المنشور

من الذي يجب أنْ يشعر بالإهانة؟

لم أفهم تماماً لماذا تحفظ البعض على نشر أسماء المستحقين لعلاوة الغلاء فيما ذهب البعض الآخر إلى أنّ نشر الأسماء يمثل إهانة للشعب البحريني بالكامل, في حين أنّ مَنْ يجب أنْ يشعر بالإهانة هو الاقتصاد البحريني وخصوصاً القطاع الخاص الذي لايزال يرمي بفتات أرباحه لموظفيه ويعتمد بصورة شبه كاملة على الأيدي العاملة الرخيصة, وذلك ما يمكن إثباته من خلال مقارنة رواتب البحرينيين برواتب أشقائهم في دول مجلس التعاون. فلماذا شعر البعض بالإهانة؟ هل لأنّ راتبه يقل بشكل بسيط عن الـ1500 دينار المحددة لاستحقاق العلاوة أم أنّ استثماراته تفوق هذا الدخل بشكل كبير مما يضعه في موقف محرج أمام المجتمع. الاقتصاديون يرون أنّ محاربة الغلاء والحد من أثاره يجب أنْ يكون من خلال زيادة وتعديل الرواتب بشكل متوازن مع معدلات التضخم وزيادة الأسعار وليس من خلال صرف معونات و علاوات يمكن أنْ تكون الدولة قادرة على صرفها في الوقت الراهن ولن تكون قادرة على ذلك في المستقبل, كما أنّ صرف المعونات لا تعدو كونها مسكنا لتخفيف حدة ظاهرة ارتفاع الأسعار وليس علاجا لذلك. ولذلك تسعى وزارة العمل بحسب تصريح الوزير مجيد العلوي إلى رفع الحد الأدنى لأجور البحرينيين في القطاع الخاص؛ لتصل إلى 300 دينار حتى العام 2014! في حين أنّ الحد الأدنى التي تسعى الوزارة جاهدة لتطبيقه الآنَ هو 200 دينار. متوسط الأجور في القطاع الخاص للعام الماضي وصل إلى 214 دينارا بشكل عام إذ كان متوسط أجور البحرينيين 377 ديناراً ومتوسط أجور العمالة الأجنبية 170 ديناراً شهريا وفي حين تضاعفت أجور المديرين التنفيذيين وكبار موظفي القطاع الخاص بشكل كبير جداً قد يصل في بعض الأحيان إلى العشرة أضعاف خلال العشر سنوات الماضية بقت أجور الموظفين من الدرجات المتوسطة والصغيرة كحالها ولم تتعد نسبة الزيادة في أجورها عن العشرين في المئة وذلك ما أدّى بصورة مباشرة إلى تآكل الطبقة المتوسطة واضمحلالها في ظل زيادة الأسعار وبقاء الرواتب على حالها خلال السنوات العشر الماضية. بين متوسط الأجر في البحرين والحد الأعلى لاستحقاق علاوة الغلاء ما يفوق الثلاثة أضعاف. فمن الذي يجب أنْ يشعر بالمهانة؟ المواطن المستحق لهذه العلاوة أم الاقتصاد البحريني بشكل عام و القطاع الخاص الذي لا يستطيع أنْ يخلق وظائف مجزية للمواطنين تبعدهم عن حاجة السؤال والمعونات وعلاوات الغلاء؟

صحيفة الوسط
5 ابريل 2008