المنشور

ملاحظات أولية سريعة على قانون النقابات المهنية المقترح


 
بداية أود أن أشكر المنبر الديمقراطى التقدمى على دعوته لنا بالمشاركة وأبداء الرأى والملاحظات على مشروع بقانون بشأن النقابات المهنية المحال من مجلس الشورى والذى أحيل بدوره من قبل الحكومة لمجلس النواب لوضعه في صيغة مشروع قانون.
 
هذا المشروع بقانون يتكون من بعد الديباجة من ( 57 ) مادة موزعة على ستة فصول على النحو التالى : –
 
المادة ( 1 ) تعاريف.
المواد  من ( 2 ) حتى ( 11 ) تتعلق بأنشاء النقابة وأهدافها.
المواد من ( 12 ) حتى ( 28 ) تتعلق بالتنظيم العام للنقابة.
المواد من ( 29 ) حتى ( 41 ) تتعلق بواجبات الأعضاء وتأديبهم.
المواد من ( 42 ) حتى ( 49 ) تتعلق بصندوق المعاشات والأعانات.
المواد من ( 50 ) حتى ( 53 ) تتعلق بتقدير الأتعاب.
المواد من ( 54 ) حتى (56 ) أحكام عامة.
المادة ( 57 ) مادة تنفيذية
.
 
 
أود فى هذة العجالة أن أطرح بعض النقاط التى أراها مهمة لتصحيح مسار قانون قد يكون من أهم القوانين التى سيعمل بها لاحقا أذا ما قدر له الحياة في ظل اختلال موازين القوى فى مجلس النواب لمصلحة ذوى الشأن من النواب البصامين على كل مشروع قانون ترسله الحكومة للمجلس وأود ان أبلغ الآخرين من النواب المحترمين أن يتأنوا كثيراً فى اتخاذ قرار بشأن هذا القانون آخذين بعين الأعتبار الملاحظات المبداة عليه من قبل الجمعيات ذات العلاقة بهذا القانون وأقصد بذلك الجمعيات المهنية من محامين وأطباء ومهندسين ومعلمين وقد ينظم اليهم الممرضين والصحفيين وغيرهم من النقابات والتى قد ينطبق عليها هذا القانون المخيف فى توجهاته ومحتواه ومضمونه والذى بموجبه سيسير عمل الجمعيات المهنية باتجاة أقرب الى عمل أى جمعية تعاونية وليس نقابة تحترم نفسها كما أود أن أشكر بعض النواب والنقابيين المتصدين لهذا التوجه من قبل الدولة لفرض هذا القانون والعمل على التحرك السريع لألغاء هذة القيود الواردة فيه.
 
فعلى الرغم من سوء المشروع بقانون المقدم من مجلس الشورى فإن التعديلات الواردة عليه من قبل الحكومة زادته سوءاً على سوء واليكم الأمثلة على ذلك:-
 
 فالحكومة قامت بحذف عبارة ” بموافقة المجلس ” من البند(د) من المادة ( 6 ) والمتعلق بالأعضاء غير البحرينيين بحيث لا يصبح للنقابة دور فى الترخيص بمزاولة المهنة وبالتالى يكون الأختصاص معقودا للجهة الأدارية فقط.
 
قامت الحكومة بحذف المادة ( 29 ) من الأقتراح والخاص بالتأديب لغير أعضاء النقابة أسوة بباقى الأعضاء بمقولة أنهم لم ينضموا للنقابة ولا يجب أن يخضعوا لقوانينها وأنضمتها.
 
كما تم حذف الفقرة الأخيرة من المادة (34 ) والخاصة بتوقيع العقوبات المنصوص عليها بالمادة على ممارسي المهنة من غير المنتمين للنقابة.
 
كما أن الترخيص بمزاولة المهنة معقود أيضا بالوزارة المختصة دونما أية مشاركة من قبل النقابة بحجة من أن جعل الترخيص بمزاولة المهنة سيجبر الأعضاء غير المنتميـن للنقابـة بالانضمام إليها ممـا تعـد مخالفـة دستوريـة للمادة ( 27 ) مـن الدستـور وهــذة المقولـــة علــى أيــة حال دائمة التكرار فى المذكرات الحكومية ونحن نقول بأن العضوية إجراء تنظيمى للمهنة ولا يدخل فى مصطلح الأجبار الوارد فى المادة المذكورة.
 
