المنشور

في مجد امرأتين

في العام الماضي فقدت الحركة النسائية العالمية امرأتين متميزتين في نضالهما على مدى نصف قرن من الزمان هما نزيهة الدليمي المناضلة العراقية، وفيلما آسبين الناشطة النسائية الكوبية التقدمية المناهضة للعنف والتمييز ضد المرأة، والتي توقف قلبها عن الخفقان في 19 يونيو/ حزيران الماضي عن عمر ناهز 77 عاما، وانخرطت في بناء الوطن والدفاع عن الثورة وتولت تأسيس اتحاد النساء الكوبيات، والتي وحدت النساء الكوبيات لقضية الثورة والعمل على تحقيق المساواة بين جميع شرائح المجتمع. كما فقدت الحركة النسائية مناضلة يشار إليها بالبنان على تضحياتها وانغماسها في العمل الوطني عموما والعمل النسوي خصوصا وهي المناضلة العنيدة نزيهة الدليمي البغدادية المنشأ والمولودة في 1923 وكانت من أوائل البنات المنتسبات لكلية الطب، وفي الكلية تأثرت نزيهة بزميلاتها وزملائها المتنورين المنشغلين بهموم الوطن، وانضمت للجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1948 انخرطت في النضال ضد معاهدة بورتسموث الاستعمارية، وبعد تخرجها من كلية الطب عينت في المستشفى الملكي ببغداد ثم نقلت إلى مستشفى الكرخ، وقد تعرضت أثناء ذلك للملاحقة والتحقيقات الجنائية في العهد الملكي آنذاك. في العام 1952 تم إشهار (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية) وقد ترأست المناضلة نزيهة الدليمي هذه المنظمة لفترة وجيزة وبمشاركتها الفعالة تطورت الرابطة في السنوات التالية وتحولت إلى منظمة جماهيرية بلغ عدد أعضائها 42 ألفاً، وفي العام 1958 عينت وزيرة للبلديات في عهد عبدالكريم قاسم. ومن انجازاتها في هذه المرحلة، إصدار قانون عصري للأحوال الشخصية العام ,1959 وتقديراً لمساهمات الرابطة ودفاعها عن المرأة وحقوقها أصبحت عضواً دائماً في سكرتارية الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، وانتخبت نزيهة الدليمي عضواً في مجلس الاتحاد ثم في مكتبه التنفيذي، ومن ثم انتخبت نائبة لرئيس الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، إلى جانب إسهامها بشكل فاعل في حركة السلم العراقية وكانت عضواً في اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنصار السلام وفيما بعد أصبحت عضواً في مجلس السلم العالمي. وتعرضت نزيهة الدليمي على مدى العهود المختلفة بسبب نشاطها السياسي والاجتماعي في الحركة الوطنية إلى الكثير من الملاحقات والاضطهاد مما اضطرها إلى ترك البلاد واللجوء إلى الخارج مرات عديدة، ولكن ذلك لم يمنعها من مواصلة النضال مع أخواتها في الحركة النسوية في سبيل الحقوق المشروعة الوطنية والنسوية وكانت آخر فعالية مهمة شاركت فيها هي الندوة التي عقدت في مدينة كولون الألمانية في 1999 حول أوضاع المرأة العراقية، وفي أواسط ,2002 أثناء انخراطها في التحضير للمؤتمر الخامس لرابطة المرأة العراقية الذي كان مزمعاً عقده في حينها أصيبت الدكتورة نزيهة قبل موعد المؤتمر بجلطة أقعدتها تماما عن العمل، وفي يوم الثلثاء 9 أكتوبر/ تشرين الثاني توفيت في مستشفى بمدينة هيرديكن الألمانية عن عمر ناهز 84 سنة.

صحيفة الوقت
19 مارس 2008