المنشور

قراءة في تقرير مملكة البحرين الأول بشأن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين 2008


ورقة المنبر الديمقراطي التقدمي
لمؤتمر الحوار الوطني الثاني
محور القوانين والتشريعات المناهضة للتمييز
المنعقد يوم السبت 29 مارس 2008


 إعداد المحامي / حسن علي إسماعيل
 



تقديم :


    سلمت وزارة الخارجية البحرينية  في 25 فبراير الماضي مجلس حقوق الإنسان التابع إلى هيئة الأمم المتحدة تقرير مملكة البحرين الأول بشأن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين ، وسيعرض إلى جانبه على هذا المجلس في السابع من ابريل المقبل 2008 في جنيف  التقرير الموازي  لتقرير حكومة البحرين وهو التقرير المعد من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان وهو أعلى وظيفة في الأمم المتحدة تتعلّق بحقوق الإنسان، و يتبع مباشرة الأمين العام للأمم المتحدة .
 
  أن أهمية مناقشة التقريرين في مؤتمر الحوار الوطني وفي المحور المتعلق ( بالقوانين والتشريعات المناهضة للطائفية والتمييز ) أو بالأصح  ( أوجه التمييز والطائفية في قوانين وتشريعات البحرين )  تكمن في أن هذين التقريرين  (الحكومي والموازي) سيتم عرضهما  أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف في 7 ابريل المقبل ومناقشتهما وسيصدر المجلس توصياته بشأنهما .
 
 كما تكمن هذه ألأهمية في أنّ البحرين ستكون أوّل دولة ستتعرض للمحاسبة الدورية الجديدة، وذلك بعد تغيير إجراءات الأمم المتحدة العام الماضي. وسيكون للمنظمات غير الحكومية الحق أن تحضره اعترافاً بدورها، إذ سيقوم  المفوض السامي للأمم المتحدة أو من يمثله بقراءة التقرير الموازي، ويقرأه أمام سفراء وممثلي جميع الحكومات المشاركة في مجلس حقوق الإنسان، وهو ما يُعتبر الأوّل من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة.
 
    لذلك يتعين أن لا يمر هذا الحدث مرور الكرام  ونحن نتحاور في محور هام من محاور المؤتمر الوطني المتعلق بتشريعات وقوانين البحرين والتمييز ، ويمكن إبراز أهم ملاحظاتنا على مملكة البحرين الأول بشأن المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في البحرين 2008 فيما يلي :
 



1- التقرير الرسمي يتجاهل جوهر ملاحظات القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني
:


 
 فى الوقت الذي أعتمد فيه المفوض السامي في تقريره الموازي على تقارير تسلّمها من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، و توصيات صدرت من لجان تابعة إلى الأمم المتحدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين والتي صدرت خلال الأعوام الماضية ولم يتم تنفيذها لحد الآن. فأن تقرير حكومة البحرين قد أعتمد على وجهة النظر الحكومية ولم يعر اهتماما بما يدور في مجتمع من احتقان على كافة الأصعدة ولم يرصد الملاحظات والانتقادات الواسعة لما أصاب المشروع الإصلاحي من تراجع من قبل القوي السياسية ، والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني الأهلية ، بل وتجاهل جوهر تلك الملاحظات التي قدمتها بعض هذه المؤسسات كالاتحاد النسائي أو تلك الملاحظات التي قدمها المنبر التقدمي حول قانون الجمعيات السياسية ، وبالطبع لم تكن هذه المؤسسات تأمل أن يتبنى تقرير الحكومة هذه الملاحظات ، بل كانت تأمل على أقل تقدير أن يستعرض التقرير تلك الملاحظات بشفافية .
 
2- التقرير أغفل أهم ملفات التمييز وضرورة إصدار قانون يجرم التمييز :
 
    لم يتضمن تقرير حكومة البحرين ملفات وقضايا عدة أشتمل عليها تقرير المفوض السامي الموازي، من أبرزها ملف التمييز الوظيفي.  وضرورة إصدار قانون يجرم التمييز بين المواطنين.
 
  كما أغفل التقرير الرسمي ما أشار إليه التقرير الموازي  من وجود تمييز يمارس ضد المرأة في الحياة العامة وفي التوظيف، ومثال ذلك أن النساء يحصلن على رواتب أقل من الرجال في البحرين.
 
وفي الوقت الذي تحدث فيه التقرير الموازي عن  حملات التجنيس التي أدت إلى آثار سلبية على المواطنين ولاسيما فيما يتعلق بالوظائف والإسكان والتعليم والصحة ، وعن موضوع الدوائر الانتخابية، إذ اعتبر التقرير الموازي أن توزيعها ليس عادلاً واستهدف الحصول على تشكيلة محددة في الانتخابات. وانتقد  خلو التشريعات البحرينية صراحة من منع استخدام التعذيب، كما تحدث عن قضايا تعتبر مثالاً للجدل على الساحة البحرينية ، فأن التقرير الرسمي يصمت إزاء هذه القضايا.

3- تجاهل التقرير توصيات لجنة مكافحة التمييز العنصري ومبادئ باريس بضرورة تشكيل هيئة وطنية لحقوق الإنسان بالتشاور مؤسسات المجتمع المدني : 

     ورد في التقرير الموازي إنه ( في 11 نوفمبر2007 أعلن مجلس الوزراء البحريني نيته تأسيس هيئة وطنية لحقوق الإنسان، ولكن لحد الآن لم يتم تعيين أحد بحسب ما أعلنت ذلك الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في مداخلتهم المشتركة التي سلموها للمفوضية. وطالبت هذه الجمعيات الحكومة البحرينية استخدام مبادئ باريس والتشاور مع منظمات المجتمع المدني بشأن تشكيل الهيئة الوطنية وذلك التزاماً بتوصيات لجنة مكافحة التمييز العنصري ولجنة مناهضة التعذيب (وهما آليتان من آليات الأمم المتحدة) واللتان أصدرتا توصياتهما لحكومة البحرين في العام 2005. )
 
         غير أن التقرير الرسمي أغفل الإشارة إلى ما أبدته مؤسسات المجتمع المدني من ضرورة أن يكون تشكيل هذه الهيئة بالتشاور مع هذه المؤسسات ، وأن يراعى في تشكيلها مبادئ باريس حسب توصية لجنة مكافحة التمييز العنصري ولجنة مناهضة التعذيب الموجهة لحكومة البحرين ، وأن كل ما ورد في التقرير الرسمي بهذا الشأن هو ( أن البحرين ملتزمة بإنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان في أسرع وقت ممكن، مع أخذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالاعتبار ومن المتوقع أن تقوم الهيئة، بعد إنشائها بوضع خطة وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في المملكة. ) .
 
