المنشور

محاكمات قانون تدابير أمن الدولة


كجزء من تاريخ وطننا نروي عن محكمات امن الدولة، ليس بهدف التحريض السياسي وإنما للإعانة في التسجيل فقد يأتي جيل لا يعرف عن هذه التجربة ولا يدري ماذا جرى ويجري.  ما يسجل هنا فيه تسهيل وإعانة لكل باحث في تاريخ هذا البلد خاصةً إن معلومات كثيرة لم تعرف، وطواها النسيان عن أحداث كثيرة مرت بها البحرين بسبب أن وازع الكتابة كان ضعيفاً مما جعل ذاكرة الوطن تواجه صعوبة وغموض في نواحً كثيرة .
 
تم إسقاط قانون تدابير أمن الدولة في البرلمان من قبل قوى الشعب وعليه جرى حل البرلمان ومن ثم اعتقالات فمحاكمات بموجب هذا القانون.
 فما الذي اشتملت عليه هذه المحاكمات؟
 بعد أن تأكد لنا ونحن في سجن جدة أن المحاكمات ستبدأ قريباً،  قررنا إعداد دفاع مشترك يتم حفظه عن ظهر قلب ثم يقدم للمحكمة.  وتم صياغة نص واحد للجميع بغض النظر عن الانتماء السياسي.
 
 يقول  النص .. إنني أرفض قانون تدابير أمن الدولة الذي رفضه الشعب ممثلا في أعضاء المجلس الوطني. لأنه من عهود السيطرة الاستعمارية .
 
وفي شهر فبراير 1975م جرى نقلنا واحدً تلو الأخر إلى قسم التحقيقات الجنائية في مبناه القديم بالقلعة حيث كتبنا هذا النص وتم وضعه داخل مظروف مغلق. حيث جرى فتحه في المحكمة.
 
في بداية المحاكمات كانت الحراسة مشددة وعدد سيارات الشرطة كبير و استعملت طائرة هيلوكبتر كانت تحلق في الجو. إلا أن الجلسات الأخرى لم تعرف هذه الضجة المفتعلة وكان الأمر يجري بشكل عادي .
هذه المحاكمات لا يستطيع شخص واحد أن يكتب عنها  فحتى نجمع أكبر معلومات عنها يفترض أن يساهم عدد كبير ممن كانوا ضحية قانون أمن الدولة.
 
أول جلسه عادةً تبدأ بما يسمى جلسة الاطلاع حيث يحضر ضابط السجن والمقبوض عليه كما يعبر عن ذلك في مرافعة المدعي العام كما أن من حقه طلب محامً، والملف كما هو مذكور فيه ، نسخة من الأصلي ولكن غير مكتملة لدواعي أمنيه كما يذكرون .
 
أبرز ما يحتويه الملف مرافعة المدعي العام و هي واحدة ولكل شخص نسخة مشابهة و تركز على أن هذا المعتقل متهم بتسويد الطبقة العاملة وأن له نشاط يضر بأمن الدولة والمطلوب استمرار حبسه .
 ثم تأتي بقية الوثائق وهي عبارة عن منشورات صدرت في أوقات مختلفة في داخل وخارج البحرين وليس من الضروري أن يكون المقبوض عليه قد رآها أو ساهم فيها أو ينتمي لها. فالتهمة مشتركة وقد تكون هناك بلاغات ضد الشخص ولا يهم إن كانت صحيحة أو خاطئة، واعترافات من أشخاص وليس من الضروري أن تكون ضد الشخص المعتقل أو ضد غيره، و واضح هنا إن الهدف هو اطلاع صاحب الملف على ما يريدون أن يكشفوه أمامه. هذا إلى جانب الصور للمظاهرات التي قامت في أزمنة مختلفة دون أن يكون الشخص له علاقة بها فعلى سبيل المثال إن أحد الأشخاص وجد في ملفه صورة لساق لنكدنل بوب بعد قطعها يحملها أحد الممرضين .
 
هذا أتاح للجميع فرصة الاطلاع على وثائق وصورا لا تخصه.  بل تم معرفة أشخاص معترفين دون أن يعلنوا عن اعترافاتهم من قبل. كذلك مخبرين كانت الشكوك حولهم ضعيفة.
 
حتى الاعترافات القديمة التي كتبت في بداية الستينات من قبل بعض القومين العرب تم ضمها إلى ملفات بعض المعتقلين حتى وجد أسماء أشخاص لم يكونوا معروفين بالنشاط السياسي تم التعرف عليهم .
جلسة الاطلاع هذه تعقبها المحاكمة بعد أسبوع أو أسبوعين ولا تستغرق أكثر من دقائق قليلة جداً حيث يسأل القاضي. أهذا دفاعك؟ فيجيب الشخص بنعم،  بعد ذلك يقول رئيس المحكمة بلهجة عامية .. قبلت . وهذا يعني أن المحكمة قبلت استمرار حبس المقبوض عليهم.  إلا أن جلسات المحكمة بعد انتهاء المدة وهي ستة شهور ليس فيها اطلاع على الملف ويكون السؤال على الشكل الأتي هل جهزت دفاعك؟  أما الجواب فهو نفس الموقف السابق فيرد القاضي .. قبلت.  إلا أن بعض المعتقلين يطلبون فرصة أخرى للحضور حتى تتاح لهم مقابلة أهاليهم في المحكمة أو التفرج على الشوارع في طريقهم من والى المحكمة.
 
حسب قانون أمن الدولة يطلق سراح المقبوض عليه حتماً بعد مضي ثلاث سنوات .  وصادف إن أحدنا نبه القاضي إلى انه قد أكمل ثلاث سنوات حسب القانون فرد عليه إنه لا يحكم في القلعة وإنما يحكم في المحكمة.
 وهكذا فإن هناك من ظل في السجن أربع سنوات وخمس سنوات وسبع سنوات إلا انه بعد انتهاء السنوات الثلاث توقفوا عن إرسال أحد إلى المحكمة. 
  
 

خاص بالتقدمي