إلى بلوغه والمحافظة عليه والذي يستدعي كل هذه الأيدي العاملة، وما مدى اتساعه وشموليته وتغطيته لكافة شرائح المجتمع، فالنمو أو التنمية التي تغني فئة على حساب فئة أخرى أو تجور على مصادر الرزق وتحرم المزارعين من مزارعهم والبحارة من سواحلهم وتخصخص القطاعات الاقتصادية وتصرف الموظفين من أعمالهم وتتركهم إلى المجهول بلا تعويض ولا فتح منافذ جديدة للارتزاق هي تنمية معوجة وفاشلة.
 وعودة إلى سؤال السكان، أقول انه سؤال يعني كل وزارات الدولة وخططها ومشاريعها المستقبلية، وكذلك القطاع الخاص.
 أتأمل في كم الشوارع التي يجري اليوم إنشاؤها وإصلاحها وتوسعتها، اكثر من 145 شارعا في وقت واحد، وهو يشير إلى التوسع العمراني الهائل الذي تحقق لبلدنا بفضل الأيدي العاملة الأجنبية وهو أمر لا يجب إغفاله، لكن هذه العمالة تحتاج إلى ضبط وتشريعات لا تضر بنا ولا تكون على حسابنا، وإذا أصبحت جزءا من نسيجنا الاجتماعي مع تنامي تجنيسها وحقوقها ومع اتساع العمران وامتداد المدن وزيادة الحاجة إليها فيجب أن تتوجه إليها أيضا البرامج التوعوية والتعليمية والأسرية، فهؤلاء يتزايدون اليوم بوتيرة أسرع من المحليين مستندين إلى ثقافتهم وقيمهم التي لا تزال تعلي من شان الأسرة الكبيرة، وثمة من يتوجس من هذه العمالة ويراها أداة سياسية من شأنها أن تعيد صياغة الكتل الانتخابية وألوانها وتوجهاتها المستقبلية.
 كثيرة هي الأسئلة المعنية بالسكان والتي يجدر طرحها بكل مصارحة وشفافية، قد بلغنا المليون في عام 2007 فكم سنبلغ في عام 2020؟ وهل ثمة خطة مدروسة لنسب الزيادة السنوية التي نحتاجها بما يتناسب مع إمكانياتنا المادية والبشرية؟
 
الأيام 12 مايو 2008