4- يتجاهل التقرير أن البحرين من دون قانون للأحوال الشخصية :
 
     في الوقت الذي يؤكد التقرير الموازي على ( إن البحرين مازالت من دون قانون للأحوال الشخصية لتنظيم الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث كما جاء في تقرير هيومن رايتس ووتش الذي تسلمته المفوضية. والقضاة في المحاكم الشرعية لا يمتلكون الكفاءة أو التدريب بالمستوى الذي يؤهلهم إلى إصدار أحكام عادلة، وإنما يستخدمون آراءهم الشخصية التي تتغير بين فترة وأخرى، وقد تسلمت المفوضية تقارير من المركز الآسيوي لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية للحقوق ومركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش، وطالب هؤلاء بضرورة إصدار قانون ينظم هذا المجال ويمنع التمييز والمخالفات.
 
   فأن التقرير الرسمي لحكومة البحرين التزم الصمت وخلا من أية إشارة بضرورة إصدار مثل هذا القانون ، حتى أنه حين عدد نشاط المجلس الأعلى للمرأة لم يذكر ما قام به هذا المجلس من حملة واسعة خلال عام 2007  من أجل إصدار قانون أحكام الأسرة ، ورغم أن الاتحاد النسائي قد أورد في مرئياته المقدمة لوزارة الخارجية انه ( من الضروري لتعزيز حقوق المرأة وتوضيح الحقوق والواجبات بين الجنسين وتنظيم العلاقات الأسرية العمل على الإسراع بإزالة المعوقات المتعلقة بإصدار قانون الأحوال الشخصية ) ، إلا أن التقرير الرسمي لم يتبنى هذه الدعوة رغم أهميتها في المجتمع وفي تعزيز حقوق الإنسان .
 
    كما هذا التقرير – تقرير مملكة البحرين – لم يشر في هذا الإطار إلى جهود علماء الدين في المذهبين المتمثل في إعداد مسودة قانون أحكام الأسرة ، إذ يعكف الاتحاد النسائي على قراءة ما اشتملت عليه المسودة من أحكام إيجابية وسلبية سيقدمها خلال الأيام القادمة .
 
كما تجدر الملاحظة بما ورد في التقرير الموازي من قول بأن ( القضاة في المحاكم الشرعية لا يمتلكون الكفاءة أو التدريب بالمستوى الذي يؤهلهم إلى إصدار أحكام عادلة، وإنما يستخدمون آراءهم الشخصية التي تتغير بين فترة وأخرى ) هو قول مبالغ فيه لا نتفق معه على إطلاقه وعموميته ، يتجاهل التطور الحاصل في المحاكم الشرعية من حيث الإجراءات ، ومن حيث وجود قضاة جدد يتمتعون بالكفاءة في إدارة الجلسات وفي إصدار الأحكام طبقا لإحكام الشريعة ، وهم يدركون بالنسبة إليهم ولإطراف الخصومة أهمية صدور قانون لإحكام الأسرة .
 
5- يتناسى التقرير وجود التمييز ضد المرأة في الحياة العامة وفي التوظيف :
 
   يتناسى التقرير الرسمي ما أشار إليه التقرير الموازي بأن المفوضية تسلمت تقريراً من المركز الآسيوي لحقوق الإنسان قال فيه المركز إن المادة 5/ ب من دستور البحرين للعام 2002 تعطي الحقوق بالتساوي للمرأة والرجل في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولكن تعاني المرأة من تمييز في الحياة العامة وفي التوظيف، وتحصل النساء على رواتب أقل من الرجال في البحرين، إذ يتسلم الرجال في القطاع الحكومي ما معدله 63 ديناراً شهرياً أكثر من النساء ، وفي القطاع الخاص يتسلم الرجال 147 ديناراً شهرياً أكثر من النساء. كما قال المركز الآسيوي لحقوق الإنسان إن العمال المهاجرين ولاسيما خادمات المنازل يتعرضن لمعاملات سيئة، وتُفرض عليهم جميعاً شروط قاسية من دون تعويضات، بالإضافة إلى الإمساك بجوازات سفرهم وفرض قيود على تحركاتهم وعدم دفع رواتبهم بصورة مستمرة، وأحياناً تعريضهم للضرب والاعتداء الجنسي.

6- التقرير الرسمي جاء يتيما من أية أشارة للتمييز ضد المرأة في قانون الجنسية :
 
   أشار التقرير الموازي أن المفوضية تسلمت  من الهيئة الإسلامية لحقوق الإنسان مذكرة تقول إن قانون الجنسية البحريني للعام 1963 يميّـز ضد المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي، وهذا يتعارض مع المادة (9) من اتفاقية منع التمييز ضد المرأة الذي اعتمدته البحرين.
 
    ورغم وضوح التمييز ضد المرأة  في قانون الجنسية البحريني المعمول به منذ 16 سبتمبر 1963 والتعديلات التي أجريت عليه فان التقرير الرسمي جاء يتيما خاليا من أية إشارة لو بسيطة لمثل هذا التمييز رغم النشاط الواسع الذي قامت به الحملة الوطنية  حول حق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية وما قامت به من مؤتمرات إقليمية ، كما أنه جاء خاليا  من أية إشارة لجهود المجلس الأعلى للمرأة بهذا الصدد بل انه لم يتناول ما قام به جلالة الملك منح بعض من هؤلاء الجنسية ، ولم يشر من قريب أو بعيد للقرارات الحكومية التي صدرت للتخفيف عن معاناة أبناء البحرينيات المتزوجات من أجنبي ، لقد كان يتعين على التقرير الرسمي أن يشير إلي ذلك خاصة وأن هذا القانون قد انطوى على تمييز واضح.
 
   أن التمييز في قانون الجنسية جاء خلافا لإحكام الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية بما فيها تلك التي وافقت البحرين على الانضمام إليها. أبرزه حرمان أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي من الحصول على الجنسية البحرينية التي تكفل لهم إمكانية التمتع بحقوقهم الأساسية وقيامهم بالواجبات التي يقررها الدستور .
 
