المنشور

انتفاضة مارس‮٥٦٩١‬


بدعوة كريمة من الإخوة في‮ ‬جمعية الوسط العربي‮ ‬الإسلامي،‮ ‬شاركت والأستاذ إبراهيم كمال الدين نائب الأمين العام لجمعية العمل الوطني‮‬الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬ندوة حول انتفاضة مارس ‮٥٦٩١.‬ أتاحت تلك الندوة فرصة لبسط بعض الأفكار حول الأهمية الكبرى التي‮ ‬ترتديها هذه الانتفاضة في‮ ‬التاريخ النضالي‮ ‬لشعبنا،‮ ‬من حيث كونها حملت في‮ ‬مضمونها وتوجهاتها البُعدين الوطني‮ ‬والاجتماعي‮. ‬ فهي‮ ‬من جهة انتفاضة وجهت ضد الحماية البريطانية على وطننا،‮ ‬ومصادرة الإرادة الوطنية المستقلة لشعبنا،‮ ‬وإحكام قبضة المستعمر البريطاني‮ ‬على مقدرات البلاد،‮ ‬وهي‮ ‬من الجهة الأخرى حملت بُعدا اجتماعيا‮ – ‬طبقيا كونها عبرت عن احتجاج الطبقة العاملة البحرينية،‮ ‬خاصة في‮ ‬شركة النفط،‮ ‬ومجمل الجماهير الكادحة على أوجه الاستغلال الذي‮ ‬كانت الشركات الاحتكارية تمارسه ضدها‮.‬ في‮ ‬أحد جوانبها الرئيسية بدت انتفاضة مارس تجسيداً‮ ‬للمنجز الرئيسي‮ ‬الذي‮ ‬استطاعت حركة هيئة الاتحاد الوطني‮ ‬إحرازه،‮ ‬وهو وأد الفتنة الطائفية التي‮ ‬أطلت برأسها في‮ ‬الخمسينات،‮ ‬وتوحيد جهود الشعب تحت قيادة رموزه الوطنية من قادة الهيئة،‮ ‬سنة وشيعة،‮ ‬في‮ ‬النضال من أجل الديمقراطية والإصلاحات السياسية وإطلاق حرية العمل النقابي‮.‬ كانت انتفاضة مارس ‮٥٦٩١ ‬انتفاضة للشعب كله من مختلف المناطق،‮ ‬بدءا من المحرق مرورا بالعاصمة المنامة وجزيرة ستره وانتهاء ببقية قرى البحرين‮. ‬والشهداء الذين قدمهم الشعب في‮ ‬تلك الانتفاضة قربانا لقضية الحرية والديمقراطية‮ ‬يتحدرون من مختلف تكوينات الشعب،‮ ‬ولم‮‬يقتصروا على طائفة بعينها‮.‬ وإذا كانت هيئة الاتحاد الوطني‮ ‬قد قِيدت من قبل الشخصيات الوطنية التي‮ ‬تميزت بدرجة عالية من المهابة والكاريزما السياسية والمقدرة على التأثير في‮ ‬الجماهير وتحشيدها في‮ ‬النضال الوطني،‮ ‬فان‮ »‬نجاح‮« ‬سلطات الحماية البريطانية في‮ ‬تصفية الحركة باعتقال،‮ومن ثم نفي‮ ‬وسجن قادتها،‮ ‬أدى إلى نشوء فراغ‮ ‬سياسي‮ ‬في‮ ‬البلد،‮ ‬كان‮ ‬يمكن له أن‮ ‬يطول لولا أن التنظيمات الوطنية السرية التي‮ ‬تشكلت في‮ ‬منتصف الخمسينات مثل جبهة التحرير الوطني‮ ‬والتنظيمات القومية،‮ ‬وبعضها تشكل في‮ ‬قلب حركة الهيئة،‮ ‬قد نهضت بعبء قيادة الانتفاضة،‮ ‬وتحويلها من حركة عفوية في‮ ‬بداية اندلاعها إلى حركة منظمة،‮ ‬تجلت فيها كل مظاهر الانتفاضة في‮ ‬شروطها المعروفة من العصيان المدني‮ ‬الشامل إلى الإضراب عن العمل والتوقف عن الدراسة والمسيرات الحاشدة ومظاهر الحداد الاحتجاجي،‮ ‬لا بل واستخدام السلاح ضد الرموز المجسدة للحماية الأجنبية،‮ ‬ولو في‮ ‬نطاق محدود‮.‬ وكانت لافتةً‮ ‬المشاركة الواسعة والمشرفة للمرأة البحرينية في‮ ‬تلك الانتفاضة،‮ ‬حيث كان للنساء دور مشهود في‮ ‬فعالياتها المختلفة،‮ ‬وهو الأمر الذي‮ ‬اظهر ومنذ وقت مبكر استعداد نساء بلادنا وحماسهن لأن‮ ‬يكن دوما في‮ ‬قلب الكفاح لا من اجل حقوقهن كنساء فحسب،‮ ‬وإنما في‮ ‬مجمل النضال الوطني‮ ‬والديمقراطي‮ ‬للشعب‮. ‬للحديث تتمة‮.‬
 
صحيفة الايام
6 مارس 2008