المنشور

تكريماً لحسن الجشي

كنا ننتظر من مؤسستنا التشريعية، خاصةً مجلس النواب، أن تبدي التفاتةً تجاه ذكرى الراحل الكبير الأستاذ حسن الجشي، بصفته أول رئيس لبرلمانٍ منتخبٍ في تاريخ بلادنا. كان على مجلس النواب أن يعبر عن تكريمه ووفائه لذكرى هذا الرجل متعدد المواهب والاهتمامات، ولكن في الشق المتصل بكونه شخصية برلمانية من الوزن الثقيل أعطت قوةً ومهابةً ليس فقط على موقع رئاسة المجلس، وإنما أيضا على دور المجلس الوطني في السبعينات . وفي كلماتٍ موجزةٍ فان مكانةَ ودور ذلك المجلس أضفت أهمية على موقع الرئيس، أي أن برلماناً قوياً مثل ذلك البرلمان كان يستحق بالضرورة رئيساً قوياً من وزن حسن الجشي، لكن في المقابل فإن شخصية الجشي القوية وسعة اطلاعه ومعرفته وخبرته السياسية والتربوية والإعلامية ، وكونه واحداً من أهم مثقفي البحرين منذ الخمسينات قد أضفت بدورها قوةً على هذا المجلس. في كلمات موجزة أخرى فإن حسن الجشي أخذ من المجلس الذي رأسه قوةً وأضاف إليه قوة. وما من جهة أجدر بأن تقوم بهذه الالتفاتة تجاه البرلماني حسن الجشي سوى مجلس النواب، لكي يظهر، طالما انه البرلمان الذي اختاره الشعب، أن البحرين استحقت في السبعينات برلماناً أفضل من برلمان اليوم، وهي ما زالت  تستحق مثل ذاك البرلمان الذي عاجله مرسوم الحل السريع، الذي وأد في المهد الخطوة الجدية في تاريخ البلد لإقامة الشراكة السياسية بين الدولة والمجتمع التي لو استمرت لكنا ظفرنا بوطنٍ أجمل بكثير من هذا الذي بلغناه.  وطن خال من أوجه العسف والقمع ومصادرة الحريات التي هيمنت على المناخ السياسي في البلد طوال ثلاثة عقود، فورثت لنا، في النتيجة هذه المقادير المهولة من الفساد المالي والإداري والعبث بالمال العام، وهذا الترهل البيروقراطي، وأخيراً هذا المجتمع المنقسم على نفسه انقساماً طائفياً ومذهبياً، على خلاف ما أراده له جيل حسن الجشي الذي شرّحَ داء الطائفية في “صوت البحرين” منذ منتصف القرن العشرين بوعي ونضج يلمسهما من يعود إلى ما كتبه في حينه. نحتاج لاستذكار واستحضار دور حسن الجشي بوصفه رئيساً لذلك المجلس، لكي نسلط الضوء مجدداً على مكانة هذه التجربة في تاريخنا الوطني والسياسي، ونستخلص منها ما نحن في أمس الحاجة إليه من دروس وعبر. نحتاج أكثر لأن نوفي حسن الجشي حقه، فله دين علينا أن نرد بعضاً منه إليه، وأرى أنه سيكون مناسباً ولائقاً أن تَنتظم ندوةً محضراً لها بعناية واهتمام، وقبل وقت كاف، تشتمل على عدة محاور تتناول شخصية حسن الجشي ودوره في المجالات المختلفة، فبذلك لا نكون قد كرمنا هذا الرجل الكبير فحسب، وإنما درسنا أيضا المرحلة الذهبية التي عاش ونشط فيها.

خاص بالتقدمي