     فعلى الرغم من مرور أكثر من أربعين سنة على صدور هذا القانون تخللها صدور أول دستور للبلاد في عام 1973 ، وعلى الرغم من التعديلات التي أجريت عليه  في عامي 1981 ، 1989 ،وعلى الرغم من قيام الحكومة خلال الفصل التشريعي للمجلس الوطني المنصرم بتقديم مشروع قانون بتعديل بعض نصوصه ، إلا أن هذا القانون ظل يكرس التفرقة في اكتساب الجنسية ما بين أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي وأبناء الأب البحريني المتزوج من أجنبية ،  إذ وفقا لنص المادة ( 4 ) من القانون والمستبدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989 يتبين أن المشرع قد ميز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية فهو يقرر الجنسية لمن يولد لأب بحريني متزوج من أجنبية دون قيد أو شرط ، أما من يولد لأم بحرينية ولأب معلوم الجنسية فأنه لا يكتسب الجنسية إلا إذا كان أبوه مجهولا ، أو لم تثبت نسبته إليه قانونيا ، بل أن التعديلات التي تمت على هذه المادة بموجب المرسوم بقانون رقم  12 لسنة 1989  قد ألغت حالة حصول من يولد لأم بحرينية على الجنسية إذا كان أبوه لا جنسية له .
 
    أن ذلك ينافي مقتضيات العدالة في المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات ، ويخالف نص المادة 18 من الدستور ( الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) .
 
    ولا ينسجم مع المواثيق الدولية ، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( 1948 ) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( 1966 ) التي انضمت إليه البحرين بموجب القانون رقم (56) لسنة 2006 الصادر بتاريخ 12 أغسطس 2006   والذي يوجب تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بحماية القانون وبجميع الحقوق المدنية والسياسية دون تمييز  .
 
  ويتعارض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( 1979 ) ، والتي انضمت إليها البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002 ، المعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 6 مارس 2002 ، والتي أوضحت الطريق الذي يجب على الدول التي صدقت عليه أن تسلكه بهذا الشأن إذ نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من هذه الاتفاقية على أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
 
  كما لا ينسجم على الإطلاق مع ما تقضى به  المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل والتي صدقت عليها البحرين في 4 سبتمبر 1991  بموجب المرسوم رقم (16) لسنة 1991 بضرورة أن يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية ، ويكون له بقدر الإمكان الحق في معرفة والدية وتلقى رعايتهما وان تتكفل الدول الأطراف بإعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان ولاسيما حين يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك .
 
  وتجدر الإشارة هنا إلى أن التمييز ضد المرأة في قانون الجنسية يمتد لحكم المادة السابعة الفقرة الثالثة من القانون ، إذ على الرغم أن تعديل الحكومة لهذه المادة قد أستثنى  المرأة البحرينية  التي يتم إدخالها في جنسية زوجها الخليجي من فقد جنسيتها البحرينية أي أجاز لها هنا ازدواج الجنسية وهو أمر محمود ، إلا انه أبقى على أساس النص بفقد المرأة البحرينية التي تتزوج من أجنبي  لجنسيتها إذا أدخلت في جنسية زوجها ،  وهذا النص يتعارض بوضوح مع نص المادة 9 فقرة 1 من اتفاقية القضاء على كافة إشكال التمييز ضد المرأة والتي تقضي بضرورة أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب الجنسية أو الاحتفاظ بها أو تغييرها ، وأن لا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغير جنسية الزوج أثناء الزواج ، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنسية أو أن تفرض عليها جنسية الزوج .
 
   وجدير بالذكر هنا أن الحملة الوطنية  حول حق الجنسية لأبناء المرأة البحرينية قد تقدمت إلى مجلس النواب بمرئياتها حول مشروع الحكومة بتعديل قانون الجنسية البحريني أوضحت فيها استمرار مظاهر التمييز في تعديلات الحكومة وقدمت بدائل عنها ، وهذه المرئيات تصلح أن تكون مصدرا يتعين أن يركن إليها المفوض السامي في تقريره الموازي لإثبات أوجه التمييز في قانون الجنسية ضد المرأة والحلول الواجبة لإزالة مثل هذا التمييز .
 
7- يتجاهل التقرير استمرار حالات التعذيب وعدم وجود نص في التشريعات يمنع استخدامه :
 
   جاء في التقرير الموازي أن منظمة العفو الدولية عبّرت عن قلقها من عدم نص التشريعات البحرينية صراحة على منع استخدام التعذيب، وهو ما يعني أن تعريف التعذيب وأساليب الإهانة غير واضحة، كما عبّرت المنظمة عن قلقها بشأن قانون 56 للعام 2002 الذي يعطي عفواً شاملاً للمعذبين، وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة البحرينية بأن تعلن عن أن قانون 56 للعام 2002 لا يشمل الجرائم الخطيرة المتعلقة بالتعذيب لأن مثل هذه الجرائم غير قابلة للعفو (التعذيب)، وأيضاً أوصت منظمة العفو الدولية الحكومة البحرينية بأن تعدل تشريعاتها بحيث تمنع بشكل واضح وصريح استخدام كل أنواع التعذيب والإهانة وأن تعدل قانون 56 للعام 2002 لكي ترفع الحماية عن الذين مارسوا التعذيب. وقالت منظمة العفو الدولية إنه لا يوجد في البحرين حالياً قانون لتعويض ضحايا التعذيب واقترحت تشريع مثل هذا القانون في البحرين.
كما أشار التقرير الموازي بأن المركز الآسيوي لحقوق الإنسان قال إن قوات الأمن تواصل استخدام وسائل التعذيب، وتستخدم القوة المفرطة في حالات لا تستدعي حفظ الأمن والنظام، وقال المركز إن لديه حالات من الضحايا الذين تعرضوا للضرب من قبل قوات مكافحة الشغب وبعضهم أصيب بالرصاص المطاطي عن مسافات قريبة بعضها تبلغ 3 أمتار على رغم أن هؤلاء يمكن اعتقالهم بدلاً من إطلاق الرصاص المطاطي عليهم. وطالبت المنظمات الأهلية بأن تنفذ البحرين التوصيات التي صدرت عن لجنة منظمة التعذيب الصادرة عن البحرين في العام 2005 وإن السلطات البحرينية استمرت في ممارسة الاعتقالات العشوائية مخالفة بذلك المادة 19/ أ من دستور البحرين، ورصد المركز حالات طلاب صغار تم اعتقالهم عشوائياً في الفترة الأخيرة.
 
