المنشور

إلا رغيف العيش‮..‬


في لقاء جمع وزراء الزراعة العرب الأسبوع الماضي في الرياض تحت مظلة المنظمة العربية للتنمية الزراعية، بدا فيه وزراء الزراعة العرب في حال اولي غير مستوعب بعد للصدمة الغذائية المتأتية من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، العرب الذين أخفقوا في تحقيق الحد الأدنى من التكامل الاقتصادي والذين أضاعوا في السابق فرص توجيه المال والاستثمار في المشاريع الزراعية والصناعية في الدول العربية التي تمتلك ميزات نسبية كمصر والسودان والعراق ولبنان والمغرب. خرج وزراء الزراعة بمقترح دراسة جدوى تأسيس صندوق طوارئ للمساعدة في تخفيف اثر الزيادة العالمية في أسعار الغذاء، الأمن الغذائي المهتز عالميا وعربيا سيرجح كفة الغذاء على مداه من قضايا، وقد وصف برنامج الأغذية العالمي ارتفاع الغذاء بأنه طوفان صامت إلا إن هذا الطوفان من شأنه أن يتسبب في أعلى موجة صاخبة ومدوية من الاضطرابات الشعبية وأعمال الشغب. وتقول التقديرات ان 100 مليون شخص مهددون بالفقر.
 ينصح وزير الصناعة البحريني الدكتور حسن فخرو بتغيير نمط التعاطي التجاري الحالي ناصحا تجار المواد الغذائية في البحرين بالتوجه نحو الشراء الجماعي والانفتاح على الأسواق وإيجاد بدائل للسلع التي اعتادها الناس، وناصحا المستهلكين بعدم الإصرار على البقاء على علامة تجارية واحدة، داعيا المصارف وشركات التمويل إلى الدخول في مجال الصناعات الغذائية والزراعية لمواجهة الواقع الغذائي الجديد الذي يتبين فيه مدى انكشاف وانفضاح العالم العربي غذائيا مما يتطلب القيام بمجموعة من التدابير ذات الطابع العربي العام المشترك وأخرى محلية كتلك التي تطرق إليها وزير الصناعة.
  ونعلم إن بلدا كالبحرين قد تبددت فيه رقعة الأرض الزراعية جرى تفتيتها ومن الصعب ربما الحديث عن أي زراعة من أي نوع، كان بعض المستثمرين البحرينيين قد درسوا استئجار أراض زراعية في السعودية ولا ندري مدى جدية المشروع والى أين وصل؟ وكنت قد أشرت في مقال سابق إلى أهمية التفكير في مجمل السياسات الاقتصادية الجارية حاليا وتقنين كل أنواع الدعم لكي يذهب للمستحقين له فقط، كذلك دعم الأجور ومؤازرة الاقتراح البرلماني بزيادة الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين.
  إن المتابع لتداعيات أزمة ارتفاع الأسعار يرى إن دولا عربية قد فرملت قطار التخصيص المنطلق بلا حدود من اجل استعادة الدولة لدورها في ضبط السوق، واشتغلت على خفض عجز الموازنة للجم التضخم المتواصل والمؤدي بالضرورة إلى تدهور المعيشة وتراجع التنمية، قد كان العالم كله ونحن معه سائرا على خط ونهج العولمة المترابط المتشابك، واعدا البشر بالخير والنماء والأسواق المفتوحة ورفع الدعم عن كل أنواع السلع لتسهيل التجارة الحرة، واستفاق العالم على حقيقة مروعة وهي أن أزمة اقتصادية واحدة كأزمة الرهن العقاري في أمريكا قد ألقت بظلالها على العالم كله، وأدت إلى تراجع قيمة أقوى عملة في العالم، وساهمت في هذا الارتفاع الكبير في الأسعار.
  فإن العالم العربي وتكتلاته الإقليمية ومجلس التعاون الخليجي مدعو اليوم لتغيير سياساته الاقتصادية والقيام بإجراءات قصيرة المدى وأخرى بعيدة المدى تنهض على بعض من الاستقلالية والاعتماد على الذات، سلة الغذاء العربية موجودة إذا توفرت الإرادة السياسية وجرى ترجيح كفة الاقتصاد على السياسة والاختلافات والتناقضات وتوحدت الرؤى نحو مصلحة الشعوب، وإذا لم يكن وقت الشدة والتحولات هو الدافع للتغيير، فمتى إذن؟
 
الأيام 7 مايو 2008