أيضا طلبت الحكومة النص صراحة على حظر ممارسة النقابة للأعمال السياسية.
 
هذا القانون أرى بأنة ولد كيسحا وسيبقى كسيحا اذا لم تجرى علية التعديلات المطلوبة لإخراجه من أعاقته ولإعادة الوضع الطبيعى لمحتواه كما فى بقية الدول المتحضرة.
 
هذا القانون يخالف كافة المطالب والتوجهات بشأن إستقلال النقابات المهنية ودورها الطبيعى المعهود وخلاف مستويات العمل النقابية والمهنية بشكل خاص ومنظمات المجتمع المدنى بشكل عام ولا يتوافق مع المعايير الدولية والأنظمة التى تسمح للنقابات بالتشكل،حيث التزمت المملكة ببيان المنامة فى منتدى المستقبل بتوصيات وقرارات منظمات المجتمع المدنى الواردة فى المنتدى فى الفترة من (11- 12 )نوفمبر 2005، وأهمها الأكتفاء بالإيداع فى التأسيس والتحول المباشر للجمعيات المهنية الى نقابات مهنية بكامل صلاحياتها من خلال الأخطار للجهة المختصة كما هو معمول بة فى النقابات العمالية، بينما نرى المشروع إشتمل على قيود أدارية صارمة وتفصيلية فنص فى المادة الثانية منة على انشاء النقابة بقرار من مجلس الوزراء  (مادة 2 من مشروع بقانون النقابات ) مثلها المادة (55 ) بأشتراط مجلس الوزراء فى أقرار النظام الداخلى للنقابة ).
فالقانون اشترط الحصول على  الترخيص لإنشاء أية نقابة وهو أمر يتناقض مع قانون العمل الدولى  رقم 98 لسنة 1949 وهو القانون الذى انضمت الية مملكة البحرين بانضمامها لمنظمة العمل الدولية .
أيضا هذا القانون يتناقض مع المادة (20 ) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الأقتصادية والأجتماعية والثقافية والذى بموجبه يكون لكل مجموعة فى أى منشأة عامة أوخاصة الحق فى تشكيل النقابات ولا يجوز لأى حكومة  أن تفرض قيودا على هذا التشكيل .
من ناحية أخرى انتقص المشروع من أهم صلاحيات النقابة المهنية فى تنظيم ممارسة شئون  المهنة، وأفرغ النقابة من محتواها والذى من أجله انتسب الأعضاء اليها.
 
فأين المفر أذن من سلطة الرقابة الأدارية على عمل النقابة  في ظل هذا القانون فى إرساء نظام داخلى للنقابة يتوافق عليه الأعضاء وأين دور النقابة فى التأديب والقبول وممارسة شئون المهنة بحرية يقتضيها العمل النقابى وإلا ما قيمة أن ينتخب مجلس أدارة لاحول له ولا قوة مكسور الجناحين وبلا أسنان، أمن أجل فقط أن تنشئ نقابة للديكور ليفاخر بها الممالك العريقة أم يعمل على تفعيل دور النقابات فى سبيل تحرير المجتمع من عبودية الظلم الأجتماعى بتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية ويبعدهم عن حالة الخوف من الأنتماء للنقابة وبالتالى العمل البناء فى سبيل الرقى بالمهنة وبمنتسبيها لصالح المجتمع ولمصلحة الدولة أيضا.
 
فالمجتمع لا يستطيع أن يحلق إلا بجناحيه المتمثل في الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وعلى خلافه فأن كل ما تطلبه الدولة من حصار للحريات فسيرجع ان آجلا أو عاجلا بشكل سلبى على عملها وعلى دورها وهيبتها وعلى ثقة الشعب فيها.
 
وأود فى هذة العجالة أن أذكركم بحادثة حل مجلس أدارة جمعية المحامين والذى أتشرف أن أكون أحد أعضائه أبان حقبة  قانون أمن الدولة السىء الصيت فى العام1998 والذي صدر  بموجب القرار رقم ( 3 ) بشأن تعيين مجلس إدارة مؤقت لجمعية المحامين وما رافق ذلك من تداعيات استطعنا بفضل وقوف أعضاء الجمعية ضد هذا الحل وبمقاطعة الأعضاء المعينين مما شكل ضغطا على وزير العمل آنذاك عبد النبى الشعلة وعاد عن قراره والدعوة لانتخابات مجلس إدارة جديد.
 