كيف تناول التقرير الرسمي موضوع التعذيب
 
     لم يشر التقرير الرسمي على الإطلاق  إلى المرسوم بقانون رقم  56 لسنة 2002 ، الذي ساوى بين الجلاد والضحية ، وأشتمل على تمييز واضح ضد  اللذين ناضلوا واستشهدوا ودخلوا السجون وتعرضوا لصنوف التعذيب من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية ، إذ جاءت أحكام المرسوم بقانون خلافا لإحكام الدستور والمواثيق الدولية ، وتجاهل التقرير الدعوات الكثيرة من قبل المؤسسات السياسية والحقوقية من أجل إلغاءه ، كان أخرها مؤتمر الإنصاف والعدالة الانتقالية ، الذي دعا إلي ضرورة وجود حل عادل ومنصف للضحايا والشهداء وإنشاء هيئة الحقيقة والمصالحة في البحرين، لم تستجب الحكومة لها رغم التقدم  لها بطلب إنشائها رسمياً  ( ويمكن الرجوع لوثائق هذا المؤتمر ومن بينها الورقة التي قدمها المنبر التقدمي بعنوان ما مدي دستورية  المرسوم  بقانون رقم  56 لسنة 2002  مرفق رقم (1 ) وهي تصلح للدليل على مدى تعسف الدولة في تفسيرها لمرسوم العفو الشامل رقم 10، وكيف أنه اشتمل على تمييز واضح لا يقره الدستور ولا المواثيق الدولية .
   أن كل ما أشار إليه تقرير حكومة البحرين بشأن التعذيب هو أن  ( مملكة البحرين قامت  بالتعليق على توصيات لجنة مناهضة التعذيب في الفقرات (هـ) و(م) و(س) من البند 7 من ملاحظات اللجنة الختامية بعد مناقشة تقريري المملكة الأولي والتكميلي ، وذلك فيما يتعلق بالنظام القانوني ومسألة وسائل الانتصاف والحق في تعويض عادل ومنصف وقابل للتنفيذ بالنسبة لضحايا التعذيب في الماضي، وإزالة القيود غير الملائمة على عمل المنظمات غير الحكومية، خاصة تلك التي تتعامل مع قضايا متصلة باتفاقية التعذيب، ومعلومات بشأن لجنة مقترحة لمنع الفساد ونشر الفضيلة. )
كما أشار تقرير مملكة البحرين ( إلى امتداح لجنة مناهضة التعذيب بعد مناقشتها التقريرين المذكورين في أكتوبر/ تشرين الأول 2004 الإجراءات التي اتخذتها البحرين مثل إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة الدولة، كما امتدحت سحب تحفظ البحرين على المادة 20 من الاتفاقية، واستضافة البحرين فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي العام .2001 وأكدت اللجنة إلى ان الادعاءات الخاصة بالتعذيب تعلقت بالفترة السابقة لعملية الإصلاح التي بدأت منذ العام .2001 ) .
  وكما أشار التقرير الرسمي في التعهدات طوعية بشان التعذيب إنه )على رغم من عدم وجود حالات تعذيب في المملكة إلا أن رغبة المملكة المستمرة في تطوير أداء العاملين في مجال إنقاذ القانون يدفعها لـ:
 
-         الترحيب بزيارة المقرر الخاص بمكافحة التعذيب التابع للمجلس.
-         ان تطلب من المفوضية السامية للأمم المتحدة المعاونة في ما تسعى له البحرين في تطوير وتدعيم المناهج التعليمية والدورات التدريبية ذات الصلة بحقوق الإنسان.)    
  
  كما ورد في التقرير إنه ( في ضوء إشكالات حدثت في الماضي كانت زيارة فريق عمل الأمم المتحدة حول الاحتجاز التعسفي في العام 2001 علامة مميزة للبحرين، حيث امتدح الفريق البحرين، لأنها أطلقت سراح جميع المحتجزين التي كانت شكواهم معروضة أمام الفريق، والتزام البحرين بعدم اتخاذ أي إجراء مقابل شكواهم ضد الحكومة، وتأكيد منظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان في عدد من تقاريرها بأنه منذ العام ,2001 لا يوجد في المملكة احتجاز تعسفي. وقدم الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي عدة توصيات، تمت الاستجابة لها بدرجات متفاوتة منها ) .
 
 أن ما يلفت الانتباه في التقرير الرسمي إنه فضلا عما أشرنا إليه سلفا من تجاهل لما أحدثه المرسوم بقانون 56 من شرخ في المشروع الإصلاحي ومن مفهوم العفو الشامل وتمييز ضد ضحايا الحقبة الماضية فهو يتجاهل إعادة استخدام وسائل التعذيب ولا يعترف  باستمراره  في البحرين ، الذي كشفت عنه أحداث ديسمبر 2007 ، وقد سجل المتهمون في الجلسة الثانية أمام المحكمة الكبرى الجزائية كيف استخدمت أجهزة الأمن مختلف وسائل التعذيب ضدهم بما فيها الاعتداء الجنسي أو التهديد به لحملهم على الاعتراف ولا ينال من صحة ما أفاد به المتهمون أمام المحكمة من تعرضهم للتعذيب ما ورد في التقرير الرسمي من قول بأن ( المسؤولين بوزارة الداخلية أكدوا  أن الشرطة لم تستخدم قوة مفرطة ضد الأفراد المشاركين في أعمال الشغب وأن الموقوفين أحيلوا للطب الشرعي الذي اثبت عدم تعرض أي منهم للتعذيب وأن الإجراءات الخاصة بهم تمت في إطار القانون ) ، ذلك أن الطب الشرعي تابع لوزارة الداخلية من المعتذر أن يأتي تقريره منصفا وحياديا ، فضلا أن إحالة المتهمين إلى الطب الشرعي جاءت متأخرة يجعل من أثر التعذيب قابلا للزوال ، وانه على الرغم من قرار المحكمة الإيجابي بإحالة المتهمين إلى لجنة طبية بناء على طلب هيئة الدفاع ، غير أن ذلك جاء هو أيضا متأخرا رغم أن أثار التعذيب مازالت باقية على بدن بعض المتهمين ، نأمل من أعضاء اللجنة الطبية  أن يحترموا القسم الذي أدوه أمام المحكمة وأن يأتي تقريرها منصفا وعادلا .
 
