المنشور

ملاحظات على انتقادات مجلس التنمية الاقتصادية

حددت انتقادات رئيس مجلس التنمية الاقتصادية وهي المنشورة في الصحافة المحلية بتاريخ 15 يناير 2008 جوانب معينة في الوضع الاقتصادي غير مقبولة ، نظراً لعدم حصول مشروع الإصلاح الاقتصادي على (صدى لدى بعض المسئولين الحكوميين الأمر الذي أدى إلى تحقيق صعوبات جمة في تنفيذ مشروع الإصلاح) ، وحول تعبيرات (لم تجد “صدى” لدى بعض المسئولين) وضحت المناقشات المنشورة بعض المقصود بهذا التعبير : كان مشروع المخطط الاستراتيجي الهيكلي الوطني لمملكة البحرين والذي تم البدء به من قبل هيئة الإسكان والأعمار لوضع الخطة الشاملة لاستخدامات الأراضي بالمملكة ، وتسلمت إحدى الشركات ((الأمريكية)) هذه المهمة وسلمت تقريرها في منتصف 2007 واختفت معالم المشروع بعد وصوله إلى الجهات الرسمية ولم يُطرح إلى النقاش بشكل وافٍ لحد الآن (من تقرير جريدة الوسط بذات التاريخ من ((محرر الشئون المحلية ؟)) . ومنذ مايو 2005 صار لمجلس التنمية الاقتصادية صفة الدور (التنسيقي) بأن (تكون قراراته ملزمة للوزارات والمؤسسات والجهات الإدارية ، وتضمن ذلك اختيار رؤساء الشركات المملوكة للحكومة ، وتلك التي تساهم فيها الدولة بأغلبية رأس المال وترشيح ممثلي الحكومة في الشركات التي تقل فيها المساهمة عن تلك النسبة وذلك بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء). في منتصف 2006 نظم مجلس التنمية الاقتصادية بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة عدداً من ورش العمل التدريبية لموظفي مركز البحرين للمستثمرين وذلك بهدف (تطوير وتسهيل إجراءات تأسيس المشروعات الاستثمارية في المملكة). إذ تم تقليص عدد التراخيص والموافقات الرسمية بما يزيد عن الثلث كما تم تحديد الفترات الزمنية المتعلقة بانجاز معاملات التسجيل والترخيص وخفض كلفة بدء الأعمال التجارية بالإضافة إلى إصدار دليل شامل للاستثمار يضم كل القواعد والمتطلبات المتعلقة ببدء الأعمال الاستثمارية بشفافية تامة) ، نفس المصدر. وفي يونيو 2007 أعلن مجلس التنمية عن بدء المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب خلال سنتي تأسيسه الأوليين 15 مليون دينار بإنشاء كلية تقنية ووحدتين لمراجعة جودة التعليم الجامعي ومراجعة المدارس وتطوير التعليم المهني والفني للمرحلة الثانوية وتطوير المعلمين. وفي هذا المسار حددَ المجلسُ ((إنجازاته)) ب (استضافة الفورمولا1)، و(تحرير قطاع الاتصالات بالكامل) وإصدار قانون الخصخصة وإبرام اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتولى مجلس التنمية(اجتذاب الاستثمارات إلى البحرين ، وركز على ستة قطاعات اقتصادية مستهدفة تتيح فرصاً كبيرة وتضمن لنمو اقتصادي طويل الأمد في النتاج المحلي هي الخدمات المالية ، والصناعات التحويلية ، والسياحة ، والخدمات التجارية ، والمساندة اللوجستية ، والصحة ، والتعليم والتدريب). ولا توضح البياناتُ المقدمة هنا عن الوكلاء والمستثمرين المحليين الذين يتولون العلاقات مع هذه الشركات المدعوة للاستثمار ، كما لم يوضحْ طبيعة المخطط الاستراتيجي للأراضي ولكن الواضح هو عمله لخلق قنوات لاستثمارات واسعة تقل أمامها الموانع البيروقراطية الحكومية الموجودة لدى مجلس الوزراء ، ولكن مجلس التنمية الاقتصادية مكون من مسئولين حكوميين ومن وزراء متنفذين في مجلس الوزراء نفسه ! وتلعبُ في هذه الاستثمارات الجديدة الجهات الأمريكية دوراً كبيراً بحكم إشراف شركة أمريكية على المخطط الاقتصادي وبحكم اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة دون غيرها. والواضح أن الخلاف بين كبار المسئولين الجدد والقدامى يتركز على عدم سماح المسئولين القدامى من الطاقم القديم المكوش على الشركات العامة الكبرى وغير ذلك من مصادر الهيمنة الاقتصادية ، وقيام هذا القسم من الحكومة بوضع العراقيل لطاقم مجلس التنمية الاقتصادية الذي يريد نصيباً من إدارة الشركات الحكومية ومن الأراضي خاصة المدفونة والمتعلقة بإقامة الجسور الكبرى ، جسر قطر – البحرين خاصة ، والفشوت والأراضي البحرية المدفونة عموماً. وكما هي تكتيكات كسب الشعبية من قبل الطاقم الجديد في العمل السياسي : برلمان محدود الصلاحية وطائفي ، ويمنع تقدم القوى الوطنية والتقدمية لمقدمة المسرح السياسي ، ويقدم بعض الفتات للشعب والكثير من المال للانتهازيين والمتسلقين ، كذلك يجري في مشروع مجلس التنمية الاقتصادية ، أي في الشق الاقتصادي من المشروع ، تقدم الطاقم الجديد في السلطة للسيطرة على الموارد الاقتصادية الأساسية وهي سبب هذا الصراع برفع لافتات الوطنية وتقدم العمالة الوطنية وتدريبها الخ، ولكن الأرقام في هذه الجوانب كذلك هزيلة ، لكون نفس الطاقم الجديد يخشى من تقدم العمال الوطنيين للسيادة على القاعدة العمالية وزحزحة العمالة الأجنبية وهي أمور لها تأثيراتها على أرباح المشروعات وتصعيد القوى الوطنية لصدارة المسرح السياسي والفوز في الانتخابات ، أي كل ما يمكن أن تخشاه مستقبلاً من التوحد الوطني البحريني وهي المتسفيدة من الصراع الطائفي ، ولهذا فالقيادة الجديدة تنشر بعض الشعارات البراقة مثلما تفعل القيادة القديمة، وكلٌ يتمسك بمصالحه ومواقعه في معركة السلطة والنفوذ الاقتصادي ، وتزايد القيادة القديمة على الشعارات وتتقدم الصفوف وتضرب صدرها حالفة الدفاع عن القرارات العليا السامية ثم تأكلها شيئاً فشيئاً ، وربما تقدم بعض المواقع للقيادة الجديدة لتصل العملية إلى مساومات واتفاقات على لحم البلد وعظامه الأخيرة.
 
خاص بالتقدمي