وكان قبل هذا الموقف أيضا طلب وزارة العمل حل جمعية المحامين بسبب عدم تضمين نظامها الأساسى بندا يتعلق بعدم ممارسة السياسة أسوة بباقى الجمعيات والأندية وكما هو وارد فى المادة ( 19 ) من المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 1989 والذى رفضته الجمعية رفضا قاطعا تمت تسوية هذا الخلاف بسحب القضية المرفوعة من قبل الجمعية على الوزارة ومضت الجمعية قدما دون أن تجرأ الوزارة على تغيير النظام الداخلى للجمعية.
 ومن سخريات القدر وبعد أكثر من خمسا وعشرون عاما وفى ظل التطورات الدولية والمحلية أن تقوم الحكومة  بحذف كلمة ( الوطنية ) من مشروع بقانون النقابات المهنية فى البند (ه)  من المادة (3 )  والمرفوع اليها من مجلس الشورى حتى لا يكون مبررا لممارسة النقابات العمل السياسى، ولكم أن تتصوروا مقدار التراجع بعد هذة السنين الطوال من العمل النقابى.
  
فكيف تستطيع أى نقابة مهنية فى ظل مشروع هذا القانون أن تعمل وبشفافية فى ظل رقابة ليس فقط من وزارة العدل وهى التى يفترض أن ترخص لعمل هذة النقابة أو تلك كما ورد فى مشروع القانون بل تحت طائلة مجلس الوزراء، وأي رقابة تلك التى يقصد بها، أيقصد بالرقابة على كل شاردة وواردة فى النظام الداخلى وبالتالى تقييده إلى أبعد الحدود ولماذا هذة الرقابة أصلا؟.
فنحن نقول للحكومة أذا ما أرادت للمشروع الأصلاحى أن لا يراوح في مكانه وطالما توافق جلالة الملك مع الشعب على الأصلاح فعلى الحكومة تعزيز ثقتها بالنقابات المهنية وأعتبارها شريكاً حقيقياً فى التنمية بدلاً من محاولات تكبيلها وأعتبارها خصما لها.
 
فكل ما فى الأمر أذن هو أن هذا القانون أتى ليكمل مشوار التراجعات عن فحوى ومحتوى المشروع الإصلاحى وليؤسس لعمل نقابي بعيد كلياً عن أجواء ما تصبوا إليه العملية الإصلاحية من دفعه إلى الأمام باتجاه تفعيل العمل المؤسساتى المستقل عن رقابة السلطة التنفيدية وتسلطها الغير مقبول وتدخلها الغبر مبرر فى عمل مؤسسات المجتمع المدنى فالأصلاح  له شروط لا تقبل القسمة على أثنين.
 
فالقانون فى مواده المتعلقة بالتأسيس والقيد والصلاحيات سيء جداً والى أبعد الحدود وأتى صدمة لكل المهتمين بالشأن النقابى وانتكاسة وتراجع عن كل المكتسبات التى أتى بها قانون النقابات العمالية وخطوة الى الوراء فى مجال حقوق الأنسان فعلى  منظمات حقوق الأنسان أن تأخذ دورها فى التنديد به أمام المنظمات الدولية للتراجع عنه، فلو أقر هذا القانون لا سمح الله  على هذة العلات وهذة النواقص الشنيعة والفضيعة سيظل نقطة سوداء فى تاريخ العمل النقابى فى البحرين .
 
فالقوانين المنظمة لعمل الجمعيات المهنية ولو أخذنا الكويت مثالا كقانون رقم 42 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1968 وبالقانون رقم 62 لسنة 1996 فى شأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم لنجد فى المادة السابعة منه بأنها خصت جمعية المحامين الكويتية  بالقيد فى الجدول وبمراجعة الجداول سنوياً وبحث حالات المقيدين من المحامين ونقلهم الى جدول غير المشتغلين.
 