 كما يمكن أن نلاحظ في أن التقرير الرسمي ، على الرغم من أهمية مناقشة ظاهرة التعذيب باعتبارها ظاهرة تنال من السلامة البدنية والمعنوية للإنسان ، فإنه يتجاهل وضع الحلول والوسائل اللازمة للخروج منها ويتجاهل ما كانت تطالب به القوى السياسية والحقوقية في البحرين والهيئات الدولية من ضرورة إنصاف الضحايا وأسر الشهداء وإلغاء المرسوم بقانون رقم 56 ، مكتفيا فقط بالإشارة إلى ما قامت به بعض المنظمات الدولية من امتداح البحرين للإجراءات التي اتخذتها مثل إلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة الدولة، كما امتدحت سحب تحفظ البحرين على المادة 20 من الاتفاقية ، وهو امتداح في محله ، غير أن ذلك لا يكفي ، ولا يكفيه ما أشار إليه التقرير الرسمي من أن مملكة البحرين رحبت بزيارة المقرر الخاص بمكافحة التعذيب التابع للمجلس. وإنها تطلب من المفوضية السامية للأمم المتحدة المعاونة في ما تسعى له البحرين في تطوير وتدعيم المناهج التعليمية والدورات التدريبية ذات الصلة بحقوق الإنسان ، بل على مملكة البحرين أن تستجيب لما تطلبه منها المفوضية السامية للأمم المتحدة .
 ولا يشفع لمملكة البحرين ما جاء في تقريرها في بند وسائل الانتصاف الفعالة  من قول ( بأن النظام القانوني في البحرين على النحو السابق إليه  يتضمن سبل الانتصاف القضائية والإدارية وغيرها، ومع ذلك هناك حاجة لزيادة الوعي بوجود هذه السبل وآليات استخدامها (فهذا القول فضلا عن عموميته ويهدف للهروب من معالجة المشكلة  فأن النظام القانوني وسبل الانتصاف القضائية والإدارية لا تحتاج إلى تذكير ولا يحتاج لزيادة الوعي بها ، بل تحتاج إلى احترامها  وتفعيلها في الممارسة العملية .
 
8- يتجاهل التقرير القيود المنصوص عليها في قانون الجمعيات السياسية وفي العمل السياسي:
 
 أشتمل التقرير الموازي على ما قالته منظمة العفو الدولية إن البرلمان في 2005 أصدر قانوناً للجمعيات السياسية، وإن القانون فرض موافقة وزير العدل والشئون الإسلامية على تشكيل الجمعيات السياسية، وأعطى القانون الحق للوزير بأن يطلب من المحكمة إصدار قرارات لحل هذه الجمعيات أو تصفية أموالها، وقالت منظمة العفو الدولية إن مثل هذا القانون لا يرقى إلى الطموح لأنه يضايق على النشاط السياسي المتعارف عليها ودعت إلى إلغائه .
في حين أن كل ما أشار إليه التقرير الرسمي بشأن قانون الجمعيات السياسية هو أن ( أحدى الجمعيات السياسية أبدت ملاحظاتها بشأن القانون منها أن القانون يتشدد في الرقابة المالية ولحالات حلها أو وقف نشاطها ، وانه في هذا السياق كما جاء في هذا التقرير تجدر الإشارة إلى القانون يعتبر أن أموال الجمعية في حكم المال العام … وان القانون ينص على إنه لا يجوز حل الجمعية إلا وفق النظام الأساسي لها أو بحكم من المحكمة الكبرى المدنية ) .
 
   وقد تجاهل التقرير الحكومي الملاحظات الجوهرية التي أبدتها هذه الجمعية وجاء تعليقه عليها باهتا خجولا ومن ابرز هذه الملاحظات التي تجاهلها هذا التقرير الرسمي أن هذا القانون أشتمل على تعريف ناقص للتنظيم السياسي وعلى أسم يتعارض مع المضمون وانه يتجاهل حق التنظيم السياسي في إصدار الصحف بدون ترخيص   كما يتجاهل حق التنظيم السياسي في عقد  اجتماعاته دون تدخل من السلطة وينال من حرية التأسيس ويتوسع ويتعسف في حالات إيقاف نشاط التنظيم وحله و يقيد حرية اتصال التنظيم بالخارج كما إنه .
  أشتمل وهو يعيننا في هذا المحور على تمييز واضح حين حرم فئة الشباب من الانضمام للتنظيم السياسي.
 
( لمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى الورقة التي تقدم بها المنبر التقدمي في مؤتمر الحوار الوطني – 26 يناير 2006 حول مدى حُرية التنظيم السياسي في قانون الجمعيات السياسية رقم (26 ) لسنة 2005 !! )
 وهي ورقة تصلح أن تكون أحد الشواهد على كيف نال هذا القانون من حق التنظيم السياسي، وكيف خالف الدستور والمواثيق الدولية، ويمكن تقدميها للمفوض السامي كدليل يشتمل عليه تقريره.
   غير أن الملاحظة التي تجدر الإشارة إليها هي أن انتقادانا لهذا القانون لا تجعلنا ندعو إلى إلغاءه كما ورد في دعوة منظمة العفو الدولية ، أو كما ورد في التقرير المتوازي ، بل تعديله على نحو يستجيب للملاحظات التي اشتملت عليها الورقة المشار إليها أو تلك التي أبدتها الجمعيات السياسية في البحرين
.  

9-يتجاهل التقرير أن قانون مكافحة الإرهاب يعتدي وينال من حقوق الإنسان :
 
   ورد في التقرير الموازي إن منظمة فرونت لاين قالت إن قانون مكافحة الإرهاب يفسح المجال للتضييق على حرية التجمعات، وإن هذا القانون الذي صدر في 2006 انتقدته منظمات المجتمع المدني التي تقلق من أن مواده ستوظف لمطاردتها تحت حجة مكافحة الإرهاب، ذلك أن المادة الأولى من هذا القانون تعطي تفسيرات مطاطية وغامضة لمنع العمل الإرهابي إذ يمكن تحت هذه المادة اعتبار الناشطين في مجال حقوق الإنسان إرهابيين، ودعت الحكومة إلى إلغائه.
 
وقالت هيومن رايتس ووتش إن البحرين يتوجب عليها أن تعتمد توصيات مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، وأن تعدل قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2006 بحسب توصيات مقرر الأمم المتحدة، ولاسيما فيما يتعلق باحتجاز المتهمين من دون تهمة أو من دون مراجعة قضائية، وأن تراجع مواد قانون مكافحة الإرهاب وما يتناسب مع الضوابط الدولية.
 
في حين أن كل ما أشار إليه  التقرير الرسمي هو( أن قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية طرح من الحكومة على مجلسي الشورى والنواب ،  في إطار التزاماتها الدولية بمكافحة الإرهاب وحرصا على حماية المجتمع .)
 
