المنشور

قبيل فض دور الانعقاد


أيام قليلة فقط هي تلك التي تفصلنا عن موعد انفضاض دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الحالي لمجلس النواب، أي إن نصف مدة هذا الدور تكون قد مرت بالتمام والكمال، وبقي أمام المجلس نحو عامين فقط. يدفعنا هذا لطرح السؤال عن حصيلة المجلس خلال العامين اللذين انقضيا منذ انتخابه، لنقول دون خشية الوقوع في المبالغة، أو نبدو في مظهر المتجني أو المتحامل على أعضاء المجلس إن هذه الحصيلة بائسة؛ فالمجلس أهدر وقته في تشكيل لجان تحقيق في قضايا عرضية وجانبية، ونأى في الغالب الأعم عن المهام الملقاة على عاتقه. بل أكثر من ذلك انخرط النواب بقضهم وقضيضهم، في قضايا أظهرت أنهم أبعد ما يكونون عن الهموم الحقيقية للمواطنين، فأقاموا الدنيا وأقعدوها حول أمور أبعد ما تكون عن هذه الهموم. ودخل المجلس في دوامة الاستجوابات التي بدلاً من توجيهها في الوجهة الصحيحة، بصفتها حقاً رقابياً معطى للمجلس عليه أن يمارسه على أداء الحكومة ووزرائها، أخذ الموضوع بُعدا طائفيا ومذهبياً صرفاً في لعبة متقنة، أجادت قوى مختلفة داخل وخارج مجلس النواب أداءها، وذلك كله في ظل غياب الأجندة الواضحة لهذا البرلمان حول سلم الأولويات. بل إن القسمة الطائفية للمجلس التي تتحمل هذه المعارضة مسؤولية فيها، حين استبعدت فكرة القائمة الانتخابية الوطنية الموحدة التي تعكس تلاوين وأطياف المعارضة، مما أفاد خطة قيام المجلس بهذه التركيبة، فباتت أي مقاربة لأي ملف مهما كان وطنيا وشاملا تضفى عليها الأبعاد المذهبية وتفرغ من مضمونها الأصلي. يتطلع المواطنون إلى أن يروا مجلس النواب يناقش قضاياهم وهمومهم اليومية، في أن يتصدى لرفع أجورهم وتحسين مستوى معيشتهم وتأمين حقوقهم في سكن لائق وفي خدمات اجتماعية تواكب الغلاء ومصاعب الحياة المتزايدة. إذا ما استمر المجلس على هذه الوتيرة البائسة من الأداء؛ فالحصيلة لن تكون فقدان الناس لثقتهم في هؤلاء النواب فحسب، وإنما فقدان ثقتهم في أن تصبح الأمور في هذا البلد أفضل مما هي عليه. لا مناص من تكرار القول إن التركيبة الراهنة للمجلس لا يمكن أن تسفر إلا عن مثل هذا الأداء، وعن تقديرنا لذوات النواب الكرام، وعرفتنا بأن كثيرين منهم يحملون ملفات ذات طابع وطني، لكن الوجهة العامة لكتل المجلس التي بُنيت على أساس القسمة الطائفية، جعلت وستجعل من هذا المجلس في ما تبقى له من أمد أسير هذا الطرح.  ولعل في ذلك عبرة لأولي الألباب.
 
الأيام 12 مايو 2008