عند الحديث عن حرية الصحافة في بلادنا لا بد من الإشارة إلى كلمة جلالة الملك التي ألقاها في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، ولا سيما عندما قال: يمثل احتفالنا بالصحافة الحرة المسؤولة تجسيداً حقيقياً لروح البحرين التي تقوم على الحرية والانفتاح، وتجديداً لعهد وثيق ووعد دائم بأن تظل الحريات الأساسية وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير مصانة بموجب الدستور والقانون في ظل وطن يتسع للجميع على مختلف الآراء والاتجاهات..
وهذا معناه إن هذه الحرية المسؤولة هي حق دستوري لكل مواطن وبالتالي لأي سبب من الأسباب لا يمكن التراجع عنه أو انتقاصه لمصالح شخصية أو عقائدية ضيقة.
على مدى السبع السنوات الماضية استطاعت صحافتنا المحلية أن تتفاعل مع المتغيرات السياسية التي شهدتها البلاد واستطاعت أيضا وفي إطار هامش الحرية المتاح أن تمارس دورها في حرص شديد، ومع ذلك كانت التحديات كبيرة ولعل أهمها قانون الصحافة والطباعة والنشر الذي تمثل بعض مواده إعاقة للعمل الصحفي ناهيك عن الجماعات الاسلاموية التي كانت تعطي أولوية قصوى لحبس الصحفي ولا ندري لماذا كانت هذه الجماعات وعلى صعيد العمل البرلماني تزعم بانها مع حرية الصحافة في حين أنها ومن حيث الممارسات العملية لا تكف عن القيـام بدور “الشرطي” في تعقب الصحفي، وما يحدث اليوم من تحقيق النيابة العامة مع رئيس تحرير “الأيام” ورئيس جمعية الصحفيين البحرينية الأستاذ عيسى الشايجي وكذلك مع الصحفية بتول السيد، وما حدث أيضا لعدد من الصحفيين والكتاب قبلهم يجـعلنا نضـع علامة استفـهام كبيرة حول هذا السلوك الذي يتنافى مع توجهات البلاد الإصلاحية وخصوصاً في هذا الوقت الذي تم فيه إلغاء عقوبة حبس الصحفيين والكتاب!!
طيلة الدورتـين البرلمانيـتين السابقتين تجربتنا مع بعض الكتل النيابية الإسلامية مريرة وخـاصة فيما يتـعلـق بحرية الصـحافة والكل يعتقد إن إزاحة العراقيل والقيود من أمام هذه الحرية يتـمثل في إقرار مجلس النواب التعديلات المهمة التي اقرها مجلس الوزراء على قانون الصحافة والطباعة والنشر والتي استبعدت حبس الصـحفي تماماً بما فيه الاحتياطي، وكذلك ألغت الرقابة المسبقة على المطبوعات المحلية، وهو ما يعد إضاءة مشرقة على هذا القانون، وهذا يعني إن حرية صحافتنا اتسعت وتضاعفت مسؤوليتها والأهمية هنا أيضا أن تمنح صحافتنا الحزبية حريتها.
وبكل تأكيد حينما أكد جلالة الملك على أن الصـحافة هي الشريك الوطني يفهم من ذلك إن هذه الشـراكة ينبغي منـها أن تـدعم التوجه الديمقراطي وان تدفع في اتجاه التعددية والتسامح والوحدة الوطنية، والتأكيد على الالـتزام بحقوق متكافئة للجميع.
فإذا كانت جمعية الصحافيين البحرينية دشنت في يوم حرية الصحافة العالمي ميثاق “صحفيون ضد الطائفية” فإن هذه الوثيقة التـي تتـطلب ممارسات عمـلية بالـدرجة الأولى دعوة يفتخر بها كل شريف حريص على وحدتنا الوطنية، نعم دعوة ينبغي الالتفاف حـولها بمـسؤولية كاملة لان الـولاء للوطن فوق كل اعتبار.
واليوم ونـحن نحتفي بحرية صحافتنا المحلية الحلم الذي لا يفارق الصحفيين والكتاب ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة طيـلة عـقود من الزمـان لا يسعـنا إلا أن نقول: هنيئاً لصحافتنا هذا الانجاز الذي يقوم على احترام حريتها.. هنيئاً للبحرين التي حققت حلم السلطة الرابعة.. هنيئاً لكل صحافي او كاتب حريص على هذه الحرية وعلى مستقبل الصـحافة عـمـوماً..
فهل يعـقل ونحـن نعـيش هذا الحلم وهذه الحرية التي لم تكتمل إلا بانسـياب المعـلومات دون حواجز أو هلع أو تأويلات تعـود إلى حقبة ما قبل الإصلاحات، وان تخضع صحافتنا إلى التبعية والاملاءات والوصاية وفتاوى تحريم إبداء الرأي والنقد والنشر.. لا والله لا يعقل.
الأيام 10 مايو 2008