 وأشار هذا التقرير بخجل إلى أن  بعض المنظمات الأهلية الوطنية والدولية انتقدت  مشروع القانون باعتبار أن بعض نصوصه تفتح أبوابا للانتقاص من حقوق الإنسان وطلبت إعادة النظر فيه، إلا أن مجلسي الشورى والنواب أقرا القانون في يوليو/ تموز .2006 وأكدت الحكومة أنها ستلتزم في تطبيق القانون بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
 
10- يتجاهل القيود التي نص عليها قانون التجمعات والمسيرات على حريةالتجمع السلمي :
 
    ورد في التقرير الموازي المعد من المفوضية السامية بأن  القانون التجمعات البحريني يمنع التجمعات غير المرخص بها لخمس أفراد وأكثر وينص على أن وزارة الداخلية يجب أن تسمح لأي تجمع قبل حدوثه بأربع وعشرين ساعة، وقالت منظمة فرونت لاين إن قانون التجمعات الذي صدر في 20 يوليو 2006 ضاعف التضييق على حرية التجمع، وقالت منظمة العفو الدولية إن تعريف التجمع في القانون يعد مطاطياً، ويمكن تطبيقه على أية مجموعة تقرر وزارة الداخلية أنها تمثل تجمعاً، كما أن الفقرة العاشرة من القانون تمنع المظاهرات من أجل أغراض انتخابية، والمظاهرات في المواقع العامة التي تعتبرها الحكومة حساسة ممنوعة أيضاً، وأن أية مظاهرة يجب ترخيصها من الأمن العام على الأقل 3 أيام قبل حدوثها، وألا يتعرض القائمون عليها بالسجن 6 أشهر والغرامة 100 دينار. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن هذا القانون يفسح المجال لمنع حرية التعبير ويحتاج إلى ضبطه بحسب متطلبات المادة 21 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي اعتمدته البحرين.

 كما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه في العامين 2006 و 2007 منعت الحكومة البحرينية عدة اجتماعات تحت طائلة قانون التجمعات، كما قالت اللجنة الوطنية للدفاع عن ضحايا التعذيب إنه خلال السنوات الأربع اعتقل مواطنون اتهموا بأنهم تجمعوا بطريقة غير مرخصة، وأن هؤلاء مواطنون قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب والمعاملة السيئة وللتحقيق والاحتجاز لمدة طويلة وأن بعضهم تمت محاكمته، وفي المحاكمات التي جرت ثبتت براءة أكثر المتهمين من استخدام العنف ولكنهم اتهموا بعضويتهم في تجمعات غير مرخصة، وقد أفرج عن أكثرهم بعفو ملكي على فترات متلاحقة، وقالت المنظمات الأهلية إن المحتجزين لا يحصلون على حقهم في الاتصال بالمحامي أثناء فترات التحقيق وقبل عرضهم على المحكمة كما أن الداخلية لم تحقق ولم تحاكم أي شخص بتهمة انتهاكات المحتجزين.. قالت هذه المنظمة – هيومن رايتس ووتش-  إنه في 15 سبتمبر 2006 منعت الشرطة منظمة غير حكومية من عقد اجتماع لها تطالب فيه بدستور جديد بحجة أن المجموعة لم تحصل على ترخيص من وزارة الداخلية، وفي 22 سبتمبر عندما حاولت المجموعة أن تجتمع مرة أخرى استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي ومسيلات الدموع لتفريقهم، وفي 20 مايو 2007 استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لتفريق تجمع شارك فيه رموز من المعارضة بالإضافة إلى أعضاء من البرلمان، وجرح خلالها رئيس جمعية وعد. وفي الليلة اللاحقة حدثت واقعة أخرى عندما قامت قوات مكافحة الشغب بقمع مظاهرة واعتقال شخصين كانا يحتجان على ما حدث في 20 مايو، وقامت الشرطة بضرب الشخصين وألحقت بهما جروحاً بليغة. واعتقلت السلطات أحدهما لأكثر من أسبوع في مكان مجهول ومنعت عائلته من التعرف على ما كان يجري له.
 
وقالت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمات الأهلية إن احتجاجات سلمية ضد جدار عزل المالكية انتهت إلى استخدام قوات مكافحة الشغب للقوة المفرطة.
 
 
  رأي التقرير الرسمي في حرية التجمع وفي قانون التجمعات :
 
  ورد في التقرير الرسمي أن أصوات معارضة انتقدت مشروع القانون بتعديل القانون رقم 18 لعام 1973 والخاص بالاجتماعات والمسيرات، والذي طرحته الحكومة على السلطة التشريعية، إلا إن مجلسي الشورى والنواب قد أقرا مشروع القانون.
  وتم تنظيم عدد 206 بين مسيرة وتجمع غير مخطر عنها في العام ,2005 وفي العام 2006 تم تنظيم 222 بين مسيرة وتجمع ، منها 100 عدد  تم إخطار وزارة الداخلية عنها وعدد 122 لم يتم الإخطار عنها، وفي العام 2007 تم تنظيم عدد 324 بين مسيرة وتجمع، منها 104 تم الإخطار عنها وعدد 220 لم يتم الإخطار عنها.
   وذكر التقرير الرسمي أنه لم يتم إيقاف أو منع أغلبية المسيرات والتجمعات غير المرخص لها.
وقال التقرير انه قد وقعت أحداث شغب في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2007 في إطار تجمعات ومسيرات غير مرخص بها طبقا للقانون، وقد أشارت بعض الجمعيات الأهلية وبعض أعضاء مجلس النواب إلى ان الشرطة استخدمت القوة المفرطة في معالجة هذه الأحداث وادعاء البعض بتعرض الموقوفين إلى التعذيب، وقد قام وزير الداخلية بشرح الموقف أمام مجلس النواب في 15 يناير/ كانون الثاني 2008 ردا على سؤال لأحد أعضاء المجلس بشأن الضمانات اللازمة لرعاية حقوق الإنسان، والتأكد من عدم تجاوز القوانين والأنظمة المرعية من قبل رجال الشرطة، حيث اتسمت ردود وزير الداخلية بالشفافية والمصارحة التامة وعرض كافة الحقائق أمام مجلس النواب، هذا وقد أكد وزير الداخلية ان الخط العام في وزارة الداخلية يقوم على أساس احترام حقوق الإنسان. كما أكد المسؤولون بوزارة الداخلية إلى ان الشرطة لم تستخدم قوة مفرطة ضد الأفراد المشاركين في أعمال الشغب وأن الموقوفين أحيلوا للطب الشرعي الذي اثبت عدم تعرض أي منهم للتعذيب وأن الإجراءات الخاصة بهم تمت في إطار القانون.
 أن البين مما سطره التقرير الرسمي بهذا الصدد هو مجرد تعداد للمسيرات المرخص بها وغير المرخص بها ،  حاسما ومكتفيا بالقول أن قانون التجمعات قد أقره مجلسي الشورى والتواب ، وملاحظاتنا على هذا الرأي هو أن وإن تم إقرار هذا القانون من السلطة التشريعية فأن ذلك لا يحول دون تعداد القيود التي أشتمل عليها ونالت من حرية التجمع والتي سجلتها القوى السياسية والحقوقية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، لعل أبرزها ما قدمه المنبر التقدمي في ملاحظاته على هذا القانون والموجه إلي المجلسين منها :
 
1- عيب في الشكل والموضوع
 
اشتمل تعديل الحكومة على إضافة البند ب من المادة الثانية إلى  القانون  والذي ينص على انه  إذا وقع في الاجتماع أو في المسيرة التي تم الإخطار عنها إخلال بالأمن ، أو بالنظام العام ، أو حصل إضرار بالغير أو بالأموال العامة والخاصة ، يتحمل المتسببون  في الإضرار المسئولية المدنية والجنائية وتكون هذه المسئولية تضامنية بين منظمو الاجتماع والمتسببين في الإضرار  إذا تم الاجتماع أو المسيرة دون إخطار . وهي في رأينا إضافة غير موفقة من حيث الشكل والموضوع  و لا داعي للنص عليها على الإطلاق  .
 
