جاء في البحث الذي أجرته شركة ‘Heidrick & Struggles’ بالتعاون مع وحدة المعلومات الاقتصادية (Economist Intelligence Unit) التابعة لمجلة الإيكونومست البريطانية، أن المملكة العربية السعودية ومصر حلّتا ضمن الدول الخمس الأكثر فقرًا في مؤشر المواهب العالمي Global Talent Index) ) الجديد الذي يشمل مسحًا لثلاثين دولة في العالم.
ليس هذا وحسب، وإنما توقع البحث أن تبقى الدولتان في موقعهما دون تقدم حتى خمس سنوات قادمة. وبحسب الشركة المنفذة للبحث ‘هيدريك أند ستراجلز’ التي تصنف ضمن أكبر خمس شركات في العالم في مجال الأبحاث والدراسات، فإن المنطقة شهدت معدلات نمو عالية في السنوات الأخيرة، إلا أنه لم يكن للرضا الذاتي (Complacency) للمواهب مكان في ذلك النمو. وإن بلدان منطقة الشرق الأوسط العربية تخسر معركة المواهب ما يتوجب عليها المسارعة لوضع استراتيجية للجذب والاحتفاظ بالكوادر المتميزة إذا أرادت الاحتفاظ بزخم التقدم.
وكشف البحث عن أن المواهب تتوجه إلى حيث تدفع لها أجور أعلى، حيث ستحافظ الولايات المتحدة على زيادتها كأكبر دولة في العالم استقطابًا للكوادر النوعية حتى عام ,2012 إلا أنها تواجه منافسة شديدة على هذا الصعيد من جانب الصين التي ستتقدم إلى المرتبة السادسة في مؤشر المواهب العالمي (GTI) في السنوات الخمس المقبلة. في حين ستحافظ الهند على موقعها الحالي في المرتبة العاشرة وذلك بفضل نوعية التعليم والتجهيز الفني وتعبئة قوة عملها في الإنتاج المادي والخدمي.
وتسير الأمور ببطء في الشرق الأوسط وإن كانت بلدانه ستسجل تقدمًا طفيفًا في السنوات الخمس المقبلة، حيث ستخطو كل من السعودية ومصر خطوة واحدة إلى الأمام تاركتين هذه المرة البرازيل وتركيا خلفهما، حيث ستحتل السعودية المرتبة التاسعة في عام 2012 فيما يتعلق بنوعية جامعاتها ومعاهدها التعليمية، كما أنه من الممكن أن تساعد مداخيلها النفطية العالية في استقطاب الكوادر الموهوبة ما قد يرتفع تصنيفها في مجال استقطاب المواهب من المرتبة 23 إلى المرتبة .20
وكان هذا المؤشر قد استحدث مؤخرًا لقياس سبعة جوانب تنموية في عدد منتخب من بلدان أقاليم العالم المختلفة. وتشمل هذه الجوانب الديموغرافيا، نوعية التعليم الإلزامي، نوعية الجامعات ومدارس الأعمال، نوعية بيئة تنمية المواهب، التعبئة والمرونة النسبية لسوق العمل، اتجاهات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مدى الاستعداد لاستقطاب الكوادر الموهوبة.
في ذات السياق كشفت إحصاءات الجامعة العربية عن أن هجرة العقول العربية تكلف الاقتصاد العربي نحو 200 مليار دولار.
وتستقطب الدول المتقدمة (الغربية خصوصًا) فئة الاختصاصيين والعمال المهرة بصورة انتقائية بحيث يشكلون إضافة نوعية لطاقاتها الإنتاجية. وقد بلغ عدد من استقطبتهم الدول الغربية من العقول العربية في عام 450 2004 ألفًا.
وعلى الصعيد الخليجي، أوضحت مجموعة ‘داتا ماتريكس’ (Datamatrix Group) التي نظمت قبل أيام (18 - 19 ديسمبر 2007) مؤتمرًا في دبي حول نقص القيادات الفذة في بلدان مجلس التعاون (GCC Executive Talent and Skills Shortage Summit) بأن بلدان مجلس التعاون تتجه، وهي تجتاز مرحلة من تشييد المشاريع الإنمائية الضخمة، نحو مواجهة مشكلة في نقص الموارد البشرية عالية الكفاءة والخبرة. فالجامعات الخليجية لا تُخرج سوى القليل من المواهب الفذة الذين يمكن أن تستقطبهم الشركات متعددة الجنسية والشركات الخليجية الخاصة ذات الإمكانات والطموحات الاستثمارية المتنامية، ناهيك عن أن القطاع الحكومي يستقطب جُلّ هؤلاء.
صحيح أن دول مجلس التعاون حققت قفزة كبيرة في نوعية التعليم الخاص والتعليم العام في السنوات العشر الأخيرة بفضل انتشار أعداد الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس الخاصة وزيادة مخصصات التعليم الحكومية، ما نتج عنه ازدياد أعداد حملة الشهادات العليا والاختصاصيين .. إلا أن كل ذلك لا يوازي حجم ونوعية الطلب في أسواقها.
ولذلك فإنه يتعين على دول مجلس التعاون أن تضع استراتيجيات جديدة خاصة بكيفية بناء والمحافظة على قوة العمل التنفيذية النوعية، في ذات الوقت الذي يجب عليها أن تنفذ سياسات عملية لتطوير قاعدة وطنية من الكوادر المحلية الموهوبة لشغل المناصب الهامة في أجهزة الدولة ومؤسساتها وشركاتها ومؤسسات وشركات القطاع الخاص.
صحيفة الوطن
4 مايو 2008