المنشور

حوار وطني

أحد عناوين افتتاحية «بانوراما لكل الأطياف»، كان هكذا: «كلنا مختلفون.. جميعنا متساوون!»، وقلنا إن هذا العنوان يصلح لأن يكون شعاراً لهذه المرحلة المغرقة بالحساسية المفرطة، وفي التاسع والعشرين من مارس/ آذار الماضي اجتمعت 500 شخصية وطنية تمثل جل الأطياف الوطنية والإسلامية بحركاتها السياسية والحقوقية المدنية، وكذلك الرسمية على طاولة واحدة لتناقش في حوار وطني، من المفترض أن يكون جاداً، قضية جد مهمة: هي الطائفية وأبعادها الخطيرة، فدهشنا من «الحجج المرمية على الطاولة، ولكنها لم تقنعنا»، فكان ما كان، ولم نعرف من الذي «سرق القرآن»، وفق تعبير إبراهيم بشمي.
كان يكفي أن تتفق خمسمئة شخصية وطنية ذات اتجاهات مختلفة على مناقشة موضوع، ليوم واحد أو لساعة، أن تثير شيئاً في داخلنا بـ «أنَّ في الأمر إنَّ»؛ ونتساءل: ما الذي يجمع هؤلاء المختلفين على موضوع واحد من صنعهم؟ هل ليبرر الواحد للآخر بأنه البريء الوحيد في الساحة من هذه الطأفنة القاتلة، أم لإثبات أن المرأة الحامل عذراء؟
حلقة «بانوراما» لهذا اليوم نتناول فيها عدداً من الموضوعات المتصلة بهذا الشأن الموجع، فهناك رصد ومتابعة لكل ما دار في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، والتراشق بالكلام (وهذه ميزة طيبة، أفضل من التراشق بالرصاص، أو كاتم الصوت) كتبه الصحافي الشاب عيسى الدرازي، وفي الحلقة هذه هناك تشخيص عن «التمييز الطائفي والمواطنة» كتبه المحامي والناشط الحقوقي عيسى إبراهيم، يشير فيه إلى «وجود فارق في الشعور الفردي بالولاء للأشخاص.. والولاء الحر للوطن»، معتبراً أن «المشكلة والداء ليسا في الطائفية.. بل في وجود تمييز وصراع بين الطوائف».
في هذا العدد أيضاً رأي للفنان اللبناني مارسيل خليفة «الموسيقي الغائص في الموسيقى»، يقول «نحن بحاجة لحل يُحوِّل لبنان إلى بلد علماني بعيداً عن الطائفية»، مشيراً إلى أن «السؤال محرم في أنظمتنا.. وعندما نسأل يبدأ القمع».. وأخيراً وليس آخراً، نتناول عرض كتاب «مدخل إلى مشروع الدين المقارن» المهم، للمفكر السوري نبيل فياض، والمتصل بالحوار الوطني والوحدة الوطنية، التي يشير إليها بأنها «أقدس ما يجب تقديسه، وأغلى ما يجب الدفاع عنه، والحديث الكلامي عن الوحدة الوطنية غير مجدٍ مادامت كتبنا ومحاضراتنا وكلامنا خلف الأبواب المغلقة تعارضها بالكامل».
ويرى فياض هناك قواسم مشتركة للمناهج وإمكان التقائها «إذا لم يضع واحدنا بحسبانه نتائج مسبقة يكرس كل إمكاناته للبرهان عليها، كما ليس ثمة اعتراض أبداً أن يعتقد المرء أن شيئاً ما حقيقي من دون أن يمتلك دليلاً على ذلك سوى اعتقاده».
النطق ينتهي حيث يبدأ الحب، وفق تعبير أحلام مستغانمي في «ذاكرة الجسد»، حين تقول «الذي أعرفه عن أبي، ليس تلك الجمل الجاهزة لتمجيد الأبطال والشهداء، والتي تقال في كل مناسبة عن الجميع، وكأن الموت سوّى فجأة بين كل الشهداء، فأصبحوا جميعاً نسخة طبق الأصل».
 
صحيفة الوقت
17 ابريل 2008