 فمن حيث الشكل وعلى افتراض صحة الموضوع وهو غير صحيح  ، فأن هذا التعديل اشتمل على مفردة المسيرة ، وأحكام المسيرة  قد افرد  لها الفصل الثاني من القانون الخاص( بالمظاهرات ) ومن ثم فأنه لا يجوز من حيث الشكل  أن تتضمن المادة الثانية التي تأتي ضمن الفصل الأول الخاص  ( بالاجتماعات العامة ) مفردة المسيرة ، وطالما ان المادة (9) نصت على سريان أحكام المادة (2) على المسيرات .
 
  ومن حيث الموضوع فان المسئولية المدنية فقد حددها القانون المدني في الفصل المتعلق بالفعل الضرر ونص بوضوح على ان ( كل من سبب ضررا للغير يلزم بتعويضه ) ، والمسئولية الجنائية فقد حددها قانون العقوبات ، بل ويحددها قانون التجمعات نفسه حين نص على الأفعال الجنائية وحدد لها العقاب في المادة  13 منه .
 
 
 2- رئيس الأمن العام يمنع التجمع السلمي قبل عقده
 
   يفقد النص على إقامة التجمع السلمي بالإخطار دون موافقة مسبقة أهميته حين نرى بان التعديلات الحكومية قد أبقت على الفقرة الأولى من المادة (4) والتي تقضي بحق رئيس الأمن العام ان يمنع اجتماعا عاما تم الإخطار عنه – وهو ما ينطبق على التجمع والمسيرة والمظاهرة – إذا كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام ، أو حسن الآداب ، أو بسبب الغاية منه ، أو بسبب ظروف الزمان والمكان الملابسة له أو لأي سبب خطير غير ذلك .
 
    ويتضح من النص المدى الواسع التي يجوز فيه  لرئيس الأمن  العام منع اي تجمع سلمي قبل إقامته وان تم الإخطار عنه ، وهو ما يعنى ان الحق في إقامة التجمع السلمي دون موافقة مسبقة لا قيمة له،  فاقد المحتوى ، إذ  يستطيع رئيس الأمن العام وفقا لهذا النص ان يقرر مثلا  بان التجمع مخلا بالأمن قبل إقامته ، ويفتح الباب له واسعا لاستخدام حالات المنع المنصوص عليها حسب تفسيره و رأيه ومزاجه ، خاصة وان النص لا يشتمل على تحديد واضح للمقصود بالأمن  أو النظام العام ، ويحتوي على مفردات تتصف بالضبابية والغموض و تحتمل اكثر من تفسير وتأويل . كظرف الزمان والمكان ، والسبب الخطير .
 
   ان هذا النص ، نص المادة 4 وأن أجاز  في الفقرة الثانية منه لمنظمي الاجتماع الطعن في قرار المنع امام المحكمة المختصة ، في خطوة متقدمة عما كان عليه النص الأصلي الذي كان يجيز التظلم من أمر المنع إلى رئيس الوزراء ،  إلا إن الحالات الواسعة التي أجازها النص لرئيس الأمن العام لمنع التجمع قبل عقده  يشكل انتهاكا صارخا للحقوق والحريات والضمانات التى حرص دستور 2002 على تأكيدها ، ويشكل خروجا عن ان الأصل فى حق التجمع السلمي هو الإباحة إذ لا يتطلب للقيام به موافقة مسبقة من الجهة المختصة ، وقد نص الدستور على إباحتها ، وللخروج عن هذا الأصل يقتضي النص الصريح عليه فى الدستور، وهو ما لم يفعله المشرع الدستوري ، لذلك فأن أي اشتراط ينص عليه  القانون ، بأية طريقة وتحت أية ذريعة يقضى بضرورة موافقة السلطة التنفيذية على الاجتماع قبل عقده ، أو على المظاهرة قبل إقامتها يعد اعتداء على حرية الأفراد فى التجمع السلمي ويكون مشوبا بعدم الدستورية .
 
3- رئيس الأمن العام  يحدد مفهوم الاجتماع العام
 
     لم يكتف مشرع التعديلات الحكومية لقانون التجمعات بإعطاء رئيس الأمن العام سلطة منع التجمع السلمي قبل عقده  في حالات واسعة كما أسلفنا ، بل أعطاه أيضا سلطة واسعة في تحديد مفهوم الاجتماع العام  ، فالمشرع رغم انه ألغى الفقرة الثانية من نص المادة (8) من القانون والمتعلقة بالاجتماعات الانتخابية ، إلا أنه أبقى على الفقرة الأولى التى تحدد مفهوم الاجتماع العام بتعريف ينال وينتقص من هذا المفهوم ويفرغه من مضمونه إذ أصبحت المادة 8  تنص بعد تعديل طفيف عليها لم يغير من مضمونها على انه  يعتبر من الاجتماعات العامة في تطبيق أحكام هذا القانون كل اجتماع يعقد فى مكان عام أو خاص ، يدخله أشخاص لم توجه إليهم دعوة شخصية ، كما تجيز هذه المادة لرئيس الأمن العام في حالات واسعة لا حد لها اعتبار الاجتماع ، اجتماعاً عاما  :
بسبب موضوع الاجتماع .
أو بسبب عدد الدعوات الموجهة لحضوره ، أو بسبب طريقة توزيعها .
أو بسبب أي ظرف آخر لا يعد اجتماعا خاصاً.
وفى هذه الحالات على رئيس الأمن العام ان يخطر الداعي إلى الاجتماع أو المنظم له بتنفيذ الواجبات التى يفرضها القانون .
 
