المنشور

اليوم العالمي لحرية الصحافة (4 ــ 4)

لعل ما يُميز احتفال مملكة البحرين باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام البادرة التي اتخذها صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء بالالتقاء برؤساء تحرير صحافتنا اليومية المحلية الست ونخبة من الصحفيين وكتّاب الأعمدة فيها عشية الاحتفال بهذه المناسبة. أهمية بادرة سمو رئيس الوزراء لا تكمن فقط فيما أدلى به سموه من حديث مسهب صريح عن وضع الصحافة المحلية وانطباعاته عنها سواء من حيث ايجابياتها أم من حيث سلبياتها كما يراها سموه، بل تكمن أهميتها من حيث ما تمثله من إرساء عرف جديد نرجو أن يتكرس في السنوات المقبلة للاحتفال بهذه المناسبة العالمية البالغة الأهمية ألا هي “اليوم العالمي لحرية الصحافة” من خلال إبداء الاهتمام الرسمي بها على أعلى المستويات الحكومية كما تمثل ذلك في البادرة ذاتها التي أقدم عليها سمو رئيس الوزراء.
فإذا كان التقاء أعلى القيادات الرسمية بالصحافة مطلوبا ومهما في أي ظروف أو أي مناسبات أو أوقات مطلوبة، فإنه بلا شك يكتسب مغزى بالغ الدلالة والأهمية حينما يأتي هذا اللقاء في مناسبة عالمية خاصة بحرية الصحافة، ويتم خلالها تبادل الرؤى ووجهات النظر حول سبل تطوير صحافتنا المحلية ومواجهة وعلاج ما تمر به من مشكلات، وفي مقدمتها بالطبع مستوى الهامش المتاح لحرية الصحافة وآفاق تمديده ومسئولية كلا الجانبين الحكومي والصحفي في المحافظة على ما تحقق من مكتسبات في حرية الصحافة وتعزيزها. وبقدر ما يتجلى دور الصحافة بأن تكون مرآة لهموم المجتمع وقضاياه والأوضاع السياسية المحلية والعالمية بوجه عام، بقدر ما يتجلى هذا الدور أيضاً بأن تكون أمينة إن لم يكن في تعزيز وحدتنا الوطنية وتماسك جبهتنا الداخلية، فعلى الأقل في الابتعاد عن كل ما من شأنه تعكير صفو هذه الوحدة أو تمزيقها.
والمسئولية كما نرى مشتركة متبادلة في بلوغ هذا الهدف بين الطرفين، الرسمي من جهة والصحفي من جهة أخرى. فإذا كان هنالك دور كبير يعوّل عليه دائماً من قبل الحكومة في المحافظة على مكتسبات الحرية الصحفية وتعزيزها، ففي المقابل هنالك دور ومسئولية يعولان عليه في كيفية ممارسة هذه الحرية وعدم استغلالها باسم الحرية من قبل الصحافة لتفتيت وحدتنا الوطنية أو الإساءة إلى أي قيم ومقدسات عليا يؤمن بها الشعب. وبهذا المعنى قلنا إن التقاء سموه بمندوبي صحافتنا المحلية في هذه المناسبة تحديداً يكتسب مغزاه في أن يبادر بنفسه، كقائد لحكومة مملكة البحرين، بالاقتراب مباشرة من الصحافة وجس نبض همومها وهموم المجتمع من خلالها، وفتح صدره لسماع مختلف وجهات النظر الصحفية المختلفة المعبرة عن هذه الهموم، وبضمنها تلك التي تتسم بالمصارحة.
وبطبيعة الحال لم يحالفني الحظ لحضور هذا اللقاء لكن أستطيع أن أؤكد بناء على معطيات ما نشر في صحافتنا الوطنية، ان حديث سمو رئيس الوزراء وما تخلل في حوارات الصحفيين مع سموه من مناقشات جادة ومثمرة تعكس هذه المصارحات من قبل كلا الطرفين على حد سواء، والمتمثلة في حديث سموه وإجاباته عن أسئلة الصحفيين من جهته، وأسئلة وملاحظات عدد من الصحفيين الحاضرين من جهة أخرى، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع كل أو بعض وجهات النظر المطروحة.
وتقتضي الأمانة الصحفية القول إن سمو رئيس الوزراء لربما يُعد من أكثر رؤساء حكومات دول مجلس التعاون اهتماماً بالصحافة المحلية وبما يُنشر فيها من آراء إن لم يكن أكثر رؤساء حكومات دول المجلس مجتمعة، وأستطيع أن أقول، ككاتب عمود يومي، ان سموه، وعلى الرغم من انشغالاته الجمة المتعددة كقائد حكومة فإنه متابع دقيق يومي لما ينشر في هذه الصحافة من أعمدة رأي وتحقيقات ومقالات صحفية مختلفة في صحافتنا المحلية اليومية الست كلها، هذا فضلا عن حرصه الدائم على الالتقاء بمسئولي وكتاب هذه الصحافة على اختلاف توجهاتهم وآرائهم السياسية والفكرية.
ولا شك ليس هنالك ما يسر أي صحافة وطنية في العالم أكثر من أن تجد صدى لما تنشره من قضايا آنية تمر بها الحياة السياسية لدى أعلى قيادات الدولة فيها فحسب، بل أن تجد اهتماما لدى هذه القيادات في مختلف الدول لسماع مختلف وجهات نظر الصحفيين، والحوار معهم حول الهموم والمشكلات الآنية التي تمر بها الحياتان الصحفية والسياسية معاً.
وإذ نثمن عالياً اهتمام وحرص سمو رئيس الوزراء الدائم بالصحافة وبما ينشر فيها من آراء متعددة حول قضايا الساعة، وإذ نشيد أيضاً بوجه خاص في هذه المناسبة بالبادرة التي أقدم عليها سموه بالالتقاء بالصحافة المحلية من رؤساء تحرير وكتاب صحفيين، فإننا لنرجو أن تكون بادرة سموه خطوة نحو إرساء عرف سنوي لهذا اللقاء بقيادة المملكة، راجين لصحافتنا المحلية المزيد من التطور والنجاح وتعزيز المزيد من مكتسبات حريتها الصحفية.. وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة اخبار الخليج
6 مايو 2008