المنشور

الحرية النقابية

مع إن تشريعاتنا العمالية تؤكد على الحقوق العمالية والنقابية إلا إن الانتقادات التي توجه إلى هذه التشريعات كثيرة من بينها أنها لا توفر الأمن الوظيفي، أي أن العامل يفصل ولو تعسفيا ثم تحال هذه المسألة إلى المحاكم وبعبارة أخرى ليس هناك ما ينص قانونياً على الحماية من الفصل التعسفي!! أما فيما يتعلق بالعمل النقابي فهناك مادة صريحة وواضحة أضيفت إلى قانون العمل عام (2006) وهي المادة (110) التي تنص على عدم فصل العامل من عمله بسبب نشاطه النقابي على أن تقضي المحكمة بإعادة العامل إلى عمله وتعويضه عن فترة الفصل متى ثبت أن فصله من العمل كان بسبب نشاطه النقابي. ما نريد قوله من هذه المقدمة هو إن الفصل التعسفي يهدد العامل في كلا الحالتين وما يهمنا هنا هو الحالة الثانية أي النشاط النقابي الذي لا ندري لماذا يطارد هذا الحق في القطاعين الحكومي والخاص؟
صحيح انه من حيث القانون يحظر فصل العامل من عمله بسبب نشاطه النقابي إلا انه ومن حيث الواقع كثيراً ما يتعرض هؤلاء النشطاء إلى مضايقات وتهديدات بل والى التجميد والفصل أيضا وكم من النشطاء النقابيين فصلوا من عملهم بقرارات إدارية متعسفة لا تأبه بالقانون ولا بسوق العمل الذي يشهد في هذا الوقت إصلاحا بدأ بإصلاح التعليم والتدريب والتأهيل وإقرار نظام الضمان الاجتماعي الذي تعد البحرين سباقة في تطبيقه على الصعيدين الخليجي والعربي.فإذا كانت الحرية النقابية مكفولة فلماذا لا تصدق وزارة العمل على الاتفاقيتين الدوليتين ونعني من ذلك الاتفاقية رقم (٧٨) الخاصة بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم والأخرى رقم (٧٩) المتعلقة بتطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.. لماذا لا نزيل الحظر على تشكيل النقابات في القطاع الحكومي؟؟ حقيقة هناك فجوة كبيره بين الوضع النقابي وبين الحرية النقابية السائدة في البلاد!!
وعلى هذا الأساس كانت التدابير الإدارية بحق النقابية نجية عبدالغفار نائبة رئيس نقابة البريد مجحفة، والأقسى من ذلك إن هذه النقابية التي تدافع عن حقوق ومصالح العاملين في هذه الدائرة الرسمية هددت بالفصل في حال اتصالها بالصحافة ووسائل الأعلام وفضلاً عن هذا وضعت فيما يشبه بالحبس الانفرادي مجردة من مهامها الوظيفية وممنوعة من الكلام مع الموظفين!! وإزاء هذه المشكلة كم تمنينا من إدارة البريد أن تعلق وتوضح وجهة نظرها حول هذه القضية التي تناولتها الصحف المحلية باهتمام فضلا عن الاعتصام الجماهيري التضامني معها.
إذن من الواضح إن مسألة نجية التي يجري التحقيق في قضية لها علاقة بحرية التعبير على نحو ما اتبع مع النقابي جمال عتيق رئيس نقابة البريد ليست إلا نموذجاً للضغوط المتزايدة على الحرية النقابية!! ولأننا لم نكفل هذه الحرية في القطاع الحكومي فإن التعسف والظلم حتماً سيطال مواقع نقابية أخرى مثلما طال البريد!! بعبارة أكثر وضوحا، إذا كان قانون النقابات يعد قانونا متقدماً لما يحتويه من حماية وإنصاف لحقوق النقابيين فان الحرية النقابية ستظل ناقصة طالما إنها محظورة في القطاع الحكومي ولاشك أن هذا المنع ليس في صالح البحرين.
 
صحيفة الأيام
16 فبراير 2008