      معنى ذلك ان لرئيس الآمن العام بموجب هذا النص سلطة تقديرية لما يعتبر من الاجتماعات العامة إذ يمكنه ان يجعل من كل اجتماع خاص اجتماعا عاما تنطبق علية أحكام هذا القانون وتحت مبررات عامة  غامضة وضبابية فما هو المقصود مثلا  ( بسبب أي ظرف آخر ) ، وبهذا النص نكاد لا نجد معنى للاجتماع الخاص ويفقد الاجتماع العام قيمته ، طالما أن لرئيس الأمن العام مكنه اعتبار الاجتماع  اجتماعا عاما في الحالات الثلاث المشار إليها .
 
   ولا  يكتفي المشرع الحكومي بذلك بل يمد في الفقرة الأخيرة من نص المادة (3)  سلطة رئيس الأمن العام إلى تغيير زمان ومكان الاجتماع تحت مبرر واسع غير محدد هو السبب الجدي .
 
  وقد أبت التعديلات الحكومية ان تنسى المحافظ فأضافت للقانون المادة 11 مكرر التي تجيز للمحافظ  ان يحدد عددا من الأماكن  العامة بمحافظته لعقد الاجتماعات العامة أو التجمعات أو لتنظيم المسيرات والمظاهرات المخطر عنها ،  ويعد ذلك  تدخل لا مبرر له ، ينال دون شك من جوهر الحق في التجمع السلمي  .
 
    وتجدر الإشارة هنا إلى ان قانون الاجتماعات العامة الأردني رقم ( 45 ) لسنة 2004 قد عرف الاجتماع بأنه  ( الاجتماع الذي يتم عقدة لبحث أمر ذي طابع عام ) .
 
      كما عرفه القانون الفلسطيني رقم (12)  لسنة 1998على انه  ( كل اجتماع عام دعي إليه خمسون شخصا على الأقل فى مكان عام مكشوف ويشمل ذلك الساحات العامة والميادين ، والملاعب ، والمتنزهات وما شابه ذلك ) .
 
      ويعتبر القانون القطري رقم (18 ) لسنة 2004 الاجتماع العام على انه ( كل اجتماع يشارك فيه أو يتوقع ان يشارك فيه اكثر من عشرين شخصا أو تكون المشاركة فيه دون دعوة خاصة ويعقد فى مكان خاص أو عام غير الطرق والميادين العامة وذلك لمناقشة موضوع أو موضوعات عامة ) .
 
 ويعرف الاقتراح البديل الذي توافقت عليه الجمعيات السياسية في المادة الثانية بأنه ( .. كل اجتماع يعقد في مكان عام مكشوف ، يحضره ما لا يقل عن خمسين شخصا ، لمناقشة موضوع أو موضوعات عامة  
 
4- لا مكان لإقامة التجمع السلمي 
 
إذا كان النص كما رأينا يعطى لرئيس الأمن العام  الحق في ان يتدخل في تحديد مكان الاجتماع  وفي رسم خط المسيرة والمظاهرة، ويجيز للمحافظ ان يحدد في محافظته عدد من الأماكن لإقامتها ، وإذا كان نص المادة (11) لا تجيز تنظيم المظاهرات أو المسيرات أو التجمعات التي تقام أو تسير بالقرب من المستشفيات أو المطارات أو المجمعات التجارية أو مقار البعثات الدبلوماسية  والمنظمات الدولية أو في الشوارع الرئيسية ، أو الأماكن المحظورة أمنيا ، فإذا كان كل ذلك فأين يقام التجمع السلمي إذن ؟ وماذا تبقى من أماكن يمكن لمنظميه ان يختاروها ؟  إذ ليس أمام الحكومة سوى ان دفن مزيدا من البحر وتلزم من يريد عقد تجمعا سلميا بضريبة استخدامه !!! ، وإذا كنا نتفهم ان لا يقام  التجمع السلمي بالقرب من المستشفيات ، فإننا لا نستطيع القبول بعدم جواز إقامته بالقرب من المنظمات الدولية أو في الشوارع الرئيسية  .
      
11- التقرير الرسمي لا يتحدث عن أزمة السكن:

   أورد التقرير الموازي بأن حركة حق قالت إن البحرين تواجه أزمة إسكانية حادة بسبب الفساد وانعدام العدالة في توزيع الثروة وإن مسئولاً في وزارة الإسكان صرح بأن 90 في المئة من أراضي البحرين أصبحت خاصة
 
 كما أشار التقرير إلى أن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان قالت إن هناك 55 ألف مواطن بحريني ينتظرون وحدات إسكانية أو قروضاً إسكانية، وإن هذا العدد يتزايد بسبب التأخير الحاصل في هذه الخدمة وأن البحرين تعاني من أزمة سكن كبيرة.
 
 وعلى الرغم من حجم أزمة السكن في البحرين على النحو الذي أشار إليه التقرير الموازي ، وعلى الرغم أن حق السكن من أهم حقوق الإنسان إلا أن تقرير الحكومي يتجاهل هذا الحق ، وان كلما أشار إليه قد جاء حين تحدث عن غلاء المعيشة بصورة منقولة عن عدد من الجمعيات إذ ورد  ما يلي ( فقد طالب عدد من الجمعيات …. بالعمل على حل مشكلة الإسكان التي تشكل هاجسا لدى الشريحة الأكبر من فئات الشعب ) . هكذا يختزل التقرير الرسمي مشكلة السكن في هذه الأسطر وكان عليه أن يقر بهذه المشكلة وأن يقترح الحلول لمعالجتها .
 
   ويمكن الإشارة بهذا الصدد إلى أنه على الرغم من ملاحظاتنا على البند و من نص المادة (9) الدستور  الذي يقضى بأن الدولة ( تعمل على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين.) من حيث إنه لا يتضمن الصفة الإلزامية للدولة بتوفير السكن ، غير التطبيق العملي لهذا النص انطوى على تمييز واضح تمثل في توزيع الوحدات السكنية على مواطنين ومتجنسين لا يمكن اعتبارهم من ذوي الدخل المحدود ويملكون مساكن أخرى ، ولم تلتزم وزارة الإسكان بنظام أسبقية من هم على قائمة الانتظار ، وقامت بمنح السكن لبعض الأفراد بناء على طلب هذا الوزير أو ذاك متجاوزه طلبات المواطنين التي مر عليها زمن طويل ، وهو من الأسباب الرئيسة لاستفحال أزمة السكن في البحرين .
 
  خاتمــــــــة :


ستكون لهذا البحث صلة إذ لم يسعفنا الوقت من تناول كل ما أشار إليه التقريرين من قضايا هامة تتعلق بحقوق الإنسان وبالتمييز في التشريعات ، ومع ذلك نشير إلى إننا نتفق مع ما جاء في ورقة زميلي الأستاذ سامي ونؤيد ما أورده من توصيات مع إضافة بعض التوصيات الأخرى إليها خلال الحوار والمناقشة .