وهذا مثال فقط من دول الجوار حتى لا نأتى بمقارنات لدول فاقتنا كثيراً كالأردن ومصر وغيرها من الدول العربية والغربية.
 
أما الملاحظات التى أوردتها المذكرة الحكومية على مشروع القانون فهى قاصرة فى تناولها لطبيعة النقابات المهنية ونرجوا من مجلس النواب ومن الجمعيات المهنية ومن الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى رفضها.
 
 
 
وأود فى الختام أن أوجز ملاحظاتنا على هذا القانون فى الأتى :-
أولا:- فى المادة (1) فى التعريفات ورد الوزير أي وزير العدل والأصح الوزير المختص لأن هذا المشروع للنقابات المهنية وليس لنقابة واحدة.
ثانيا:- فى المادة ( 2 ) يجوز انشاء النقابة بايداع نظامها الأساسي لدى الوزير المختص وليس بقرار من مجلس الوزراء كما هو وارد فى نص المادة المذكورة.
ثالثا:- فى المادة (3 ) فى أهداف النقابة يتم أضافة بند تنظيم ممارسة المهنة والأرتقاء بها ( بند ب ).
رابعا:- المادة ( 4 ) ويتم ايداع نظام التأسيس لدى الوزير المختص.
خامسا:- فى المادة (5 ) فى شروط العضوية الفقرة ( ب ) أن يكون حاصلاً على مؤهل معترف به.
سادسا :- حذف الفقرة ( د ) من المادة (6 ) والذى يتعلق بالأعضاء غير البحرينيين الممارسين للمهن.
سابعا:- حذف المادة السابعة بكاملها والتى تنص على حرية الأنضمام الى النقابات المهنية والأنسحاب منها مكفولة.
ثامنا:- تضاف عبارة تشكل بكل نقابة لجنة تراخيص  المهنة بدلا من لجنة القيد، ويستبدل كل مصطلح وارد بلجنة القيد الى لجنة التراخيص.
تاسعا:- المادة ( 13 )الفقرة (ج ) يتم حذف التى تصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
عاشرا:- المادة ( 19 ) تحل النقابة بموافقة أربعة أخماس الأعضاء بدلاً من نصاب الثلثين.
حادي عشر:- المادة (28) الفقرة ( ى ) تشكيل لجان التراخيص بدلاً من القيد.
ثاني عشر:- المواد ( 35 ، 36 ، 37 ) يتم حذف مستشار من دائرة الشئون القانونية كما يتم تعديل المادة ( 55 ) بحذف عبارة يصدر بقرار من رئس مجلس الوزراء.
 
كما نقترح بأضافة مادة صريحة بالإختصاص الكامل للنقابة فى الترخيص وإختصاصها الكامل فى بقية اللجان مثل لجنة التحقيق ولجنة التأديب حيث أورد المشروع أضافة مستشار من دائرة الشئون القانونية والأصح أقتصار اللجان كاملة على الأعضاء.
 
كما أود أن أنوه الى أن هذا المشروع بقانون أكثر المتضررين منة هم المحامون من حيث محاولة النيل من استقلالية مهنتهم، هذه المهنة  المعاونة للقضاء فى تحقيق العدالة واحترام سيادة القانون وكفالة الدفاع عن الحقوق والحريات ولا سلطان عليهم فى ذلك الا لضمائرهم وأحكام القانون، علماً بأن جمعية المحامين قد تقدمت لمجلس النواب بمشروع قانون المحاماة في الفصل التشريعي السابق من خلال عضو الجمعية المحامي فريد غازي تضمن كافة الضمانات المهنية للعمل النقابي وحتى تاريخه لم يقم المجلس بإعادة طرحه على جدول أعمال دور الإنعقاد الثاني لمناقشته وإقراره.
 
هذة الملاحظات الأولية والسريعة على مشروع قانون النقابات أختصت بها جمعية المحامين لاعتبارات خصوصية هذه المهنة عن غيرها من المهن قد تتفق معها بعض الجمعيات وقد تختلف ولكن فى الخطوط العامة وكما قرأنا من تصريحات مسئولي تلك الجمعيات بأن الجميع متفق على رفض هذا المشروع بقانون بصيغته الحالية.


 




                                   المحامى :حميد الملا 
                                  نائب رئيس جمعية المحامين